خواطر طائرة وسابحة

0 94
كتب: طلحة جبريل
.
هذه كتابة خارج الأزمنة والأمكنة. هي كتابة منفلتة وخارج السياقات.
كان مطلوباً أن اتحدث لمجموعة من المحررين عن رؤى مهنية.
راقني أنهم اختاروا بناية مرتفعة تطل على النهر القديم.
تأخر الاجتماع عن موعده.
في بعض الأحيان بسبب حركة المرور المتثاقلة في المدينة، والتوسع الأفقي العشوائي، يكون الالتزام بالوقت ترفاً.
في الوقت الضائع صعدت إلى سطح البناية.
رحت اتأمل النهر.
مشهد بديع ،جميل، رائع.
كان طبيعياً أن أكتب عن”الماضي” الذي بقى في تلافيف الذاكرة.
كان الوقت نهاراً، خلقت خيوطه المشعة لوحةعلى سطح النهر.
تنساب الأمواج في هدوء، على الرغم من أن فصل الخريف في أوجه.
عندما يزمجر النهر وتتدفق مياهه في البلدات والقرى يأتي بالتماسيح الحقيقية بعد أن أتعبت الناس”التماسيح البشرية”.
اتأمل النهر ، خاصة حين يتلوى في مجراه .
مشهد آخاذ لايستعصي على الوصف، لكن لم أجد أفضل وصفاً من كلمات الشاعر الذي عشق النهر القديم ، من يكون سوى محمد الفيتوري. تأملوا ماذا قال :
فداً لعيني طفلةٍ
غازلتْ دُمُوعُها
حديقةً في الخيالِ
شُمْسُكَ في رَاحَتِها
خصلةٌ طريّةٌ
من زهر البرتقال
والنيل ثوبٌ أخضرٌ
ربّما عاكسه الخصر
قليلاًَ فمال.
رحت أتأمل وأسبح بالخيال فوق أمواج التذكر.
تذكر سنوات الطفولة التي كانت على حافة النهر .
حقاً”
حين يكبر الإنسان ويدخل في تعقيدات الحياة يبدو له عالم الطفولة وكأنه كان فردوساً جميلا”.
أخال بأن الكاتب في بعض الإحيان يكتب تحت ضغط الحنين إلى هذا الفردوس.
تعود إلى تأمل النهر . تتوهم أنك تصيخ السمع لمغنية ينطلق صوتها في هدأة الليل البهيم ، وهي تترنم بأغنية تحدث رعشة الطرب.
احياناً يأتي صوت مغنٍ، قوياً يحفز المستمعين على الرقص بعد الإنتشاء.
قسمت ضفاف النهر، الناس
لثلاث مجموعات، الأولى تكتب الشعر ، الثانية تغني الشعر احترافاً أو هواية، ثم المجموعة الثالثة
تنتشي بالغناء.
تتذكر وأنت تتأمل النهر مجتمع القرية، تلك البيئة التي تحبها كثيراً، وتظن أنك عشت فيها سعادة كاملة.
سعادة الطفل الذي يعمل في الحقل، ويطرب لصوت الرياح وأصوات الطيور.
يعشق حيوانات القرية من ماعز ونعاج. طفل يعتقد أن أفضل حيوان عرفه في سنوات الطفولة، هو الحمار.
نعم الحمار الذي كان وسيلة النقل الوحيدة. ينقل الطفل إلى حيث يريد ، لا يكل ولا يمل .
تأمل النهر يجلب لك صوراً ذهنية من قاع الذاكرة. صورة الطفل الصغير الذي ينتشي حين يأتي النيل محملاً بالطمي، ينحني ليشرب من الماء العكر ويدس تمرات في جيبه يداري بها الجوع حين يعمل في الحقول. يستنشق هواءً عليلاً، هواء البرسيم والقمح والذرة.
تلك الأيام كانت أياماً.
***********
كائن ظلمه البشر
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏وقوف‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.