دسيس مان .. عدالة و قانون ندِّيك.. محامي نجاسفها ليك! ..

0 78

لبني احمد حسين

تناقلت الصحف الورقية و الكترونية و تبعتهم السوشال ميديا أن المواطن محمد يحيّ، احد ايقونات الثورة و الشهير بدسيس مان قد حكم عليه بالسجن اربعة اشهر و بالغرامة عشرة الف جنية و في حالة عدم الدفع السجن شهرين. و يقول الخبر المنشور بصياغة واحدة في مختلف الصحف أن التهمة التي أُدين بسببها دسيس هي تهديد رجل شرطة بالفصل.
علمتني التجربة الصحفية أن أضع خطين تحت الاخبار التي تنشر علي الصحف بدون اسم الصحفي الناقل للوقائع. و كذلك الاخبار التي تنشر بصيغة تحريرية واحدة، فالغالب ان جهة واحدة دفعت بالخبر جاهزاً لمختلف الصحف و هي تريد النشر دون استعداد للادلاء بمزيد من التفاصيل ..و ذلك ما كان بالنسبة لخبر محاكمة دسيس مان العاجلة. حيث بدا الخبر و كأنه نسخ و لصق خاصة و أنه لم يذكر اسم الشاكي كخصم أنما ” الشرطة “.
تفاوتت ردة الفعل و الآراء ما بين متحامل علي الشرطة بان الدافع هو الانتقام لجلالة”:”كنداكة جات بوليس جرا” ” و متحامل علي دسيس بسبب تغنيه للدعم السريع” دعم دعم دعمن دعما” و بين من راي ان شعار الثورة حرية سلام و عدالة فلتاخذ العدالة مجراها لأن دسيس هدد ضابط شرطة و عموماً له حق الاستئناف.. و ما كنت لاكتب لو اقتصرت محاكمة دسيس بين جدران المحكمة، غير انها تجاوزت جدر المحكمة و السجن بنشر صورة قرار المحكمة و تعميم الخبر علي الصحف و الملأ . فيحتم علينا العدل و الانصاف ان نعيد قراءة الخبر.
لم يتجرأ من تطوع بنشر صورة قرار الحكم علي الانترنت ان ينشر الحيثيات..و خلت المحكمة من محام، وليس هناك ما يؤكد استماع المحكمة الى شهود الدفاع و لا أدري هل هي محاكمة عادية أم ايجازية..و يا عيب الشوم علينا ان كانت محاكمة ايجازية في عهد الثورة.
بدا لي الخبر كخبر تهديد رجل لكلبٍ بالعض .. لان المنطقي هو أن التهديد يأت من القوي علي الضعيف .. رجل اعمال شهير او رجل دولة أو سلطة يمكن ان يهدد ضابط شرطة بالفصل، ذلك معقول. فادوات التهديد هي المال و السلطة و السلاح. يملك منها الضابط الشاكي علي الاقل،اثنتين . فماذا يملك دسيس مان لتهديد من هو اقوي منه و بعرينه بالرفد؟ ما الادوات التي يمكن ان يستخدمها رجل ضعيف لتهديد رجل قوي ؟ فرجل الشارع العادي ليس له غير “القانون” و “الرأي العام” ليهدد بهما و تلك ادوات مشروعة. فالذي يري ان الراي العام و القانون “مُهدد”.. عليه ان يتحسس مسدسه.. و ذلك ادعي لجعلنا نعيد قراءة الخبر.. فدسيس مان لم يقل سافصل راسك عن جسدك.. و لم يك هناك محام و شهود دفاع لاثبات هل قال دسيس للضابط” كلامك دا حيفصلك”او قال “انا حافصلك” و في الروايتين.. هل يتم فصل الشرطي بلا قانون؟
تنص المادة 103 من القانون الجنائي التي حُوْكِم تحتها دسيس مان: تهديد الموظف العام ” من يوجه الى موظف عام تهديداً بالاضرار به لحمل ذلك الموظف على القيام بعمل يتعلق بوظيفته او الامتناع عنه أو تأجيله ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سنة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً”. فما هو الفعل الذي نوى دسيس مان ان يفرضه على الضابط او يمنعه من فعله؟ ذلك ما كان علي الشاكي اثباته لو حضر محام عن دسيس مان. اللهم الاّ ان كان للتهديد معان أُخر .
عموماً قضية دسيس تٌذكرنا بضرورة ضبط او الغاء المحاكمات الايجازية العاجلة المطلوق لها العنان حسب قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م في كل الجرائم عدا الجرائم التي عقوبتها الاعدام . المواد 175-176و 177 تعطي للقاضي بل تنص صراحة المادة 177 على عدم ضرورة تدوين البينة و لا تحرير التهمة و صاحبة هذة الاسطر لها قضية امام المحكمة الدستورية ضد المواد الثلاثة المذكورة سالفاً منذ عشر سنوات. حيث تغمط المحاكم الايجازية عادة حقوق المتهم في الاستعانة بمحام و الاستماع الي شهود دفاع.. او تدوين الحيثيات الكافية و اللازمة للاستئناف .. فهل يتناسب هذا مع شعار ” حرية سلام و عدالة؟ صحيح ان نوع من المحاكم السريعة موجودة حتى في الغرب و لكن يُعطى المتهم حق الاختيار بين جرجرة المحاكم العادية او المحكمة السريعة .. كما انها في قضايا بسيطة مثل استغلال البصات العامة او المترو بلا تذاكر.. لكن اطلاق المحاكم الايجازية و دون ان يعلم المتهم او حتى محاميه ان وجد ان المحكمة التي يقف امامها ايجازية، فذلك هو الاستهتار بالعدالة .. و هذا ما حدث معي شخصياً حيث رفض القاضي الاستماع الي شهود دفاع رغم ان القضية كانت تحت سمع و بصر كاميرات العالم ، فما بالك بما يتم في الظلام؟
لا أدعو لمسيرة او موكب، فأشم ان الموضوع اصلاً استدراج ، انما أدعو للوقوف مع دسيس مان في محنته فقد رسم البسمة على وجوهنا في زمن عصيب .. و لا أشك ان اكثر من محام قد تبرع للدفاع عن دسيس في مرحلة الاستئناف .. و أقول : أقلُّوا اللوم عاذل و العتابا.. و قولوا ان اصاب لقد أصابا .. فبعد مخاطبة الفريق حميدتي لورشة حقوق الانسان التي نظمتها “اليوناميد”،لا أحمل على دسيس التغني وسط جنود الدعم السريع. كما أن هناك أكثر من واحد من مدنيي مجلس السيادي لا ينقصهم الا الترنم:دعم دعم دعمن دعما! ..
و كفارة يا دسيس لا أشك أن زملاء السجن سعداء بك هذه الايام ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.