رباعية الايغاد تطرح خططها للحل السلمي وتصطدم بالدولة العميقة

تضائل فرص الحل السياسي في السودان

0 148

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات

تقديم : عقد رؤساء دول المجموعة الرباعية الخاصة بالوضع في السودان اجتماعا في كينيا بمشاركة كل من الرئيس الجيبوتي ورئيس الدورة الحالية للايغاد اسماعيل غيلي ورئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، بجانب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسي فكي ووزير الدفاع الاثيوبي أبرهام بلاي.
– قرر الاجتماع تنظيم طاولة مستديرة، وجها لوجه بين الأطراف المتحاربة في السودان.
– كلف اجتماع اللجنة الرباعية هيئة الإيغاد تسريع المشاورات لرسم خريطة طريق توضح جدول الأعمال والمكان وتحديد المشاركين والمسائل الأخرى ذات الصلة لدعم حوار سياسي يحدد بوضوح مسار عملية سياسة يملكها ويقودها السودانيون.
– كشفت المجموعة في بيانها أن الترتيبات تشير إلى توحيد جميع المبادرات من أجل السلام بالسودان في إطار يعالج الصراع بشكل شامل ودعا الجهات الدولية الفاعلة إلى دعم منصة واحدة وشاملة تقودها الإيغاد .
تحليل:
• سبق اجتماع الالية الرباعية للإيغاد لسلام السودان تصريحا للرئيس الكيني وليم روتو أكد فيه تراجع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن اتهام كينيا بالانحياز إلى طرف في الصراع واستعداده للتعاون مع مبادرة منظمة إيغاد وبمشاركة مصر ودول الجوار والسعودية وأميركا من خلال التنسيق بين كل هذه المبادرات للوصول إلى حل , وذلك بعد مكالمة هاتفية بينهما مهدت لاجتماع الرباعية ومخرجاتها وأحيت الامل في إمكانية نجاح الجهود السلمية , لكن سرعان ما بددت وزارة الخارجية السودانية الآمال بتجديد رفضها رئاسة كينيا للجنة الرباعية الخاصة ببحث الأزمة السودانية في سياق مبادرة ايغاد بجريرة انحيازها للدعم السريع ، واستضافتها لقيادته التي تطاردها عقوبات دولية في إشارة لعبدالرحيم دقلو، مهددة بالانسحاب من المنظمة في حال لم يتم سحب كينيا من رئاسة اللجنة
• يعيد بيان الخارجية السودانية الرافض لمخرجات الايغاد بعد موافقة قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عليها التساؤل حول سيطرة عبد الفتاح البرهان علي جهاز الدولة ومدى تغلغل قوي الحرب التي يمثلها الإسلاميون وعناصر النظام القديم في الجيش وتحكمهم في مسار الحرب , وهو أمر تكرر كثيرا أثناء حصار البرهان افي القيادة العامة , وقد يفسر تضارب تصريحات البرهان حول العملية السياسية , وقرارته الإدارية ضد الدعم السريع الى وجود مراكز قوى داخل الدولة تنازعه السيطرة , ويتخوف من ردود أفعالها في حال استمراره في مسار الحل السياسي بمعزل عنها وإقدامه علي الوفاء بالتزاماته الدولية والإقليمية التي هيأت له ممرا امنا من الخرطوم لبورتسودان .
• هذا التضارب، لا ينفصل عن زيارات البرهان الخارجية لجوبا والقاهرة والدوحة على التوالي ,واستعداده لزيارة ارتريا , والتي كانت بترتيب من وزارة الخارجية وجهاز المخابرات الذي يسيطر عليه الإسلاميون, ويتبع تصنيفهم للدول الحليفة, على نقيض تشاد واثيوبيا وكينيا والسعودية والامارات , التي تصنف كدول داعمة لقوى الحرية والتغيير وضد عودة الإسلاميين للسلطة .
• تشير بعض المعلومات علي وجود مخطط لتقديم طلب رسمي لزيارة البرهان للسعودية بمجرد وصوله لعاصمته الإدارية الجديدة , ويضغط طاقم مستشاري البرهان لتأخير طلب الزيارة في رهان على تشكيل تحالف إقليمي جديد بقيادة مصر ، يدعم استمرار مصالحهم في السلطة وسيطرتهم على جهاز الدولة ,سواء كان من خلال إيجاد مركز تفاوضي جديد أو عبر توفير الدعم للاستمرار في استراتيجيتهم الحربية المستهدفة القضاء على قوات الدعم السريع واستعادة المراكز السيادية في الخرطوم .وفي كلتا الحالتين , تتوافق هذه السيناريوهات – استراتيجية الحرب والسلام التي برع فيها رجال النظام السابق لثلاثين عاما , يستجيب هذا التصور لطموحات البرهان الشخصية في الاستمرار في الحكم , كقائد منتصر في الحرب أو كرجل سلام منقذ للبلاد, وهو ما يفسر تباين مواقفه السياسية المعلنة .
خلاصة :
– تعدد مراكز القوى في جهاز الدولة المدني والعسكري والذي يميل لصالح الإسلاميين وعناصر النظام القديم, وبراغماتية البرهان ورغبته الجامحة في الاستمرار في الحكم ، تشكل في مجملها عقبة رئيسة أمام جهود التسوية السياسية التي تتقاطع عند رفض عودة قوى النظام القديم وواجهاته المتعددة الى السلطة , وستجعل من استمرار الحرب هو الخيار الوحيد بكل تداعياته الكارثية على السودان والمنطقة , خصوصا مع استمرار التعبئة الاجتماعية والاثنية قوميا وظهور تحالفات جهوية وقبلية على أسس عرقية , مما يضع القوي الإقليمية والدولية أمام خيارات تتجاوز عملية بناء وصناعة السلام التي تعطلت جهودها حتى الان .
– مع فشل كل الأطراف الداعية الى وقف الحرب بما فيها الأطراف الدولية والإقليمية ، باتت الأمور تتجه نحو الفوضى الشاملة , ليس فقط بسبب وصول طرفي الصراع الى قناعة بان الحسم العسكري هو مدخل الحل السياسي , ولكن أيضا بسبب بوادر خروج الحرب عن سيطرة الطرفين بمشاركة الالاف من المدنيين المستنفرين للقتال بدوافع مختلفة ، وتحولها لبيئة مثالية لكل أصحاب الاجندات الحزبية الخاصة بما في ذلك الشخصية منها , والجماعات الجهادية , الى جانب الصراعات القبلية علي الموارد والغذاء في ظل انهيار جهاز الدولة وعجزه عن الوفاء بالموازنات المقررة للولايات او سداد “الأجور والمرتبات ” منذ أكثر من خمسة شهور ، وهي شروط مواتية لانحراف الحرب عن أهدافها السياسية ودخولها مرحلة الفوضى .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.