رسالة في بريد جيش الوطن!

0 124
كتب: منعم سليمان
.
بلادنا تعيش حالة من القلق والتشابك والالتباس أنتجت حالة من السيولة، هذه الحالة أغرت أناسٍ بلا وزن أو قدرات لتسلق المشهد؛ محاولين فرض أنفسهم كمُعبِّرين عن إرادة الشعب، كما أغرت بعضِ الكيانات المنبوذة شعبيِّاً والأحزاب فاقدة الرصيد الجماهيري لاختطاف اللحظة وتمرير أجندتها بالأكاذيب والشائعات، ولا يزال فلول النظام السابق والشيوعيون يضغطون على أصابعنا بقوةٍ كلما حاولنا الخروج من الهاويِّة لكي نسقط مُجدداً إلى قاع الكراهية والانتقام، رغم أنّ الفئتين استخدمتا الإنقلاب للوصول إلى السلطة، الشيوعي بالعقيد النميري والكيزان بالعميد المعزول!
وفي ظل هذا المناخ الرديء المحتشد بحملات التخوين والشائعات والأكاذيب تنحسر المسافة بين الواقع والحلم وبين الماضي والحاضر، فيتم تصوير حملات الوقوف مع جيش البلاد ومساندته في معركته للدفاع عن البلاد واسترداد أراضيها خيانة ووقوفاً مع أعداء الثورة، حتى لو كانت مساندتك هذه لجيش بلادك ضد الغزو الخارجي- وإنّا للوطن وإنّ المزايدين لفي ضلال مبين!
في المقابل هناك غالبية ديمقراطية أزعم بانتمائي إليها؛ لديها أسبابها المنطقيّة في عدم الثقة بالجيش؛ لكن ليس عندما يتعلق الأمر بغزو خارجي واعتداء على البلاد، وأهم هذه الأسباب، إنّ بعض قادة الجيش ظلوا – تاريخياً – يقبلون بأن يصبحوا مطيّة لوأد أحلام الشعب بالحرية والديمقراطية، وأن يمثلوا أداة البطش وآلة لقتل الشعب الأعزل، وخوض حروب أهلية داخلية كتلك العبثية التي شنها الرئيس المعزول وحزبه ضد شعب الهامش في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق، ثم أخيرا وقوف الجيش موقف المتفرج بعدم حماية الثوار، حيثُ بلغ الأمر حد اتهامه بالتورط في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، إضافة إلى بُعده وعزلته عن الشعب في معركة البناء والتعمير، وعدم اعتذار قيادته عن الجرائم التي ارتكبت باسمه، وتصريحات بعض قادته الحاليين وانتقادهم الدائم للحكومة المدنية الانتقالية والتي لا يُمكن تفسيرها إلاّ بأنها تستبطن نوايا لإفشال الحكم المدني والانقضاض على الديمقراطية الوليدة واجهاضها، كل هذه الأسباب وغيرها خلفت حالة كبيرة من التوجس وانعدام الثقة بين الجيش والشعب، وحدها قيادة الجيش تستطيع إزالتها.
ولكن هذه ليست لحظات للتلاوم والتنابز وإنما لحظة لتوحيد الصف، لذلك لن نقصم ظهر جيشنا وسننقف معه بقوة وهو يدافع عنا وعن سيادة الوطن ضد الغزاة المُحتلين، فالجيوش إنما هي للحفاظ على البلاد وحماية أرضها وشعبها، وهو واجبها المُقدس والأول والأخير، الذي نثمنه كثيراً وندعمه بقوة حتى تحرير أي شبر محتل من بلادنا، وبعدها فلنتواثق على مصالحة تاريخية عظيمة، تنقلنا إلى مصاف الأمم المتحضرة وتنقل جيشنا إلى مصاف الجيوش القويِّة المحترمة، فالجيوش لا تتطور ولا تتقدم إلاّ في ظل الحرية وتحت الحكم الديمقراطي، وعلى قادة الجيش أن ينتهزوا هذه اللحظة الوطنية الفارقة؛ وهذا التلاحم الشعبي الكبير ليثبتوا لهذا الشعب إن الجيش قد عاد كما تأسس لحماية البلاد والشعب؛ وإنه سيظلّ حارساً لإرادته وحلمه في الحرية والانتقال الديمقراطي الآمن، فلا يوجد أحداً يقبل مرة أخرى بمعايشة حياة سياسية يكون للجيشٍ يدٍ فيها، هذه هي الحقيقة التي نحن على استعداد للتضحيِّة بالروح من أجلها كما يضحي أبطال جيشنا الآن بالجبهة الشرقية، ولنجعل الدم سوداني واحداً.
إنّ الشعب السوداني يقف على قلب رجل واحد وامرأة واحدة مع قواته المسلحة في معركتها من أجل استرداد أراضينا المحتلة، وسيدعم جيشه بكل ما يملك من أجل تحقيق هذا الهدف، عدا قلة قليلة (لا تهش ولا تنش) تريد أن تشيع بيننا روح الهزيمة والخنوع فلها بمثل ما تريد، وقد ساءني جداً أن أشاهد اليوم تحليلاً فطيراً لأحد البائسين من أصحاب نظرية المؤامرة الُمستمرة، كانت خلاصته أن إثيوبيا دولة شقيقة تُعادي دولاً تكن العداء لبلادنا، لذا وبحسب ما توصلت إليه عقليته العسكريِّة العبقريِّة الفتّاكة علينا أن لا ندافع عن أرضنا ونتركهم ومليشياتهم يعيثون خراباً ودماراً واحتلالاً لأرضنا، فقط لأنّهم أعداء أعدائنا!
وهل نأسى لعاهرة لأن غريمها قوادها؟؟… يا للبؤس!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.