شكراً سيادة الرئيس

0 50

كتب: طلحة جبريل 

.

اخترت أن أتوقف اليوم أمام محتوى ودلالات خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام المؤتمر العالمي من أجل السودان الذي عقد في باريس مطلع هذا الأسبوع.

أقول صادقاً وجازماً إن ذلك الخطاب حرك مشاعر السودانيين جميعاً، ليس بسبب ما حفل به من قرارات دعم ومساندة، لكن لأنه استعمل لغة مضمخة بالكثير من العواطف والإشارات، التي أججت مشاعر الناس في بلد النيلين.

تحدث ماكرون عن الثورة السودانية التي أسقطت نظاماً شمولياً قهر شعبه لثلاثة عقود تحت شعارات مغلفة بالدين، علماً أن الدين لا يمكن أن يكون حركة سياسية، إذ الدين يقين وعقيدة سماوية ويمكن لأي تيار سياسي أن يستوحي ما يشاء من عقائد السماء، لكن ليس من حقه استغلال هذه العقائد وسيلة إلى سلطة سياسية.

أعود إلى ماكرون، وما قاله.

نوه الرئيس الفرنسي بالدور الذي لعبته المرأة ليس لمشاركتها في المظاهرات، بل في قيادة تلك المظاهرات. قال ماكرون إن الثورة السودانية أظهرت للعالم أجمع بأن الشعوب يمكن أن تنتصر بالأشعار والأغاني. واستشهد بكلمات الروائي الطيب صالح وأغاني محمد وردي مغني الثورات والانتفاضات. وتحدث كذلك عن أشعار محمد الفيتوري ومحجوب شريف ومحمد المكي إبراهيم.

في سياق الدعم حتى ينهض السودان من رقاده الذي طال، أعلن ماكرون إلغاء ديون فرنسا المستحقة على السودان وتبلغ خمسة مليارات دولار، أكثر من ذلك حث المجتمع الدولي على ضرورة دعم جهود تسديد ديون السودان، وأعلنت الحكومة الفرنسية مساعدة البلاد في تسديد ديونها لصندوق النقد الدولي بقرض يبلغ مليار ونصف المليار دولار.

لعل المهم في توقيت حديث ماكرون أنه يتزامن مع حملة ضد ثورة سلمية، قدمت مئات الشهداء لكنها لم تنزلق أبداً نحو العنف، حملة من قوى رافضة لها في الداخل، ومن جهات في الخارج تعتبر الديمقراطية والتعددية السياسية ودولة المؤسسات توجهاً يفترض مناوئته. تلك الحملة كانت وما تزال عارمة وفي كل الأحيان ظالمة.

لعل المفارقة أن يحدث ذلك في حين جذوة الثورة مشتعلة والشهداء يسقطون في المسيرات السلمية، والحوادث ما زالت ساخنة والمشاعر التي أثارتها جيَّاشة، وكان من الأمور اللافتة أن مؤتمر باريس حضرته مجموعة من الشباب الثائر، ونوه بهم ماكرون أكثر من مرة.

سيبقىإيمانويل ماكرون في ذاكرة السودانيين إلى الأبد، لأنه لم يتذكر فقط شعار ثورتهم، بل نطقه بالعربية، ذلك الشعار الذي يتكون من ثلاث كلمات حرية وسلام وعدالة.

لا أريد أن أقول أكثر ولا أستطيع أن أقول أقل.

شكرا سيادة الرئيس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.