عشرات القتلى وآلاف النازحين من حروب «تنقيب الذهب» في دارفور

0 132

السودان نت ــ وكالآت 

تواصل ارتفاع عدد ضحايا الأحداث الدامية في إقليم دارفور بالسودان، والمستمرة منذ الأسبوع الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ووصل العدد حتى الآن إلى ما بين 150 و160 شخصاً، مع أكثر من 200 جريح، وإحراق أكثر من 50 قرية، ونزوح ما بين 10 آلاف و15 ألفاً، ولجوء نحو 8 آلاف شخص إلى دولة تشاد المجاورة، مع اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع بالضلوع في عمليات القتل الممنهج، فيما أكدت لجنة طبية ومنظمات حقوقية أن عدد القتلى تجاوز 88 قتيلاً، أغلبها بالرصاص.
وقال المتحدث باسم منسقية النازحين، آدم رجال، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن إقليم دارفور أصبح «خارج سيطرة الدولة»، وإن السكان المحليين يتوقعون الأسوأ، وتابع: «الأوضاع الآن أسوأ مما كانت عليه في الأعوام (2003 – 2004) التي اندلع خلالها النزاع في الإقليم»، وأضاف: «من يرتكبون الجرائم في دارفور هم جزء من الدولة، وهي جرائم مرتبة وممنهجة بعلم المسؤولين في الدولة».
وأرجع رجال تجدد الصراع في الإقليم إلى تجدد صراع الموارد، موضحاً أنه لم يعد مجرد مشكلات قبلية بين المزارعين والرعاة، بل دخل «الذهب والمعادن النفيسة» جزءاً من الصراع، وقال: «الصراع في منطقة (جبل مون) قديم، لأن المنطقة غنية بالذهب والموارد المعدنية الأخرى»، وتابع: «الحكومة تريد استخراج هذه المعادن، وتجد معارضة من السكان المحليين، لذلك تسعى إلى تهجيرهم».
وأوضح رجال أن الصراعات التي يشهدها الإقليم في شمال دارفور، وفي غربها وجنوبها، هي صراعات على الموارد الطبيعية، تدعمها قوات حكومية، «قوات الدعم السريع» على وجه الخصوص، وقوات تابعة لحركات مسلحة موقعة على اتفاقيات سلام. وأضاف مؤكداً: «قوات الدعم السريع الموجودة في دارفور كانت جزءاً من الصراع في جبل مون، تدخلت بـ4 سيارات مسلحة رباعية الدفع في معارك جبل مون، وعشرات العربات في منطقة كرينك، بخلاف الدراجات النارية والجمال والخيول».
ووجّه رجال اتهامات لأحد قادة الميليشيات بقتل عدد من المواطنين في منطقة «منواشي»، حيث أبلغ مواطنون الشرطة باعتداء مواشيه على مزارعهم، فاستردها من الشرطة بالقوة. وقال رجال: «أصحاب المواشي جزء منهم تابع للدعم السريع، وأحد قادته هدد الشرطة وأخذ مواشيه المضبوطة، قبل أن يطلق النار على المواطنين الذين أبلغوا الشرطة، وهو موجود الآن في منواشي».
وأرجع العنف في دارفور إلى رغبة جهات حكومية وقّعت اتفاقيات مع شركات أجنبية للتنقيب عن الذهب في جبل مون، في تهجير المواطنين لتخلو لهم الأرض، وقال: «إن الدعم السريع وحركة تحرير السودان الموقعة على اتفاقية سلام مارسوا عمليات تهجير ممنهج ضد السكان المحليين». واستنكر المتحدث باسم النازحين ضلوع قيادات في الدولة، وعلى رأسهم والي ولاية غرب دارفور في القتال الجاري هناك، وقال: «حتى من وقعوا السلام أصبحوا جزءاً من المشكلات في دارفور»، وتابع: «كل هذه القوات لا تهتم بالشعب ولا توفر له الحماية، بل تعمل على حماية مصالحها، لأنها تتبع لأشخاص وقبائل وليست على أساس وطني، وهو سيناريو يجري تسويقه في شرق السودان وجبال النوبة».
وشدد رجال على أهمية تكوين حكومة مدنية تحتكم لدستور قومي، حكومة تقوم على المواطنة وتحمي المواطنين وتصون أمن ووحدة البلاد، وقال: «منذ خروج المستعمر لم يُحكم السودان بدستور قومي يحدد كيف يُحكم السودان وليس من يحكمه»، وتابع: «نحن بحاجة لحكومة مدنية تحفظ أرواح المواطنين الذين يموتون يومياً برصاص القوات التي يفترض أنها تحميهم».
ونقلت «سودان تربيون» المستقلة، بدورها عن هيئة محامي دارفور، الأربعاء، مقتل 54 في «كرينك» و30 قتيلاً في «حفير روسي» بين كرينك ومدينة الجنينة، وجثث غير محصاة من الطرف الآخر في النزاع، وقالت ناسبةً إلى السكان المحليين إن عدد قتلى كرينك وحدها بلغ 54 قتيلاً، إضافة إلى 28 قتيلاً في منطقة حفير روسي، وإن 25 من القتلى تابعون لقوات التحالف السوداني، وهي قوات يقودها حاكم دارفور خميس عبد الله، و5 قتلى بينهم 3 نساء في منطقة «مستري».
وبدأت أحداث كرينك في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتفاقمت تباعاً حتى أول من أمس (الأربعاء)، فيما شهدت منطقة جبل مون عمليات واسعة الشهر الماضي، أودت بحياة كثيرين، وأدت لنزوح ولجوء آلاف السكان المحليين، إلى معسكرات اللجوء والمنشآت الحكومية ومعارفهم في المدن، فضلاً عن عبور آلاف للحدود مع تشاد لاجئين.
والثلاثاء الماضي، قرر مجلس السيادة تكوين قوة مشتركة من الجيش والدعم السريع والمخابرات العامة والشرطة، ومقاتلين من الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا بصلاحيات واسعة، لحفظ الأمن والاستقرار في الإقليم المضطرب. ونقلت «تربيون» عن رجال قوله: «لن تحل هذه القوة الأمن، فهي كلمة حق أريد بها باطل، فالقوات الموجودة الآن في دارفور كافية لحفظ الأمن في الإقليم».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.