في ذكري 8 مارس: انتزاع حقوق المرأة مرتبط باستمرار الثورة..

0 72
.

1

لا شك في أن تحرير المرأة السودانية، وانتزع حقوقها رهين باستمرار الثورة ، ومواصلة الصراع من أجل استكمال وتحقيق أهدافها في الحرية والعدالة والسلام ، وتحقيق مهام الفترة الانتقالية في مختلف الجبهات الاقتصادية والسياسية والثقافية والنوعية ، فتحرير المرأة كان ولازال مرتبطا بتحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والثقافي والديني والاثني والنوعي. علما بأن تقدم المجتمع كما أشار ماركس يُقاس بمدى تقدم وتحرر المرأة ، وأن عمل النساء في حد ذاته تقدمي باعتباره الشرط المسبق لتحرير النساء من الحدود الضيّقة للمنزل والأسرة، والطريق الوحيد لتحرر النساء وجميع فئات المجتمع المضطهدة يمر عبر القضاء علي النظام الرأسمالي، ويتطلب الوحدة بين الرجال والنساء في النضال ضدها ، والوقوف ضد صراع المرأة ضد الرجل.، وأن التحولات الاجتماعية العظيمة مستحيلة دون مشاركة النساء في الثورة.

كما أن عملية تحرير المرأة لا ننظر إليها فقط من الزاوية الاقتصادية ، بل من الجانب الثقافي المكمل الذي يتمثل في الصراع ضد المفاهيم البالية التي تكرّس دونية المرأة الممتدة من اضطهاد القرون في مجتمعات العبودية والإقطاع والشكل الحديث للاستغلال الرأسمالي الذي انبثق مع فجر الرأسمالية، والتي تحتاج لصراع فكري متواصل ضدها.

2

لايمكن الحديث عن نضال المرأة السودانية في يوم المرأة العالمي بمعزل عن نضال نساء العالم في ظل جائحة “كورونا” من أجل انتزاع حقوقهن في التعليم والأجر المتساوي للعمل المتساوي ، والعادات الضارة مثل : الخفاض الفرعوني ،وضد استغلال العمال والنساء والأطفال واستخلاص فائض القيمة منهم في ظروف عمل شاقة وغير انسانية ، والتمثيل العادل في كل المؤسسات الحكومية والتشريعية والحزبية والنقابية ، والحق في مستوي معيشة لائق وخدمات صحية تقيها شر المعاناة في الولادة والحمل ، فحسب احصاءات الأمم المتحدة للعام 2017 نلاحظ:

– 70% من فقراء العالم من النساء، أجور النساء تقل 25% عن أجور الرجال ، 600 مليون من النساء يعشن أمية كاملة، وتموت امرأة كل دقيقة في العالم بسبب الحمل والولادة. وفي ظل الحروب ثلاثة ارباع الضحايا من النساء والأطفال ، وتمثيل النساء داخل المؤسسات الحكومية والإدارية والسياسية في العالم لا تزيد علي 13%.

وفي احصاءات العام 2020 في العالم الثالث، حوالي 100 مليون طفل بين (6- 11 سنة) محرومون من الدراسة ثلثاهم إناث.، مما يتطلب ضرورة مشاركة المرأة في النضال من أجل وقف نهب البلدان الرأسمالية لثروات البلدان المتخلفة وافقارها من خلال شروط التبادل غير المتكافئ، واغراقها في المزيد من التبعية والتخلف وديون تجاوزت 2 ترليون دولار.

صحيح أن المرأة في نضالها الطويل حققت نجاحات مثل : الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية، والتمثيل في المجالس التشريعية والوزارية والوظائف العليا في الإدارة والخدمة المدنية والعسكرية، ورئاسة بعض الدول ، ومواثيق أعلنت عنها الأمم المتحدة علي سبيل المثال لا الحصر: :

– ا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979 ( سيداو).

– إعلان الأمم المتحدة عام 2000 حول تعزيز المساواة بين الجنسين.

– إعلان عام 2010 حول تمكين المرأة.

– إعلان عام 2011: القضاء على العنف ضد المرأة.

لكن إعلان المواثيق شئ وتحقيقها فعليا علي أرض الواقع شئ آخر، مما يتطلب الصراع من أجل تحقيقها.

كما أنه لا يكفي تحقيق انجاز (الكوتا) أو التمييز الايجابي للنساء ،لكن يجب ألا يكن أسيرات التصورات البورجوازية والبورجوازية الصغيرة للناشطات النسويات اللائي يحصرن نشاط المرأة في (الكوتا) ،والتمييز الايجابي ،رغم أهمية ذلك باعتباره مكسب انتزعته المرأة في نضالها الطويل ، بل يجب مواصلة النضال من أجل تغيير الأنظمة الديكتاتورية والقمعية التي تضطهد الكادحات من النساء في المصانع والمزارع ، وتبقيهن في سجن الجهل والأمية وثقل العادات الضارة بصحتهن وحسدهن والعمل المنزلي المفسد للعقل والجسد، والاستغلال الرأسمالي الفظيع للنساء العاملات لاستحواذ أكبر فائض قيمة منهن، وتقليل أجورهن بعدم تحقيق الأجر المتساوي للعمل المتساوي، ومصادرة حقهن في العمل النقابي، واجبارهن علي العمل لساعات طويلة بما فيها أثناء الليل، ، وتحقيق المساواة الفعلية مع الرجال ، وتحريرهن من الاستغلال والعبودية ، ورفض اعتبار المرأة سلعة ولترويج الإعلانات الجنسي وتجارة البشرللاستغلال الجنسي.

3

معلوم أن المرأة السودانية لعبت دورا كبيرا في ثورة ديسمبر، وقاومت نظام الإسلامويين الديكتاتوري الفاسد المعادي للنساء ، والذي مارس الاعتقال والتعذيب والتشريد من العمل والاغتصاب وكل أشكال القمع من جلد وفرض الحجاب والنظام العام الذي كان سيفا مسلطا علي الشابات لارهابهن من المشاركة في النشاط العام ، ومنعهن من الانخراط في الحركة الجماهيرية الهادفة الي انتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية، ورفع الغلاء وتحسين الأحوال المعيشية، وتوفير المستقبل ألافضل لفلذات اكبادهن، وعدم ارسالهم لمحرقة الحرب. كما يتم حرمان النساء من العمل الشريف بمطاردتهن في الأسواق لكسب العيش الكريم.، اضافة لحرمان أو تقليل عدد الطالبات في الجامعات من القبول في تخصصات محددة( الهندسة، الطب) ومعاناتهن في السكن والمعيشة، والتمييز ضد النساء في الترقي للمناصب العليا في الخدمة المدنية بمختلف الدعاوى.

اضافة لقانون الأحوال الشخصية الذي حرم حق المرأة من حرية اختيار الزوج، والسفر ولو لمهام رسمية الا بموافقة الزوج، كما عانت في مناطق الحروب من كوارث مثل: النزوح والجرائم ضد الانسانية مثل: حرق القري، والاغتصاب، والابادة الجماعية، ومآسي فقدان الأبناء والأزواج ( الأرامل). كما رفض نظام الانقاذ التوقيع علي اتفاقية “سيداو ” التي طرحت وضع حد لكل أشكال التمييز ضد المرأة.

كما عانت النساء العاملات من سيف التشريد المسلط علي رقابهن، حيث بلغت نسبة المشردات أكثر من 55% من مجموع المشردين أغلبهن في سن العطاء (25- 35 سنة)

وفي مصانع المناطق الصناعية بالعاصمة وبقية المدن تعاني العاملات صغيرات السن من استغلال فظيع ، حيث أن عقود عملهن باجور متدنية وبلا حقوق نقابية أو تنظيم نقابي، إضافة الي ضيق فرص العمل للخريجين والشباب ( حيث يقدر عدد الخريجات العاطلات باكثر من 53% من العاطلين)، هذا اضافة لانتشار ظاهرة الطلاق وظاهرة النساء السجينات حتي نشأ جيل جديد من المواليد في السجون.

وبرغم أن المرأة تشكل نصف المجتمع (49% من السكان)، الا أنه وبعد30 عاما من حكم الانقاذ ، كانت الأمية بين النساء في الريف 85% وفي المدن 60%، رغم ازدياد عدد الطالبات في الجامعات. اضافة الي رفض نظام الانقاذ التوقيع علي اتفاقية سيداو التي طرحت وضع حد لكل أشكال التمييز ضد المرأة.

كان نضال المرأة السودانية ضد نظام الإسلامويين الظلامي امتدادا لنضالها ضد الاستعمارمن أجل انتزاع حقوقها منذ بداية القرن العشرين، وبعد الاستقلال ، فقد ضربت بسهم وافر في ثورة اكتوبر 1964م، وانتزعت حق الانتخاب الذي قررته أول وزارة بعد الثورة وفازت فاطمة أحمد ابراهيم كأول امرأة سودانية تدخل البرلمان في دوائر الخريجين. وفي عام 1965م، انتزعت حق الأجر المتساوى للعمل المتساوى للرجل والمرأة ، وارتفعت مشاركة المرأة في القوات النظامية والسلك القضائي والدبلوماسي والتعليم العالي وارتفاع عدد الطالبات في الجامعات، في النشاط السياسي والثقافي والفني والمسرحي والرياضي.

4

بعد ثورة ديسمبر تواصل المرأة السودانية الصراع من أجل حق تمثيلها في المؤسسات الحكومية والتشريعية بنسبة 40% التي اقرتها “الوثيقة الدستورية” ، لكن لم يتم التقيد بها في تكوين الوزارتين بعد الثورة ، علي سبيل المثال :في المجلس السيادي (2 من 14)، في أول وزارة بعد الثورة عام 2019 (4 من 16) ، والوزارة الثانية عام 2021 ( 4 من 25 ، لم يتم اعلان وزير التربية)، وتعيين الولاة (2 من 18 والي )، ويبقي من المهم انتزاع الاستحقاق الدستوري بتمثيل المرأة بنسبة 40% في المجلس التشريعي القادم.

. وأخيرا، رغم النجاحات التي حققتها المرأة السودانية في انتزاع بعض حقوقها، والدور التاريخي الرائد الذي لعبه الاتحاد النسائي السوداني في ذلك، الا أنه ينتظرها الكثير من المعارك من أجل نجاح الثورة وتحقيق أهدافها في :

– الحكم المدني الديمقراطي ، وتحسين الأحوال المعيشية ، ورفض رفع الدعم عن السلع الأساسية والتعليم والصحة والدواء والخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي التي افقرت شعب السودان، وإلغاء كل القواين المقيدة للحريات، والقصاص للشهداء وضحايا مجزرة فض الاعتصام، السلام الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة ، ووقف الحرب والانتهاكات ضد المرأة والاغتصاب، والسيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة.

– النضال من أجل تحقيق مساواتها الفعلية التامة مع الرجل أمام القانون.

– التوقيع علي الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة مثل : “سيداو” والالتزام بتنفيذها.

– انتزاع قانون ديمقراطي للأحوال الشخصية يضمن حقوقها في القوامة والحضانة والشهادة والارث وعقد الزواج والطلاق والنفقة والأجر المتساوي للعمل المتساوي، والغاء القوانين التي تحط من كرامة المرأة مثل: قانون العقوبات للعام 1991م ، والغاء كل القونين والممارسات التي تبيح الاعتداء علي جسدها وكرامتها، والعادات الضارة، واعتبار الاغتصاب جريمة من جرائم الحرب.

– تحسين اوضاع المرأة النازحة بتوفير خدمات الرعاية الصحية ورعاية الأمومة والطفولة، وتأهيل ضحايا الاغتصاب، وعودة النازحين لقراهم، وإعادة الاعمار بتوفير خدمات التعليم والصحة والماء والكهرباء والخدمات البيطرية، وتحقيق السلام المستدام العادل والشامل الذي يخاطب جذور المشكلة ، وجمع السلاح ، وحل جميع المليشيات وجيوش الحركات وقيام جيش مهني قومي موحد، والمحاسبة علي جرائم الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية في مناطق الحروب، وتسليم البشير ومن معه لمحكمة للمحكمة الجنائية الدولية.

– والتوسع في تعليم المرأة وتدريبها وتأهيلها ، ومحو الأمية ، وتجاوز مناهج التعليم التي تكرّس دونية المرأة،.

– التقيد بنسبة تمثيل المرأة 40% في المؤسسات الحكومية و التشريعية حسب ما جاء في “الوثيقة الدستورية”.

وأخيرا كما أشرنا سابقا، أن تحرير المراة وانتزاع حقوقها، لاينفصل عن تحقيق أهداف الثورة ، وتحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والجنسي والديني والاثني والنوعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.