قال جبريل إبراهيم إنه لم يستلم مليماً واحداً من لجنة تفكيك التمكين: كضباً كاضب

0 93

كتب: د. عبد الله علي إبراهيم

.

قرأت مقابلة حسنة للصحافي سنهوري عيسى مع عبد الحفيظ محمد أحمد، مدير الأصول والأموال المستردة بوزارة المالية، لا أعرف من أنصف لجنة تفكيك نظام الإنقاذ مثلها. فردت الأمر رداً مؤسسياً أزال اللبس الذي زج جبريل إبراهيم، وزير المالية، الناس فيه بإعادته لحد الإملال مقولته إن وزارته لم تستلم مليماً أحمر من لجنة تفكيك نظام الإنقاذ. وهي مقولة بمثابة اللحم العبيط (النيء) الذي رماه لإخوته في الثورة المضادة ليرقصوا رقصة الذئاب الجائعة للثأر من الثورة.

وبدا التحقيق عجيباً مع ذلك. فهو كمثل من يقال عنه في الإنجليزية إنه يتحدث بجانبي فمه كليهما. فصدق نصه وكذب عنوانه البكر. فأبان عبد الحفيظ بحرفية علاقة الثالوث: لجنة التفكيك، ولجنة استرداد الأصول والأموال بوزارة المالية، ووزارة المالية بما كشف عوار مزاعم جبريل المخاتلة.

فسنرى أن المال المسترد بواسطة لجنة تفكيك نظام الإنقاذ قد أودع في حساب لجنة استرداد الأصول والأموال، التي هي إدارة في المالية، في انتظار إجراءات مؤسسية قبل أن ينتهي إلى وزارة المالية نفسها. والمُقَدِم هنا، لا كما نقول، موصل. ولو اتصف جبريل بالأمانة، أو الزمالة، لما شغل الناس بحزبيته المعروفة دون خلقية مهنية هي زينة الوظيفة التي طلبها بالسلاح. واستغربت أن يكون عنوان المقابلة الرصينة بعد كل هذا هو عبارة جبريل المخاتلة الخالق الناطق: “لم نستلم أي عائد من الاصول والاموال المستردة حتى الآن”. وحقيقة النص غير هذا العنوان المتصارخ (shouting).

فلا يتفق العنوان مع ما جاء في المقابلة عن علاقة لجنة إزالة التمكين ولجنة استرداد الأصول بالمالية وبوزارة المالية نفسها. فقال عبد الحفيظ لسنهوري إن لجنته التابعة لوزارة المالية هي المناط بها تسلم الأموال والأصول المستردة في حساب خاص تبع وزارة المالية. وتديره الوزارة عبر ديوان الحسابات وإدارة الأصول والأموال المستردة. وقال عبد الحفيظ إن وزارة المالية بالفعل لم تستلم فلساً واحداً من الأموال المستردة. والسبب مؤسسي وبسيط: فاختصاص المالية هو الأموال المعتمدة في الميزانية. وما استردته لجنة التمكين هي أموال خارج الميزانية. ولكن مصيره أن يودع في وزارة المالية بعد إجراءات قال عبد الحفيظ إنها “تأخذ وقتاً طويلاً وتأخذ زمناً، لكن الناس مستعجلين النتائج”.

وأحصت المقابلة المال المستلم من لجنة إزالة التمكين عددا. فقال عبد الحفيظ إنه دخل حساب لجنة الأصول والأموال المستردة في يناير الماضي مبلغ 78 مليون جنيه وعلى دفعتين. وبلغت جملة إيرادات العقارات المستأجرة 6 مليون جنيه حتى نهاية يونيو علاوة على موارد أخرى بلغت 5 مليون. وعليه بلغ اجمالي الاموال التي دخلت حساب الادارة حتى العشرين من يونيو نحو 129 مليون جنيه.

ولم يدخل خزانة وزارة المالية أيضاً ريع من الشركات المستردة التي صارت هي مالكاً لها. وكان أيضاً على وزارة المالية> مؤسسياً، أن تنتظر حتى نهاية السنة المالية 2021 للوقوف على أرباح هذه الشركات فتعود لها كمالك. ومع ذلك جاءت أرباح من شركة واحدة بمبلغ 84 مليون جنيه في حساب لجنة الأصول والأموال المستردة بوزارة المالية. ففوائد هذه الشركات ستذهب لوزارة المالية بعد تحويل ملكية الأصول والشركات المستردة وتوفيق أوضاعها. وأضاف عبد الحفيظ أنهم لم يصلوا حتى الآن لهذه المرحلة. وسيتضح الامر بنهاية السنة المالية وقفل كل الشركات المستردة لحساباتها.

إن نجاح الفترة الانتقالية برغم كل شيء سيبين فيما ستلقاه لجنة تفكيك التمكين في دولة الثورة المضادة من غِل بمثل ما لقيته في أيامها سلطانها حتى من بعض من هم في صف الثورة. فكلو في عرف البرجوازية الصغيرة ولا الطعن في المال من حيث أتى. فسبيل البرجوازية الصغيرة للغنى أن تحول السلطة إلى ثروة. والمال مال لا تفريق بين مآتيه. واضطرار العسكريين للقيام بانقلابهم التومهجوي الكئيب، في قول ربيكا هاملتون أستاذة القانون في الجامعة الأمريكية بواشنطن ومؤلفة كتاب عن دارفور في كلمة لها بالواشنطون بوست أمس الأول، مؤشر لنجاح الفترة الانتقالية. فقد اتضح للعسكريين وشيعتهم جلياً أن الثورة، مهما قلت عن ارتجال قحت، شديدة العزيمة لمساءلة النظام القديم، والانقلابيين الجدد أنفسهم، على جرائرهم ما تقد م منها وما تأخر. وكانت لجنة تفكيك التمكين هي ذاكرة الأمة في هذه المساءلة وسيف عقابها. يكفي، وقد حمى الكوع، هروب الفريقين جابر والعطا من ميدانها خلسة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.