“قوقول” أكل السمك

0 48
كتب: طلحة جبريل
.
ظني أن “كذبة أبريل” لم يعد لها الصدى الذي كان قبل سنوات.
كان الناس يطلقون في أول أبريل أمنيات، وتارة كذبة لمجرد الترويح، وما أحوجنا للترويح في هذه الأيام التي انحصرت فيها الأخبار المشتقة من فعل “أغلقَ، يُغلق،إغلاقًا “.
أقول باطمئنان، أن الكذب أصبح هو الصناعة الثقيلة في هذا العصر، إذ أن الشبكات الاجتماعية ، التي يزعمون أنها “الاعلام البديل” ترفدنا بكم خرافي من الأكاذيب، خاصة بعد أن تحول استعمال مختلف المنصات إلى حالة إدمان .
جرت العادة أن يحتفى الغربيون بيوم “فاتح أبريل” باعتباره ” يوم المزاح “، وعادة ما يطلقون مزحة بغرض التفكه والسخرية من ضحايا هذا المزاح.
في معظم دول العالم تعرف هذه العملية باسم “كذبة أبريل” لكنها في بعض الدول الأوربية خاصة فرنسا وايطاليا وبلجيكا، تعرف باسم”سمكة أبريل”.
اعتاد الأطفال هناك أن يلصقوا رسماً لسمكة في ظهور الآخرين للتندر عليهم. لعل من المفارقات أن بعض المحركات الجادة ، مثل “قوقول” أو “غوغل” كما تريدون ، انخرطت بدورها في مزاح أبريل.
أذكر أنه قبل سنوات اختارت شركة “قوقول” التي أصبحت عملاقاً في عالم محركات البحث ، مسايرة العالم وأطلقت بدورها”كذبة ابريل”.
كانت كذبة، في منتهى الذكاء بحيث جلبت المزيد من الزوار لموقع “يوتيوب” التابع لها. تمثلت تلك الكذبة في الإعلان عن إغلاق موقع “يوتيوب” الذي تملكه”غوغل” لمدة عشر سنوات، ونشرت الشركة بياناً يقول إن الموقع سيتوقف عن العمل في منتصف ليلة أول أبريل لإختيار أفضل فيديو جرى تحميله على الموقع منذ انطلاقه في عام 2005.
طلبت الشركة من زوار”يوتيوب” مشاهدة البث المباشر لحيثيات اليوم الأول من اختيار الفيديو الفائز الذي سيستضيفه مقر”يوتيوب” في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا. ونشر موقع “يوتيوب” ايضا شريطاً لمقطع فيديو يؤكد الخبر، وجاء في المقطع أن مجموعة من الحكام سيشاهدون جميع الفيديوهات الموجودة على الموقع ويختارون الفيديو الفائز، مع الإشارة الى أن عملية مشاهدة جميع الفيديوهات التي حُملت تتطلب نحو عشر سنوات، على أن يجري الإعلان عن اسم الفائز في عام 2023 مع رصد جائزة له، ثم إعادة الموقع للعمل مرة أخرى. وأعلن أن الجائزة ستكون مشغل أغاني اليكتروني ومبلغ مالي لإنتاج شريط فيديو آخر.
تلك الكذبة أدت الى رفع زوار “يوتيوب” الى أرقام فلكية، ثم طلبت “قوقول” من مستخدمي القناة مشاهدة جميع الفيديوهات المفضلة لديهم قبل أن يتم إزالتها من الموقع بعد اغلاقه. المؤكد أن كثيرين بددوا وقتاً طويلاً في تسجيل مقاطع الفيديو المفضلة، خشية أن يفقدوها.
باع “قوقول” الكذبة للناس، وأكل هو السمك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.