كــــورونا – صدمــــــة إنعــــــاش للضمائـــــــر المحتضــــــرة !

0 84

كتب آدَمْ أَجْــــــــــــــرَىْ:

لا حصانة لأحد والخشية ليست من الإصابة فحسب بل ومن الإشتباه ومتاعبه وتبعاته من عزل مرتبط بالتعامل مع المؤسسات الصحية، والأخبار تروى قصص أطباء قضوا نحبهم فى الصين وبريطانيا وإيطاليا، فى إجماع نادر أمست للبشرية أمنية واحدة هى زوال الغمة وعودة الحياة إلى طبيعتها، وثمة دروس وتحولات فكرية تتشكل فى رحم الأزمة حتماُ ستظهر قريباُ، إنها شيئ شبيه بالثورة الفرنسية أو نهاية الحرب العالمية الثانية التى كرست أسساً ومناهج عمل جديدة، وطالما لا زلنا فى قلبها ولا ثمة ما نفعله، دعونا نستنبط من واقعنا دروساً، ومن أجوائها التى تذكرنا بحروبنا المتقدة بالأمس القريب عبراً. عشناها واقعاً إعتدنا عليها، كانت مرة بأشباحها الراقصة المتوعدة بتحويل الشرارات إلى نيران تدفئة، وصراعاتها إلى إبادات جماعية ممتعة، كان ذلك شعور مرتبطاً بروتين يومى بائس رتيب فى أقاليم تنعق فيها غربان الجحيم، بيد أن تلك الحروب تفوقت على حرب كورونا، بعدم إرتباطها بآجال تعقد عليها الآمال، وثمة تطابق عجيب بينها وبين الجائحة الماثلة منها :
– لا حصانة ولا طمأنينة ولا ضمان لعودة أحد إلى منزله سليماً معافى، فقط التوكل على الله عند الخروج وتمنى عدم جلب كارثة بعودتك.
– الناس ينصحون بعضهم بالبقاء فى دورهم، جوار خنادقهم وعدم الإبتعاد عن حصونهم تحسباً لما قد تحملها الأقدار.
– وبالحذر من الغرباء، الكف عن مخالطتهم، النأى عنهم قدر ما أمكن، وحديثنا هنا عن الحرب وكورونا معاً.
– حظر التجول حالة إختيارية دائمة مع الحث على العودة المبكرة، منع الخروج بعد المغيب، إحكام غلق المنافذ والنوم بعين مفتوحة، والجائحة وآليات التعامل معها تفرضها اليوم فرضاً.
– الناس حيال الموقف عاجزون لا يملكون إلا الصلاة والدعاء لأجل صون الأهل الحاضرين والغائبين وفى الحروب كذلك.
– من دارت حولهم الظنون اتخذوا لأنفسهم تدابير منها الهرب والتوارى عن الأنظار، وقد أشيع أن بعض المشتبه بإصابتهم بالعدوى يميلون إلى إخفاء أنفسهم لبعض الوقت، وفى الحالتين يجلبون متاعب لهم ولمن حولهم.
– الحرب تجارة مربحة – تلك مأثورة قديمة – ولبعض التجار وفرت كورونا فرصة للمزيد من إنماء الثروات والمزيد من إفقار فى الفقراء.
الأمثلة على تنوعها لا تنقطع، لكنها سانحة كبرى للتعلم ومراجعة الضمائر، حتماً فإن هذه التجربة غير المرحبة بها، تعلم من لم يختبر أهوال الحروب ولم يشعر يوماً بتهديد خطير محيط بعائلته، او مقلق على مصيره بين خطوط النيران والحرائق وزئير المدافع.
لعل الجائحة تحيي روح التعاطف التى نفقت فى بلد أخبار الموت والنزوح فيه مقترنة بتهليل وإنشاد ورقص وأعراس وعقد قران لموتى فى عوالم بيننا وبينها حوائل عظيمة، تلك وغيرها كانت سلوكيات شاذة تسببت فى طرد الرحمة وتقصيف القلوب وتعمية البصائر عن رؤية ما دونها من مآسى، لكنها فصل مضى وصفحة على وشك الطى، وقد وفرت لمن فاتته التجربة إجترارة تذكر بمرارة طعام الأمس، وإن كانت هناك فائدة من هذا الكوب الفارغ إلا من أدرانه، فثمة قطرات ترآءت عليه كفيلة بإنعاش الضمائر المحتضرة والإنسانية النافقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.