كفى إستهتاراً فالوضع كارثي

0 51
كتب: جعفر عباس
.
يتساقط العشرات من أهلنا يوميا كأوراق الخريف، بعد ان يفتك فيروس الكورونا بأجهزتهم التنفسية وأوعيتهم الدموية، وعلى المستوى الشخصي فقدت خلال الأيام القليلة الماضية عددا من الأحباب من لحمي ودمي، أو إخوة لم تلدهم أمي؛ في جيرتنا في حي كافوري صرع الفيروس ثلاثة من بيت واحد، ثم داهم بيتا آخر وفتك بالأم وبنتها الطبيبة التي كانت في مطالع الثلاثينات من العمر، وقد ثبت ان سلالة الفيروس الجديدة سريعة الانتشار والعدوى، وأنها وبعكس السلالة الأولى تستهدف الشباب والصبية، ثم تبقى نشطة بعد ان تغزو الجسم طوال 3 أسابيع، وبذلك تظل شديدة العدوى.
ليت الناس يستمعون الى تسجيل صوتي يدمي القلب لبروفسر أروى مديرة معمل استاك تحكي فيه خطورة المشهد بصوت راجف دامع، وتقول ان عدد حالات الإصابة الفعلية اليومية بالكورونا بالمئات وان الوفيات يوميا بالعشرات، وان الإحصاءات المتاحة لا تعكس الى واحدا من عشرة من حقائق الوضع في ظل سيف الكورونا المصلت، بل وأن إمكانات فحص الحالات مختبريا PCR ضعيفة للغاية (يعني على بال ما يأتي دورك لتلقي نتيجة فحصك حالتك قد يفوت الأوان)، وقبل يومين اعترف وزير الصحة بأن مستشفياتنا عاجزة حتى عن تقديم العلاج لحالات مثل أمراض القلب والشرايين والسرطانات على قلة حدوثها، فلا يبقى أمام أهلنا سوى تفادي الإصابة بفيروس الكورونا الذي بات موجودا في كل مكان، وما يحدث هو أن الفيروس لا يحوم ويجوس بحثا عن الضحايا، بل ان الناس هم الذين يذهبون الى حيث يوجد الفيروس وينقلونه ويوزعونه.
هذا وضع لا يجدي معه التباعد الاجتماعي بل يتطلب الانعزال الاجتماعي التام، ولكن ذلك متعذر في هذه الأيام والناس تسعى لتوفير لوازم رمضان، وبذلك يكون الحل في أن يحاول الناس قدر المستطاع شراء ما يلزمهم ويكفيهم لمدة طويلة جدا، لتفادي الخروج المتكرر من البيت، والأهم من ذلك كله وضع الكثير من ممارساتنا الاجتماعية على الرف: لا زيارات لبيوت الآخرين او المرضى ولا توافد على بيوت العزاء، ولا للمصافحة والبوس حتى بين افراد العائلة الواحدة، ففرد من العائلة قد يلتقط الفيروس ثم يوزعه على بقية الأفراد عن غير قصد وعلم، وإذا كنت تحسب نفسك عنتر زمانك ولا تخاف من المرض فواجبك ان “تخاف” على أهلك.
الوضع الصحي كارثي والوضع الاقتصادي مأساوي ولكن ابن آدم أغلى من الدولار والجنيه وسائر السلع، فحافظوا على أرواحكم وأرواح ذويكم وكان الله في عون من يعين نفسه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.