والتفاهم مشكلة (إعادة)
كتب: جعفر عباس
.
كانت اللغة العامية من أكبر المشكلات التي واجهتني كمغترب في منطقة الخليج في سنواتي الأولى، فحتى كلمة “دوام” كانت جديدة علينا لأننا في السودان كنا نقول “ساعات العمل، ثم استوردنا من الخليج الدوام والبنشر و”هلا” والفلافل والرياض والدوحة والطائف ومن مصر المعمورة والمنشية، وصرنا “ندق” التلفون، (الطعمية من أساسيات الطعام في بيتنا، وعندما سمعت بنتي مروة في صغرها كلمة فلافل، سألتني: بابا الفلافل حيوان وللا نبات؟ وبما أن مروة من مواليد 5 يونيو وهي ذكرى الانتصار الكاسح لإسرائيل على العرب عام 1967، فقد كتبت مقالا عنوانه نكستان، النكسة الأولى خسران تلك الحرب، والنكسة الثانية مولد بنت- هي مروة- باعتبار ان العرب لا يفرحون إلا بمولد الأولاد، وذات يوم عثرت مروة على المقال وسألتني: بابا نكستان في آسيا أم أفريقيا؟ ) في أول أيامي في مؤسسة الاتحاد للصحافة في أبو ظبي كنت اجالس زميلا من راس الخيمة اسمه عبد الله، في ساعة متأخرة من الليل في انتظار دوران المطابع عندما وضع رأسه على الطاولة وهو يئن فسألته عما به فقال: فيني النودة، فسألته مجددا: هل تريد مني ان اذهب معك الى عيادة؟ فصاح: وش فيك؟ النودة في بلدكم نعمة وللا مرض؟ وفهمت بعدها ان النودة هي النعاس، ويا ويلك لو قلت لتاجر خليجي انك عايز مكوة، فهي عندهم تعني الأرداف، وحكى لي بدوي قطري ان قريتهم كانت سعيدة باستضافة مدرس مصري اسمه عبد الجواد، في مطلع سبعينات القرن الماضي، وذات يوم جاء رجل مصري الى القرية فرحبوا به الى ان قال انه يريد لقاء عبد “القواد” فانهالوا عليه ضربا وهم يصيحون: ما فينا قواد يا ابن الجلب (يقلبون الكاف الى جيم خفيفة والجيم ياء فيقولون دياية لدجاجة) وما كانوا يعرفون بأمر الجيم المصرية.
وحتى داخل السودان هناك مفردات خاصة بكل منطقة ويكون لها معنى آخر في مناطق أخرى، ففي بعض مناطق الغرب يقولون لك: ازرط الحبة ويقصدون “ابلع حبة الدواء”، والكبد عند النوبيين والشايقية هو الباب، أما دول المغرب العربي فلديهم مفردات لا يفهمها اهل المشرق، ولا تقل لمغاربي “يعطيك العافية” لأن العافية عندهم هي النار.
وهكذا قدمت لكم طرف الخيط لتأتوا بغريب المفردات العامية من هنا وهناك.