وزراء مع وقف التنفيذ
.
المعلمون يطالبون، وأساتذة الجامعات، والطلبة، وعمال النفايات.. وفي كل يوم جديد هنالك إضراب ووقفة احتجاجية.
والمفصولون من الشرطة اليوم يقفون أمام مجلس الوزراء من أجل مطالب عادلة، والمعاشيون اليوم أيضاً في وقفة احتجاجية.
وطلاب جامعة شرق كردفان منذ أيام يفترشون الأرض أمام وزارة التعليم العالي لحل مشاكلهم.
تعلو المطالب الآن لأن الحياة صارت مستحيلة في ظل الوضع الاقتصادي المنهار، ولأن الدولة لا تهتم لأمر المواطن.
وعندما تقول المؤشرات الاقتصادية أن معدل النمو الاقتصادي المتوقع بنهاية العام هو (سالب كذا) فأعلم بأن الكلام الرسمي عن التحسن الاقتصادي (كذبة كبيرة)، ومن لم ير بؤس الحال في السودان عليه أن يشتري (نضارة) جديدة.
على أيام الإنقاذ البائدة، كانت أبواب الوزراء مغلقة ولكل وزير باب خلفي.. والإستوزار نفسه ليس وظيفة عامة ولكنه مصلحة خاصة.. ويبدو أن الأمور على ما هي عليه حتى الآن.. فهم وزراء مع وقف التنفيذ.
ماذا يضير رئيس الوزراء أو أي وزير أو وزيرة إن خرج للمحتجين أو المطالبين، واستمع لشكواهم وناقشهم وتوصل معهم للحلول المرضية في التو واللحظة؟!! تلك هي مهمته التي عين لأجلها..
وقل لي لماذا لا يؤدي هؤلاء مهامهم؟ ولماذا يتعالون على الناس؟ ولماذا لا نراهم في صف البنزين أو العيش؟ ولماذا ولماذا..
لأن من علموهم (البرستيج) قالوا لهم إنكم (إنتيلجنسيا) وفوق البشر، وأن البروتوكول لا يسمح بكذا وكذا..
وقالوا لهم إن عوام الناس لا يستحقون العيش، وإن التواضع سمة الضعفاء.. وهكذا يصنع الديكتاتور سواء أكان بالكاكي أو بالبدلة..
وقل لي ماذا يحدث إن استمر البعض في غيهم وتجاهلهم للناس!! الوقفة الاحتجاجية والموكب السلمي يتحول إلى الإضراب والمتاريس وقطع الطرقات..
ولو احتل المعلمون والأساتذة وطلاب جامعة شرق كردفان الوزارات، ومنعوا الوزراء من الدخول إذن لانحلت مشاكلهم في ظرف 24 ساعة، ولأجتمع مجلس الوزراء خصيصاً من أجلهم، فليفهم هؤلاء أن الشعب السوداني يمهل ولا يهمل..
هؤلاء الإنتيلجنسيا الذين لا يجدون زمناً للاستماع لمشاكل الناس، يجدون الوقت للاجتماعات مع وفود البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والسفراء وللمؤتمرات والرحلات الخارجية..
ولو كان هنالك برلمان ثوري يحاسبهم، لأقالهم جميعاً بسبب عدم الصلاحية..
الكهرباء تشكو عدم التمويل والزراعة كذلك، والصناعة وغيرها فأين تذهب الأموال العامة؟
لتقريب الصورة.. وفي أرقام موازنة 2021 قبل التعديل والتحرير والذي منه تم تقدير الإيرادات العامة ب 984 مليار جنيه.. بمعنى 2.7 مليار في اليوم.. ما يعني 2.7 تريليون جنيه قديم.. فكم مدرسة أو مستشفى يمكن أن تبنى؟ وكم فدان جديد أو مشروع؟ وكم مصنع وكم جمعية تعاونية!!.. في الواقع الإجابة صفر..
ولن يتغير الحال حتى تنطلق مواكب الواحدة بتوقيت الثورة..
وأي كوز مالو؟