وظائف شاغرة بالملايين

0 74

كتب: جعفر عباس

.

أعرف ان عشرات الملايين من الشباب يعانون من البطالة، ولحسن حظهم فإن هناك عشرات الملايين الوظائف الشاغرة. ولسوء حظهم لابد ان يحصل الإنسان على عمل بأجر كي يشغل الوظائف الشاغرة التي أتحدث عنها. هما في حقيقة الأمر وظيفتان ولكن الشواغر منها بالملايين في مختلف ارجاء العالم، ولكل منهما اكثر من اسم: أمي .. ماما .. مامي .. ما .. يمة، يو؛ والثانية أبي .. يابا … أبوي.. يوبا.. بابا .. بابي.. دادي .. داد… وإليك الوصف الوظيفي: عمل بعقد مفتوح في بيئة هايصة وجايطة وملخبطة ومخربطة، وعلى المرشحين لهما ان يكونوا ذوي قدرات عالية في التخاطب والإقناع والصبر والتنظيم. لا توجد ساعات عمل محددة.. وقد يتطلب الأمر حالة استعداد (ستاند باي) طوال 24 ساعة.. ويستحسن ان يكون المرشح قادرا على الطبخ والكنس والغسل والكي واللعب وإعطاء الدروس الخصوصية والتمريض والرعاية الاجتماعية.. أما مسؤوليات الوظيفتين فهي:.. مؤبد.. يعني تحمل المسؤولية مدى الحياة.. فبمجرد ان تصبح ماما او بابا فإنك تحمل هذا اللقب ما دمت حيا، بل وقد يحملك من ينادونك بابا/ماما لقبا إضافيا (جدي/جدتي) فتصبح ماما/بابا أس أثنين.. وعليك التحلي بطول البال، فستواجه اتهامات بالبخل والتخلف بل وقد تسمع كلمة “أكرهك”، ولكنها تتحول الى نقيضها بمجرد ادخال يدك في جيبك وإخراج “الضريبة”.. اللياقة البدنية العالية ضرورية لأنك قد تحتاج الى الانطلاق بسرعة للاطمئنان الى ان الصرخة التي صدرت من الحوش الخلفي لم تنجم عن محاولة شروع في القتل، بل لأن الكرة وقعت في بيت الجيران.. ومن المهام التي تفرضها عليك الوظيفتان استقبال جيش من الضيوف الصغار بدون سابق إنذار ودون ان يكون من حقك تنظيم وتقييد حركتهم… الترقيات والعلاوات؟ مفيش.. أنس الموضوع.. بل عليك تطوير مهاراتك باستمرار حتى لا يتفوق عليك من ينادونك بابا/ماما.

أجمل ما في الموضوع أن هاتين الوظيفتين لا تشترطان الخبرة المسبقة، فأنت تتعلم المهارات المطلوبة في “موقع العمل”.. طيب ماذا عن الأجر/ الراتب؟ تقوم أنت بكل تلك الأعباء ثم تدفع أنت الأجر لمن تخدمهم.. بل هم من ينالون العلاوات والزيادات في الأجر أحيانا عشر مرات في السنة.. وأزيدك من الشعر “معلقة”: لن تتمتع في هاتين الوظيفتين بضمان صحي او اجازة سنوية أو معاش تقاعدي.. بس على مسؤوليتي وضمانتي.. هاتان أمتع وظيفتين في الوجود والعائد منهما حب بلا حدود وأحضان وبوسات باليمين والشمال.. ألعب دورك “صح” لتنضم الى قائمة شاغلي “أنبل الوظائف”.. كانت لي بنت كنت كلما وجدتها نائمة هتفت “نوم الظالم عبادة” لأنها كانت “مفترية” تتفنن في بهدلتي.. ثم كبرت وصارت عاقلة ودمها تقيل فصرت أتحسر على أيام شقاوتها.. هذه بعض الأعراض الجانبية للأمومة والأبوة: إدمان التعب والسهر والقلق.. بس إدمان حميد.

أمنياتي لكل المرشحين لهذه الوظائف بالفوز بها قريبا ليعرفوا معنى وطعم السعادة الحقيقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.