البرهان سايق أرقوق
كتب: جعفر عباس
.
معظم سواقي الماء يتولى ثوران جر وتدوير العجلات فيها، وعندما توكل المهمة لثور واحد يقال ان ذلك الثور “سايق أرقوق”، وانقلاب البرهان الأخير انهزم من الناحية الشكلانية، ولكن البرهان ما زال يتصرف كزعيم وقائد أوحد بيده جميع الخيوط، وبالأمس قام بتعيين رئيس القضاء، بينما ليس له الحق في ذلك، فرغم ان المجلس السيادي يتولى تعيين السفراء ورئيس القضاء ورئيس النيابة إلا أنه لا يملك حق ترشيح شاغلي تلك المناصب، بل – وحسب الوثيقة الدستورية التي يزعم الخضوع لأحكامها- تأتيه الترشيحات من المكون المدني بواقع ثلاثة لكل منصب ويتولى المجلس اختيار وتعيين واحد منهم.
وأخطر ما في الاتفاق المبرم مؤخرا بين حمدوك والبرهان هي البنود التي لم ترد فيه، وتحديدا تلك المتعلقة بالقرارات التي اتخذها البرهان بوصفه قائد الانقلاب، فماذا عن إنهاء خدمات المدنيين من عضوية مجلس السيادة وتعيين آخرين مكانهم؟ أليس القبول بالمجلس السيادي بتشكيله البرهاني الجديد اعترافا بأن من حق البرهان كقائد للجيش ان يفصل من يشاء ويعين من يشاء؟ وماذا عن طرد كبار المسؤولين من الخدمة وتعيين آخرين محلهم؟ وماذا عن تأكيد المجلس الانقلابي البرهاني ان خصوم البرهان الشخصيين أمثال محمد الفكي سليمان ووجدي صالح وخالد سلك وجعفر حسن وماهر أبو الجوخ وإبراهيم الشيخ ومدني عباس لن يتم الافراج عنهم بل سيقدمون الى المحاكمة؛ وبالأمس قال حمدوك ان المعتقلين من شباب لجان المقاومة سيتم الافراج الفوري عنهم، فماذا عن الوزراء والولاة وغيرهم من كبار المسؤولين؟
حتى قبل الانقلاب الأخير أثبت البرهان أنه لا يحترم العمل المؤسسي وأنه لا عهد له، فقد ساق أرقوق في مجال التطبيع مع إسرائيل والعلاقات الخارجية، مختطفا مهام وزارة الخارجية ومجلس الوزراء وكان هو وحميدتي وإبراهيم جابر وكباشي طالعين ونازلين بين عواصم دول الجوار، واختطف ملف السلام بتكوين مجلس أعلى للسلام بلا سند قانوني او دستوري مجمدا بذلك تكوين مفوضية السلام المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية
إبطال مفعول الانقلاب لا يكون إلا بإلغاء جميع القرارات التي أصدرها البرهان منذ 25 أكتوبر ضربة لازب أي بجرة قلم، ثم إبطال وحل مجلس السيادة بتشكيله الجديد!! ولكن من سيتولى تعليق الجرس على رقبة القط الشرس؟ فحمدوك لا يملك سلطة إبطال القرارات التي اتخذها البرهان بصفته القائد العام او رئيس المجلس السيادي، والاتفاق المبرم بين حمدوك والبرهان يثير أسئلة أكثر مما يعطي من أجوبة، وكل القرائن المادية والظرفية تؤكد أن الانقلاب ” ساري المفعول”، وأن الوضع سيبقى مأزوما مما يفتح المجال أمام سيناريوهات قد تكون قبيحة.