اللعب لصالح المكون العسكري..
كتب: عثمان ميرغني
.
ليس لدي شك قط أن المكونات المدنية المُتَخالِفة –لا المتحالفة- تلعب كلها لصالح المكون العسكري.. والدليل القاطع؛ بيان الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في 4 يوليو 2022 كان واضحاً بما لا يحتاج إلى أداء القسم لتعزيزه بأن المكون العسكري قرر الخروج من الحكم والملعب السياسي قولاً واحداً.. وأتبع القول الفعل بحل المكون المدني في مجلس السيادة ثم إعلان خروج المكون العسكري من أية مفاوضات سياسية..
و بدلاً من التقدم إلى الامام وإكمال عملية التسليم والتسلم ، بدأت المكونات المدنية رَمي القنابل الدخانية؛ مجموعة قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تحججت بأن “نوايا” العسكريين الالتفاف على الضغوط الدولية بتعيين حكومة مدنية منزوعة الخارجية والبنك المركزي، دون أن توضح كيف يتم النزع إن كان المسؤولون عن الجهتين من المدنيين!فوزير الخارجية مدني يتبع لرئيس الوزراء المدني، والبنك المركزي يرأسه محافظ مدني يتبع لرئيس الوزراء المدني، فكيف يأخذ المكون العسكري هذه الوظائف معه إلى داخل القيادة العامة؟
أما مجموعة قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني فوضعها أكثر بؤساً، فهي تصر على بقاء المكون العسكري في السلطة بل وتتطوع بتأويل بيان البرهان لإعفاء المؤسسة العسكرية من الالتزام الذي قطعه بالخروج من الحكم والسياسة، فتصر قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني على أن البرهان قصد الخروج من المفاوضات وليس الحكم!! رغم أنف التأكيدات المتكررة من البرهان ونائبه الأول الفريق أول محمد حمدان دقلو، وآخرها خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي كرر فيه التزامه باسم المؤسسة العسكرية الخروج عن الحكم والسياسة.
خلاصة تلكؤ جناحي الحرية والتغيير أن المكون العسكري بدلاً من مواجهة اختبار حقيقي في الالتزام بتعهداته الخروج من الحكم والسياسة وجد نفسه يمتطي ظهر الأيام والزمن فيقطع أربعة أشهر من ذياك التاريخ وهو في الحكم لا يؤرق سلطانه شيء.
وحتى إذا افترضنا أن تسوية سياسية متوقعة في الأيام القادمات فهي تحمل في جوفها إجراءات تمنح المكون العسكري مزيداً من الوقت، فالوثيقة الدستورية التي أنجبتها مبادرة اللجنة التسييرية لنقابة المحامين لا تزال مفتوحة لمزيد من الراغبين في الالتحاق بها، و قد يستغرق التحاور حولها ثم إعادة صياغتها شهرين آخريين هما عُمر مديد للمكون العسكري في السلطة في وقت يواجه السودان فيه شبح حرب أهلية وعزلة دولية وانهيار اقتصادي محتوم.
يقيني أن الجميع، المدنيون والعسكريون سيفيقون من غيهم عندما يجدون القطار تجاوز محطة التسوية و الخروج الآمن.. فإذا وقعت الواقعة، ليس لوقعتها كاذبة.
وسيستبين قومي النصح ضحى الغد..