تقدير موقف حول مستجدات الحرب
السودان نت
بعد فشل أطراف التفاوض في تجديد الهدنة بين طرفي الصراع المسلح في السودان التي انتهت يوم الثلاثاء 20 يونيو، اندلعت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق متعددة كان مسرحها ولاية الخرطوم وولاية شمال وجنوب كردفان ومدينتي نيالا والفاشر بولايتي جنوب وشمال دارفور.
* لم يحدث تغيير يذكر على خطوط التماس والتوازن العسكري الذي يصب لصالح الدعم السريع من حيث السيطرة الميدانية والهجمات على عكس الجيش الذي يتحصن بمواقعه الدفاعية المتبقية له في الخرطوم ” (القيادة البرية وسلاح المدرعات وسلاح المهندسين وقاعدة وادي سيدنا) والحاميات في الولايات الغربية من دون أي دور واعتبار لحماية المدنيين والممتلكات.
• تم تعليق التفاوض بمنبر جدة من قبل المسهلين وذلك لعدم تمكنهم من فرض هدنة طويلة الأمد على طرفي الصراع الي جانب عدم التزامهم بوقف إطلاق النار، هذا سيؤدي الي ارتفاع وتيرة القتال والمواجهات المسلحة التي سُتفسِر نهايتها على واقع ميداني جديد سيجعل للحل السياسي أرضية مقبولة وفرص نجاح أكبر ، في حال لم يحسم الصراع عسكريا، وهو ما يبدوا انه استراتيجية المسهلين وهدفهم من تعليق التفاوض.
• الجديد ميدانيا، هو تجدد الاشتباكات بين الجيش وقوات الدّعم السريع الخميس 22 يونيو في الفاشر، بشمال دارفور، الذي يعتبر التطور الأهم في الصراع وذلك بدخول الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا كطرف ثالث في الصراع بعد حيادها المعلن ونأيها عن المشاركة في القتال، تدخل الحركات أتى بعد هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر التي تعتبر المركز الاقتصادي للمكون الاجتماعي لغالبية الحركات الموقعة علي سلام جوبا ، والتي شكلت مجتمعة ما يعرف بالقوات المشتركة لحمايتها. جدير بالذكر انه مع نهاية أبريل الماضي، نشرت 4 حركات مسلحة موقعة على سلام جوبا، القوة المشتركة في الاقليم، وهي تحرير السودان “مناوي” وتجمع قوى تحرير السودان “الطاهر حجر” بجانب المجلس الانتقالي “نمر – الهادي ادريس “، وحركة العدل والمساواة “جبريل “.
• حتى الان , لم تعلن القوات المشتركة أو الحركات المسلحة رسميا عن بداية الحرب بينها والدعم السريع , بل أعلنت التزامها الحياد ونسبت الحادثة لمجهولين مما يعكس حجم التضارب في موقفها من الجيش والدعم السريع , فمن جهة ,نجد أن مناوي وجبريل لديهم تنسيق سياسي مع الجيش عبر حاضنته السياسية “الإسلاميين وعناصر النظام القديم” بينما الطاهر حجر والهادي ادريس الأقرب للدعم السريع سياسيا وعسكريا , وبخلاف حركة العدل والمساواة التي تشير المعلومات لمشاركتها في القتال بعتاد الجيش السوداني وتوفر مصلحتها السياسية في المشاركة بالقتال ، نجد قوات مناوي وحجر والهادي رافضة لقتال الدعم السريع وعلي نقل الصراع المسلح لدارفور.
• بعض المعلومات تشير لاحتمالية انسحاب قوات الحركات لخارج الفاشر في الوقت الذي أعلن فيه مني مناوي المتواجد في أقاصي شمال دارفور عن مبادرة لاحتواء الازمة في إشارة لبحثه عن خيار ثالث، مع أنباء عن حشود ضخمة للدعم السريع بالولاية.
خلاصة:
نقل الصراع للمناطق الطرفية واعادته للهامش استراتيجية الجيش وعناصر النظام القديم وذلك لتحويل حرب الدعم السريع لصراع قبلي بين المكونات المحلية في دارفور وكردفان , يساعد في ذلك رغبة الدعم السريع في السيطرة علي غرب السودان و علي الأطراف كورقة رابحة في حال تطور الملف دوليًا ، مما يضع الدعم السريع في مواجهة مباشرة مع التزامات جبريل السياسية مع شركاءه الإسلاميين وتحفظات مناوي علي صعود حميدتي وتنامي نفوذه في الإقليم والسودان .
دخول الحركات في الصراع سيخدم أجندة قادة الجيش الذي يراهن علي عامل الزمن من أجل الانتصار , والذي لا يشكل ضغط علي مصالح دولتهم الجغرافية للإسراع في الحل طالما تكلفة الحرب البشرية والمادية يدفعها الهامش .إذا لم تفطن قوات الدعم السريع للعامل القبلي في دارفور بذاكرته المتخمة بصراعات 2003 الدموية , والقوة العسكرية المجتمعة لحركات دارفور والتي تفوق ال 1000 سيارة دفع رباعي مسلحة ، مع أمكانية توفر الدعم من جنرالات الجيش التشادي بحكم علاقة القربي بعيدا عن موقف الدولة كما حدث في 2003 , مما يجعل الحركات عنصرا مؤثرا وفاعلًا في معادلة الصراع , الأمر الذي سيفرض علي الدعم السريع ايجاد معالجات فنية, حتي لا يجد نفسه عالقا في مستنقع حرب اهلية تضع كل ترسانته العسكرية أمام اختبار اخلاقي اخر ، وتعرض منطقة غرب السودان ذات الهشاشة الأمنية والانقسامات الاجتماعية لمخاطر جسيمة مصدرها بنادق القوي المسلحة بالمنطقة ، الدعم السريع والحركات المسلحة الدارفورية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو , في بيئة مهيأة للصراع وجاهزة للحرب ، تجعل منها المهدد الأول لوحدة السودان.