تعليق مفاوضات منبر جدة دورة جديدة من الحرب التدميرية وترك السودان لمصيره المظلم

0 65

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات
تقديم:
أعلنت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية رسميا تعليق محادثات جدة بصفتهما المسهلين. يأتي هذا القرار نتيجة الانتهاكات الجسيمة المتكررة لوقف إطلاق النار قصير الأمد التي أعاقت إيصال المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية. وابلغ الراعيان، طرفا الحرب بإجراءات بناء الثقة كشرط لاستئناف المفاوضات،
والخطوات اللازمة لإعادة فتح طاولة التفاوض في منبر جدة.
تحليل:
– تعليق التفاوض يؤشر لوصول المسهلين لقناعة، عدم توفر إرادة السلام لدي طرفي الصراع، وتعويلهم على حسم الصراع عبر خيار الحرب. وعدم توفر اليات مراقبة وقف إطلاق النار واستنكاف المنظمات الافريقية وترددها في المشاركة في دور الرقابة المباشرة وضبط الأنشطة العدائية للطرفين، الامر الذي أوجد مساحة للأطراف المتصارعة للتحلل من تفاهمات جدة، على نحو يفرض تساؤلات حول مدى جدية أطراف العملية في تحقيق اتفاق ناجح لوقف إطلاق النار في ظل عدم توفر الإرادة السياسية ووحدة القرار.
– معضلة رئيسية أخرى أثرت على مسار المباحثات وهي تعدد مراكز القرار وعدم سيطرة الجيش والدعم السريع على قواتهم في الأرض، فالجيش يعاني من ازدواجية قيادية في تحكمه على مسار الحرب، وذلك بفضل تغلغل عناصر النظام القديم في قيادة الجيش وترجيحهم لخيار الدمج القسري الفوري للدعم السريع وتعطيل المسار السياسي الممهد لعودة قوى الحرية والتغيير للعملية السياسية الانتقالية.
– على الجانب الاخر تعاني قوات الدعم السريع من حجم قواتها المتنامي والتحكم في أفعالهم بأرض المعركة ، خصوصا بعد انضمام أعداد كبيرة من المقاتلين السابقين في ليبيا وأفريقيا الوسطي الي صفوفها ، الي جانب عدد من افراد الحركات المسلحة الذين لا يندرجون تحت هيكلتها ، الي جانب رغبتها الجامحة في حسم المعركة عسكريا نتيجة لتفوقها الميداني في الخرطوم وانتشارها العسكري في مدن غرب السودان الرئيسية بالإضافة لعدد من مدن الوسط والشمال مؤخرا، مثل مدني، شندي، عطبرة وبورتسودان.
– تعليق التفاوض وربط استئنافه بشروط جديدة يشير الى بداية تشكيك الوساطة في شرعية الطرفين التمثيلية، وقد تكون الخطوة اللاحقة هي ادخال أطراف سياسية وأهلية ، في شراكة جديدة ، توفر حواضن سياسية لمنبر جدة في حال استمراره ، وبما يحقق استقراره ويحافظ على تقاطعات المصالح الإقليمية والدولية المتضاربة حوله، ويفتح فرصة لتنسيق الجهود مع أطراف مبادرة خارطة طريق الافريقية لحل الصراع المسلح والازمة السودانية.
– في ضوء فشل منبر جدة ، يمنح تعليق المفاوضات من طرف الرياض وواشنطن، مزيدا من الوقت للأطراف التي غلبت الحل العسكري، لتجربة الخيار العبثي ووهم تحقيق اختراق علي الأرض يتجاوز حالة توازن القوة ويجعل الوصول لحل سياسي متكامل للازمة أمرا ممكنا.
الخلاصة:
بتوقف التفاوض، تنفتح أبواب واسعة لخيار عسكري تدميري، واذا كان طرف دولي ممثلا بالولايات المتحدة واقليمي من وزن السعودية، يعلنان سحب يدهما من الملف السوداني مؤقتا، فان أطرافا أخرى إقليمية لن تتمكن من التقدم بدور اخر للوساطة، وسنشهد موجة من العقوبات ستفرض على طرفي المعادلة العسكرية، ليتقدم دور المنظمات الإنسانية في مهمة مستحيلة لتامين ابسط مقومات الحياة. حتى تصل كل الأطراف الى مرحلة اليأس من إمكانية تحقيق حسم عسكري للصراع، والعودة لطاولة التفاوض، ولكن بشروط جديدة وبمشاركة كل القوى السياسية والمدنية السودانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.