خالد عمر يكتب عن المجتمع المدني وتحديات الانتقال

0 65

بقلم : خالد عمر

اطلعت صباح اليوم -فقط- في جولة صباحية على فيسبوك لستة بوستات دونها شباب ينتمون لصف قوى الثورة لن أذكر اسماءهم حتى لا يتحول النقاش من الموضوع الذي أود طرحه للشخوص وهو أمر ظل يسم غالب نقاشاتنا ويضل بها عن مرماها.
أول البوستات ذكر معلومة بثقة كاملة أن قوى نداء السودان داخل الحرية والتغيير هي التي أصرت على استلام الجيش للسلطة وتأسيس حكم عسكري … معلومة غير صحيحة ولا مصدر لها ولم يستوثق صاحبها قبل أن يكتبها في الوسائط
ثاني وثالث البوستات ذكر أن وزارة الخارجية طرحت وظائف للسلك الدبلوماسي أصرت قوى الحرية والتغيير على أن يتم فيها تعيين سياسي … معلومة غير صحيحة ولا مصدر لها ولم يستوثق صاحبها قبل أن يكتبها في الوسائط
رابع البوستات تحدث عن تدخلات مستمرة لقوى الحرية والتغيير في عمل وزير المالية واستخدامها للجان المقاومة للضغط عليه … معلومة غير صحيحة ولا مصدر لها ولم يستوثق صاحبها قبل أن يكتبها في الوسائط
خامس البوستات كان تعليقاً ذكر صاحبه أنني انا -بالاسم- وقعت على فض الاعتصام … معلومة غير صحيحة “شائعة عبيطة في الحقيقة” ولا مصدر لها ولم يستوثق صاحبها قبل أن يكتبها في الوسائط
سادس البوستات .. تحدث عن تعطيل قوى الحرية والتغيير لتكوين المجلس التشريعي لعدم اتفاقها على الأسماء … معلومة غير صحيحة تماماً ومعلوم أن تكوين المجلس تعطل بسبب اتفاق جوبا الذي لم توافق عليه قوى الحرية والتغيير

اقترح أحد البوستات الضغط على الحرية والتغيير بمقاطعة منابرها وشخوصها بالكامل وهي خلاصة تجد مشروعيتها في سيل المعلومات غير الصحيحة التي تحتشد بها الوسائط كما تجد مبرراتها ايضاً في الاداء الضعيف لقوى الحرية والتغيير بعد ١١ ابريل على وجه الخصوص.

موضوع النقاش الذي أود طرحه هنا غير متعلق بالحرية والتغيير نفسها بل بالقوى المدنية ككل ودورها في المرحلة الإنتقالية .. من المعلوم أن العامل الرئيسي الذي قاد لانتصار الثورة هو رجوح كفة القوى المدنية الجماهيرية بفعل وحدتها وتنظيمها واستعمالها لأدوات المقاومة السلمية بصورة فعالة وناجزة. هذا العامل يظل هو الشرط الأساسي لنجاح المرحلة الإنتقالية وتمكنها من انجاز مهامها. اتخذت القوى المدنية أشكال جديدة وامتلكت أدوات إضافية تمكنها من المسير في طريقها الطويل نحو اكمال مهام الثورة. أهم هذه الأدوات هي الفضاء المدني الذي انفتح على مصراعيه والذي تجلى دستورياً في وثيقة الحقوق التي تكفل التنظيم والتعبير والحراك دون قيود. ثاني أهم هذه الأدوات هو السلطة الإنتقالية والتي أسست الوثيقة الدستورية لها ومنحت المدنيين فيها سلطات كبيرة تمكنها من السيطرة على مفاصل الدولة.

على ضوء الفقرة أعلاه يمكننا أن نسأل السؤال الذي يتردد في أذهان الكثير منا … هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح ؟؟؟ استطيع أن أقول بملء الفم .. لا نحن لا نسير في الاتجاه الصحيح لأننا نفقد العامل الأهم في ترجيح كفة الانتقال وهو قوة الكتلة المدنية الشعبية ومدى تنظيمها وذلك لعدة عوامل يمكن تلخيصها في الاتي:
١- ضعف آداء قوى الحرية والتغيير وعدم قدرتها على الاستجابة للتحولات الضخمة التي حدثت في البلاد
٢- ضعف آداء الحكومة وعدم تمكنها من تحقيق تقدم في الملفات الرئيسية التي تقع على عاتقها
٣- عدم قدرة قوى المجتمع المدني العديدة على ملء الفضاء المدني وغياب المبادرات التي تقوم ببناء مؤسسات ترسخ الانتقال الديمقراطي
٤- حالة التناحر بين القوى المدنية المختلفة وسعيها لتكسير واضعاف بعضها البعض عوضاً عن الوحدة وتكامل الأدوار من اجل تحقيق أهداف مشتركة
٥- السعي الممنهج لإضعاف كل القوى المدنية عبر سلاح الشائعات وافقادها الثقة في بعضها البعض وتيئيس الناس من جدوى الانتقال في حد ذاته.

هذا الواقع يحيط به عوامل تزيد من تعقيد الوضع وخطورته أهمها وجود اكثر من خمسة جيوش في ااسودان مع انتشار السلاح بكثافة خارج سيطرة الحكومة، وتنافس دولي واقليمي حاد على تشكيل الأوضاع في السودان ونقل الصراعات لسوحه الداخلية. هذه الوضعية ستقود للإنهيار على نسق بلدان عديدة تحيط بنا نجحت قواها الشعبية في اسقاط انظمة شمولية وفشلت نخبها في إدارة الإنتقال فارتدت الأمور لحروب أهلية شاملة غيبت جهاز الدولة.

خلاصة ما أود قوله هو أن نجاح الثورة في تحقيق مهامها يرتبط بعامل حاسم هو توحيد القوى الشعبية حول أهداف موحدة ونسق تنظيمي مؤسساتي يشبك بين مختلف تكويناتها ويكامل بين أدوارها .. هذا العامل يتطلب تفهم التباينات الموضوعية بين المكونات المختلفة وادارة هذه التباينات بصورة فعالة. هذه المهمة تتطلب تقوية الحكومة واسنادها في عملها وترتبط باصلاح الحرية والتغيير وتوسيعها وسد ثغراتها وليس هدمها وتكسيرها، تتطلب بناء الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني ولجان المقاومة والأحياء وتنظيمها وتمثيلها لمصالح القوى الاجتماعية المختلفة.
أن ننجح أو نفشل هو خيارنا بالكامل ويمكننا ان نختار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.