علام الرهان والتعويل على حمدوك

0 79

كتب: جعفر عباس

.

منذ أن عاد الى منصبه رئيسا للوزراء بأمر الانقلابي عبد الفتاح البرهان، لم يفتح الله على الدكتور عبد الله حمدوك بكلمة يستنكر فيها انقلاب 25 أكتوبر، أو حل حكومته وسجن زملائه مع عدد من السياسيين، او تنصيب نفر ممن قامت ثورة ديسمبر لإزاحتهم من المشهد في وظائف تنفيذية وسيادية قيادية، ولم يأت على ذكر هذه الأمور إلا عرضا كوقائع، وفي سياق الإجابة على أسئلة وجهت إليه. 

أشهر حمدوك انسجامه مع العسكر واندغامه في المنهج الانقلابي بالتوقيع على اتفاق مع البرهان في 21 نوفمبر، ينص مستهله صراحة على أنه مؤسَّس على قرارات البرهان كقائد للجيش والانقلاب منذ 25 أكتوبر، بينما تنص بنوده على تفكيك أو تعطيل كل ما يقود الى تحقيق غايات الثورة، وبذلك يكون حمدوك قد قبل بحق البرهان كقائد للانقلاب في إصدار القرارات النافذة بما في ذلك قرار اعتقاله هو نفسه ثم الإفراج عنه.
أما الدليل الحاسم والقاطع بأن حمدوك منسجم مع النهج الانقلابي (بعيدا عن تصريح حميدتي بأنه كان موافقا عليه) فهو أنه رضي بالعودة الى منصبه وهو بلا أي صلاحية سوى ما يتكرم البرهان بإسباغها عليه، بل إن حمدوك راض تماما عن إزاحة قوى الحرية والتغيير (قحت) التي أتت به الى رئاسة الحكومة من المشهد تماما، رغم أنف الوثيقة الدستورية التي تنص على أن قحت هي من يختار رئيس الحكومة والوزراء وأنها الند الكامل للمكون العسكري (وتكاد قوى الثورة أن تجمع على ان قحت كانت معتلة ومختلة منذ التوافق مع العسكر في أغسطس 2019، وشخصيا كتبت في جريدة التيار في مايو المنصرم كاشفا عوار وانتهازية قادة قحت ومطالبا بتغييرهم- انظر المرفق- ولكن أمر التغيير بيد قوى الثورة وليس البرهان او حمدوك).
وعليه يكون حمدوك قابلا بحق البرهان في إلغاء ما لا ينسجم مع غايات الانقلاب من بنود الوثيقة الدستورية تمهيدا لإلغائها بالكامل وصوغ أخرى جديدة، وقابلا بأن يكون البرهان ومجلس سيادته غير الشرعي السند الوحيد له، بدرجة أنه وعندما قيل له في مقابلة تلفزيونية إن ما أقدم عليه من توافق مع البرهان سيحرمه من قسم كبير من السند الشعبي الذي ظل يحظى به، قال إنه غير معنِي بأمر شعبيته، وقد لاحظ الروائي الكبير حمور زيادة في ذلك أن حمدوك يقول بالبلدي إن الرأي العام “ما فارِق معاي، وأنا الأكثر دراية بمصالح العباد والبلاد”- انظر المرفق الثاني وهو مقال لي في جريدة التيار في مايو المنصرم عن أن عدم ميل حمدوك لمخاطبة الشعب لتوضيح سياساته ومراميها قد يجعل شعبيته تتآكل
وبالأمس القريب اجتمع حمدوك من نفر تم اختيارهم بليل بزعم أنهم ممثلو لجان المقاومة، ومع قيادات ولائية لحزب الأمة القومي من وراء ظهر قيادته المركزية، وحدثهم عن الواقع الراهن وعن العبور والانتصار والشراكة النموذجية مع العسكر، ومن ثم جاء السؤال: هل يسعى حمدوك الى خلق حاضنة جديدة لنفسه في تناغم مع جهد حميدتي والبرهان الرامي الى وضع بعض رجالات الإدارة الأهلية في قلب كيانات صنع القرار؟
ظل قسم من جنود ووقود ثورة ديسمبر يأمل في ان حمدوك وبرغم ظواهر الأمور الراهنة من تكبيل يديه وقدراته، سيثبت أنه ذلك الحاوي القادر على قلب الطاولة على العسكر وينهض مجددا نفسه كما طائر الفينيق ويحلق عاليا في سماوات المجد الثوري، ولكن ظواهر الأمور تلك تشي أيضا بأن جراب الحاوي “خاوي”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.