في كل المجازر الفاعل مجهول
كتب: جعفر عباس
.
أعلن مجلس السيادة البرهاني أمس إنه سيتم التحقيق في عمليات القتل التي تمت في الفترة الأخيرة، وبموازاة ذلك خاطب محمد حمدان دقلو حميدتي حشدا كبيرا من ضباط الشرطة وأثنى على جهودهم في حفظ الأمن و… تبرع “من حر ماله” بمرتب شهر لكل واحد من منسوبي الشرطة- واللبيب يفهم.
= منذ الاستقلال لم يسفر أي تحقيق عن مذبحة عن أي نتيجة.
• في أول مارس 1954 زار السودان الرئيس المصري محمد نجيب لحضور افتتاح البرلمان الذي كان يتهيأ لإعلان الاستقلال، وسير أنصار حزب الأمة موكبا كبيرا في ذلك اليوم اصطدم بالشرطة التي اطلقت النيران وقتلت 30 شخصا بينما أصيب 117 بجراح وكان من بين القتلى في الجانب الآخر مدير الشرطة الإنجليزي وحكمدار شرطة الخرطوم، وتم اجراء تحقيق ودفن نتائجه.
• في 17 فبراير 1956 أي بعد إعلان استقلال السودان بأيام قليلة وفي ظل حكومة إسماعيل الأزهري حدث خلاف بين المزارعين في مشروع جودة في النيل الأبيض وإدارة المشروع وقام المزارعون باحتجاجات واسعة في كوستي فتم اعتقال 300 منهم وحشرهم في مستودع من الزنك للمبيدات الحشرية، وفي اليوم التالي اتضح ان 298 منهم ماتوا بالاختناق، وتم أيضا لفلفة التحقيق ودفنه.
• في أواخر مارس 1970 حدثت مواجهات مسلحة بين قوات حكومة نميري ومسلحين من الأنصار بقيادة الهادي المهدي في الجزيرة أبا راح ضحيتها المئات بعد قصف بالطائرات والدبابات والمدفعية، و قتل الهادي لاحقا على قرب الحدود مع اثيوبيا، وفي ذات السياق حدثت مواجهات بين الأنصار والجيش في ود نوباوي راح ضحيتها 34 من العسكريين و261 من الأنصار المدنيين.
• نفذ الضباط الشيوعيون انقلابا على حكومة جعفر نميري في 19 يوليو 1971 وبعدها بثلاثة أيام تحرك مناصرو نميري وأفشلوا الانقلاب وفي سياق تلك الأحداث تعرض ضباط مناصرون لنميري كانوا محتجزين في بيت الضيافة في شارع الجامعة لعمليات قتل جماعية راح ضحيتها أكثر من عشرين منهم وتم اعدام ضابطين بتهمة ارتكاب المجزرة، ولاحقا تم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة احد قضاة المحكمة العليا، وتم التكتم على نتائج التحقيق بعد تسرب أنباء بأن مجموعة من الضباط تحركت في ذلك اليوم بغرض التخلص من نميري والانقلاب الشيوعي معا ثم غيرت موقفها عندما أدركت ان انصار نميري نجحوا في العودة الى المشهد بقوة في ذلك اليوم، وبرز من تلك الأسماء الضباط عبد الرحمن شامبي وحماد الأحيمر واحمد فتح الله وقد اعدموا مع آخرين بعد فشل محاولة انقلابية قاموا بها في عام 1975 بقيادة المقدم حسن حسين.
• في مارس 1987 وفي ظل حكومة الصادق المهدي حدثت مجزرة بشعة في الضعين حيث قام تجمع لمحاربي قبائل المنطقة بهجوم مسلح على حي البروش الذي كان يعيش فيه الآلاف من أهل جنوب السودان الفارين من الحرب الأهلية في مناطقهم، وقتلوا أكثر من 1700 شخصا، ولجأ بعض من فروا من المجزرة الى شريط السكة حديد حيث وضعتهم الشرطة في عربات بزعم حمايتهم ثم أغلقت عليهم الأبواب بالجنازير فجاء رجال القبائل وأشعلوا النيران في العربات واحترق وتفحم الآلاف في واحدة من أبشع عملية قتل جماعي عرفتها البشرية، ورفض رئيس الوزراء الصادق المهدي وحلفاؤه في الحزب الاتحادي مجرد اجراء تحقيق حول المجزرة، بل تم اعتقال دكتور عشاري أحمد محمود الذي زار الضعين وكشف النقاب عن المجزرة.
• في عام 1998 في ظل حكومة عمر البشير قتل اكثر من 100 شاب كانوا في معسكر للدفاع الشعبي في العيلفون، وقتل كثيرون منهم وهم يسبحون في النيل هربا من النيران، ومهندس تلك المجزرة يحظى اليوم بوظيفة كبيرة في الجامعة العربية ممثلا للسودان.
• في مطلع العام 2005 خرج متظاهرون من مطالبين بحق العمل في بورتسودان، ففتحت الشرطة النيران وقتلت 21 منهم وجرحت المئات وتم لفلفة الموضوع رغم تحقيقات النيابة.
• في 13 يونيو 2007 سير مواطنو كجبار في الولاية الشمالية موكبا رفضا لإقامة سد في منطقتهم ففتحت الشرطة النار عليهم وقتلت تسعة منهم، وما زال الفاعلون طلقاء رغم فتح تحقيق حول الموضوع قبل أكثر من سنة.
وقتل أكثر من 300 الف مواطن دارفوري في ظل حكم عمر البشير ورغم افتضاح أمر من نفذوا تلك المجازر إلا ان من يواجهون الاتهام بارتكابها خمسة أشخاص فقط.
ثم كانت مجزرة القيادة العامة وكبير المحققين فيها (نبيل أديب) ما زال يفتي في الفاضي والمليان في كل شيء إلا أمر التحقيق نفسه.
(أرجو ان نستفيد من هذا البوست لتوثيق المجازر كبيرها وصغيرها منذ الاستقلال).