مستشار “حمدوك” يرسم صورة قاتمة للإقتصاد في ظل جائحة (كورونا)

0 228

الخرطوم ــ السودان نت

قبل أيام الانتشار الواسع لفيروس (كورونا) حول العالم، كان قد طلب الصحفي البريطاني والمدرب العالمي “جيمس البرتش” من بعض الصحفيين بالخرطوم مناقشة كيفية كتابة قصة صحفية حال اضطرت الحكومة لتأجيل موعد المؤتمر الاقتصادي المزمع قيامه نهاية الشهر الجاري بسبب (كورونا)، وبالفعل لم يمض يوم حتى أعلنت الحكومة عن تدابير وقائية لحقتها بإعلان تأجيل المؤتمر الاقتصادي إلى أجل غير مسمى، وتعول الحكومة في قيام المؤتمر لوضع رؤى لتطوير الاقتصاد السوداني، حيث شكلت (14) لجنة متخصصة للفعالية، قبل أن يلغي فيروس (كورونا) بظلال سالبة على مجمل الأوضاع  الاقتصادية بالعالم، كما أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة رسمت صورة قاتمة لمستقبل الاقتصاد السوداني، خاصة بعد أن أجلت المؤتمر الاقتصادي.. يبدو أن المهتمين بالشأن السوداني كانوا يعولون على المؤتمر هذا لانتشال الاقتصاد من واقعه المرير.

بعيداً عن انتشار (كورونا) فإن الواقع الاقتصادي في السودان يمر بظروف غاية في التعقيد؛ لجهة أن الحكومة الانتقالية التي تكونت بعد قيام الثورة وجدت أن الأجدى والأسلم هو الالتزام بروشتة البنك الدولي القاضية برفع الدعم، وبدأت بالفعل في تنفيذ ذلك الأمر، لكن رغم ذلك فقد توقع المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاقتصادي “د.آدم الحريكة” حدوث انكماش في الاقتصاد السوداني وأنه سيمر بظروف صعبة في ظل الانكماش في الاقتصادات العالمية.

جدوى المؤتمر الاقتصادي

“الحريكة” يرى أن المؤتمر الاقتصادي الأول يتيح الفرصة للمختصين لتحليل الأزمة الاقتصادية الآنية، ووضع الحلول والبدائل لتستهدي بها الحكومة في برنامج الإنعاش الاقتصادي بما يدعم استقرار الأسعار وسعر الصرف وتوفير السلع الضرورية. ولفت خلال حديثه أمس (الأربعاء) في الدورة التدريبية للصحفيين الاقتصاديين التي ينظمها المركز الثقافي البريطاني، بالتعاون مع مركز (تومسون فاونديشن)، إلى أن تأجيل موعد المؤتمر الاقتصادي لن يؤثر على الأوضاع الاقتصادية الراهنة؛ لجهة أن الحكومة سبقت المؤتمر بإجراءات شملت الوقود التجاري وبعض الإصلاحات في الذهب. وقال إن مثل هذه السياسات لا يمكن أن تؤجل. وتوقع “حريكة” أن تساهم هذه الإجراءات تدريجياً خلال الفترة الانتقالية في استقرار سعر الصرف، والبدء في استقرار الأسعار. ووصف إدارة الاقتصاد خلال فترة حكم الإنقاذ بإدارة التمكين. وشدد على ضرورة إصلاح النظام المصرفي، راهناً الخروج من الوضع الاقتصادي الراهن بإجراء الإصلاح المؤسسي، وفك العزلة مع النظام الخارجي، فضلاً عن إصلاحات الدعم، وإكمال عمليات السلام.

حصائل الذهب وملابسات (الفاخر)

أكد “حريكة” أن الحكومة تعول كثيراً على عائدات تصدير الذهب لإنعاش الاقتصاد. وأقر بأن استخدام شركة (الفاخر) لإستيراد السلع الأساسية لا يمثل الطريقة المثلى في الحل، بيد أنه استبعد أن تكون هنالك شبهة فساد. وقال: (نتعامل بشفافية في هذه المرحلة، وليس هنالك أمور تحت التربيزة). وكشف عن وجود عطاءات مفتوحة لأي شركة تريد تصدير الذهب، مبيناً وجود اتجاه إلى إنشاء شركة عامة تحتكر الذهب. وأقر بوجود تساهل في التعامل مع شركات الذهب خلال عهد النظام البائد، مبيناً وجود نسبة كبيرة من الذهب تهرب عبر مطار الخرطوم، لافتاً إلى وجود (17) مدخلاً بمطار الخرطوم، وعدم إخضاع صالة كبار الزوار للتفتيش والرقابة، كاشفاً أن إدارة المطار أكدت أن إنشاء سور واحد ومدخل واحد للمطار يكلف (56) مليون دولار. وأرجع أن تعدد مداخل المطار ساهم في تسرب إيرادات كبيرة للدولة، كان يمكن أن تعوض ما فقدناه خلال الانفصال. وأوضح أن نصيب الحكومة في شركات الذهب يتراوح ما بين (18- 30%)، إلا أنه كشف  أنه وبالرغم من هذه النسبة إلا أنه لم يكن لديها الحق في إصدار القرارات وإيقاف الشركات؛ لجهة أن الحكومة كانت ممثلة في أشخاص يمثلون جزءاً من هذه الشركات.

الدعم الخارجي

وكانت تتطلع الحكومة إلى الدعم الخارجي خاصة بعد إلغاء الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات المفروضة على البلاد لكن “حريكة” أكد أن الحكومة لا تتوقع وصول دعم خارجي كبير، لافتاً إلى أن وزير المالية يمتلك سناريوهين في حالة وصول الدعم أو عدمه، كاشفاً أن ما وصل للحكومة فقط (500) مليون دولار، وذهبت إلى دعم السلع. وأشار إلى أن الإصلاح الذي يتم يمكن أن يجلب تدفقات مالية من المستثمرين والمغتربيين والمانحين التقليديين، مشيراً الى أن هنالك جهات مستعدة لدعم المناطق المتأثرة بالحروب. ونوه إلى ضرورة إصلاح السياسات، ووضع برنامج وطني يمكِّن المانحين من دعم البلاد. وأكد إخضاع بعض السياسات للمراجعة.

منع التهريب وتعديل القوانين

وكشف مستشار رئيس الوزراء عن تعديل قادم في قوانين منع التهريب والاستثمار، بالإضافة إلى قوانين ضبط الأسواق من خلال التعاونيات. وأكد عدم وجود معلومات دقيقة عن الشركات الأمنية. وشدد على ضرورة أن تكون أي شركة في القطاع العام تحت ولاية وزارة المالية وتنظيم شركات الذهب بحيث تخضع لقانون تنظيم النشاط الاقتصادي، مشدداً على ضرورة التدقيق في سجل الشركات. وقال إنه لا غضاضة في وجود شركات أمنية أو عسكرية، شريطة أن لا تعمل لمصلحة أفراد أو اقتصاد موازٍ، بل تعمل بشفافية تحت إدارة المالية، مؤكداً عمل الدولة في إطار الإصلاح المؤسسي.

روشتة البنك الدولي

ويبدو أن دعم السلع يمثل أكبر تحدٍّ للحكومة الانتقالية؛ لجهة توصيات البنك الدولي بضورة إجراء إصلاحات اقتصادية من بينها رفع الدعم. ويؤكد “حريكة” ضرورة تقنين رفع دعم عن المحروقات لتقليل الصدمة ولضمان وصول الدعم للفئات المستحقة. وأشار إلى ضرورة إجراء إصلاحات في ما يتعلق بالأجور ودعم الصحة والتعليم. وأقر بأن رفع الدعم يحتاج إلى فترة زمنية حتى يرفع تدريجياً، مستشهداً بالتجربة المصرية التي استمر فيها الرفع التدريجي لفترة خمس سنوات. وكشف عن وجود خلل كبير في دعم الدولة للسلع الأساسية، لافتاً إلى وجود أربع ولايات فقط استأثرت بنسبة (70%) من دعم الدقيق، تشمل الخرطوم، الجزيرة، نهر النيل وجنوب دارفور، بينما ثلاث ولايات استأثرت بنسبة (70%) من دعم الوقود وهي الجزيرة، البحر الأحمر والخرطوم، وعزا الأمر للتركيبة السكانية، وشدد على ضرورة إصلاح المنظومة ككل. وكشف أن الدعم السلعي أصبح يمثل (36%) من موازنة الحكومة للعام 2019. وأوضح أن دعم الحكومة للدقيق وصل إلى (800) جنيه للطن، وعدّه اختلالاً كبيراً في الاقتصاد. وقال إن تم رفع الدعم يمكن أن يسهم دعم الوقود في تشييد (3000)  مدرسة، و(500) بئر لمياه الشرب، أو (1000) مركز صحي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.