مُحاولة إغتيال حمدوك مرفوضة .. ولكن وجدان الشعب السوداني غير موحَّد.

0 68

بقلم : عادل شالوكا

محاولة الإغتيال الفاشلة التي تعرَّض لها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك صبيحة الإثنين 9 مارس 2020 لا شك إنها تجد الإدانة من الجميع سواء كان الشعب السوداني أو المجتمع الإقليمي أو الدولي أوغيره. ولكن المُدهِش هو اللغة التي ميَّزت بيانات الشجب الإدانة والإستنكار من القوى السياسية السودانية والتي تُعبِّر عن الخطاب الرسمي للمركز. وبالرغم من إن المُستهدف بهذه المحاولة محسوب على الهامش، إلَّا إن إهتمام هذه الكيانات السياسية بالحدث لا يُماثِل درجة تفاعُلِها مع أحداث أكثر بشاعة في مناطق عديدة من البلاد مثل مجازر أطفال (هيبان) بجبال النوبة، أو حادثة الإغتصاب في (تابت) بشمال دارفور، ولا جرائم الحرب في النيل الأزرق .. وغيرها من الجرائم التي لم تُحرِّك ساكنهم، ولكن تحرَّكت مشاعرهم تجاه أطفال غزة في فلسطين ..!!. فأين هي القواسم المُشتركة لبناء (أمة) واحدة ؟. ولعل ما حرَّكهم بالأمس كان إستهداف هذه العملية الإرهابية مركز السلطة في الخرطوم، وبالتالي كان التعاطُف مُرتبط بالجغرافية أكثر من الإنسانية وقيمها السمحاء. فما أقلق مضاجع الكثيرين هو نقل الموت والدمار إلى غير المناطق المألوفة والتي صار الموت فيها من الأشياء العادية، والأمن والسلام والإستقرار فيها – إستثناء.

إندهشنا عندما قرأنا عبارات على شاكلة : (إن هذه الحادثة تُمثل سلوكاً دخيلاً على المجتمع السوداني .. ولا تشبه قيم تسامُحِه وتماسُكِه المُجتمعي … إلخ) !! .. أين مثل هذا الحديث طوال الثلاثين سنة وأكثر والنظام يُمارس التقتيل والإغتصاب في مناطق الحرب وضد المدنيين الأبرياء والعُزَّل .. فهل كل ذلك كان يُمثِّل قيم المجتمع السوداني ؟ ألم يكن إغتيال وليم دينق، والدكتور/ جون قرنق عمل إرهابي ؟ .. وهل كانت الطريقة التي قُتل بها داؤود يحيى بولاد تشبه قيم المُجتمع السوداني؟ .. بولاد الذي إكتشف إن مكانه الطبيعي في خانة (هم) ولا علاقة له بـ(نحن) حسب معاييرهم وتصنيفهم .. وبعضهم لم يخف إحتفائه بمقتل البعض، بل خرجوا في مسيرات !! .. فعن أي قيمٍ سودانية نتحدَّث ؟.

والنظام البائد طيلة سنوات حكمه إستهدف قوميات كاملة في حرب إبادة شاملة دون أن ترمُش لهم عين أو جفن !! أم ليس هؤلاء بسودانيين .. وبشر؟ وأين مبدأ المواطنة .. ولكنها ثنائية (نحن) و (هم) .. فـ(هم) ليسوا منَّا، ولا يهمُّنا كثيراً ما يحدُث لـ(هم). فهذا هو المنطق الواقعي لتفسير هذه الإزدواجية في المعايير.

وبالتالي الشعب السوداني لم يكن إطلاقاً في يوم من الأيام شعبٌ واحد، بل شعوب مُتفرِّقة الهوَى والضمير والوجدان .. والمصير. وتباين تعريفه ما بين (شعبٌ عربيٌ كريم) و (شعبٌ سودانيٌ كريم). وما حدث في 1821 كان تجميعاً لتلك الشعوب في (حقل كلية) غير مستوفي شروط (الإنسجام) .. ومن الطبيعي أن تتجزَّأ الجغرافية وتنقَّسِم، أو (تنفصِل) .. كنتيجة لإنقسام الوجدان .. ووفقاً لقوانين الجدل .. والسيرورة.

فهل يدرك الشعب السوداني مخاطر ذلك، وهل توجد إرادة سياسية لدى النُخب لبناء وجدان مُشترك بدلاً عن (التماسُك المجتمعي) المُتخيَّل، وغير ذلك من الخطاب الإعتباطي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.