٢٥ ديسمبر وما بعدها

0 74

كتب: خالد عمر يوسف

.

مرة أخرى انتصر شعبنا على عسف سلطة الانقلاب وكبدها هزيمة نكراء.. كل يوم يمر نسير خطوة إلى الأمام ويتصدع فيه معسكر الانقلابيين وسيصل شعبنا إلى مراميه كاملة متى ما اكتملت مطلوبات هزيمة الانقلاب، في هذا السياق لدي بضع ملاحظات من وحي ملحمة الأمس أود أن أسجلها وهي بكل تأكيد قابلة للأخذ والرد.

 

١- العنف البالغ الذي تصدت به سلطة الانقلاب بالأمس للثوار، سببه هو ازدياد التصدع الداخلي في صفوف الانقلابيين، وظن كل طرف منهم أن شيئاً في الخفاء يُحاك ضده تحت ستار الحراك الجماهيري.. هذا العنف والأفعال الغريبة كقفل الكبري بالحاويات، وقطع الاتصالات، تُدلل على أن جبهة الانقلابيين الداخلية تتهاوي وتؤول للسقوط.

 

٢- هنالك معسكرين رئيسيين في المشهد الحالي.. معسكر الانقلاب الذي يضم قادة القوات النظامية وبعض الحركات المسلحة وأطراف من النظام البائد وانضم له بعد اتفاق ٢١ نوفمبر د. عبدالله حمدوك. هذا المعسكر غير موحد وتتباين بعض مصالحه ولا يتشارك ذات الخطة. المعسكر الآخر هو معسكر القوى المناهضة للانقلاب والذي يضم لجان المقاومة، وقوى الحرية والتغيير، والحزب الشيوعي، والحركات المسلحة غير الموقعة على سلام جوبا، ومجموعات مدنية أخرى. هذا المعسكر أيضاً يفتقر للوحدة بين صفوفه ويتبنى بعض أطراف الحزب الشيوعي فيه خطاً منفرداً عبر عنه م. صديق يوسف في حوار مع اليوم التالي قبل يومين يقوم على إبعاد كل مكونات الحرية والتغيير تماماً وإقامة “مركز موحد” وصفه م. صديق بأنه يتكون من “القوى الأكبر في الشارع اليوم هي لجان المقاومة، والمنظمات الديموقراطية المتعددة، في العاصمة والأقاليم، وتجمع المهنيين، والإتحادات واللجان والأجسام الثوورية الحية”.. من الواضح أن هذا المركز الذي عبر عنه م. صديق يقوم على أن يكون للحزب الشيوعي فيه اليد العليا بطرق متعددة، وهو أمر مشروع لو اتبع وسائل نظيفة تقوم على عرض الفكرة والنقاش للاقناع بها، ولكن للأسف فإن هذا المشروع يعبِّر عنه بوسائل مدمرة تقوم على السعي لإقصاء أطراف أخرى من ذات المعسكر عبر شيطنتها وتسميم الأجواء وتعطيل الوصول لتوافق بين القوى المناهضة للانقلاب بإثارة التناقضات في صفها بصورة مستميتة.

 

٣- نجح الحراك الثوري حتى الآن في شل حركة السلطة الانقلابية، وهو عين ما يهدف له أي حراك سلمي، وما تقوم به السلطة من اغلاق للكباري وقطع للاتصالات وعجزها البيِّن عن التقدم أي خطوة في تنفيذ مشروعها بل وحتى تشكيل حكومة، يؤكد أن الحراك الثوري قد أصابها بالشلل التام.. هذا الشلل كان سيقود بشكل مباشر لهزيمة الانقلاب إذا ما توفر مركز موحد للقوى المضادة للانقلاب يطرح مشروعاً بديلاً متفقاً عليه يحدد آلية تسليم السلطة للشعب وإدارة الانتقال عقب ذلك، ولكن عدم التوافق على هذا المشروع حتى الآن جعل من حالة شلل السلطة هذا جموداً عاماً قد يفتح البلاد على سيناريوهات أخرى مثل المغامرات العسكرية التي فد تقود لمآلات أخرى، وعليه فإن واجب اقامة الجبهة الموحدة المناهضة للانقلاب واجب عاجل لا يحتمل التأخير.

 

٤- استثمرت السلطة الانقلابية في العامين الماضيين كل مقدراتها في تشويه الحراك المدني واستهداف الفاعلين فيه بالإشاعات والأكاذيب وبذر بذور عدم الثقة بين مكوناته، هذا الخطاب للأسف يجد الآن من يروج له بين قوى الثورة وهو ما يخدم مخططات الانقلابيين بصورة أو أخرى. توحيد الجبهة المدنية المقاومة للانقلاب يقوم على التقييم المنصف لتجاربنا الماضية وتحديد أوجه القصور فيها ومعالجتها لتمتين هذه الجبهة في المستقبل.

 

٥- الطريق إلى الأمام الآن أوضح ما يكون، نحتاج مركز موحد يتوافق على رؤية سياسية لهزيمة الانقلاب والشروع في انتقال مدني يقود لانتخابات حرة ونزيهة، هذا المركز يقوم على علاقة تنسيقية بين مكوناته لا تذوب فيه جهة ولا تهيمن أو تسيطر جهة.. نقاط التوافق داخل الجبهة المناهضة للانقلاب واسعة للغاية، فقط نحتاج لإرادة غالبة تنجز هذه الخطوة وعزل لمخططات الانقلابيين التي ترغب في تفتيت هذه الوحدة. يمكننا ذلك.. فعلتها قوى شعبنا الحية في اكتوبر وابريل وديسمبر بوحدة صفها وتنظيمها وستفعلها الآن وهي مزودة بقوة شعبية هائلة صنعتها ثورة ديسمبر المجيدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.