تأثير فوز بايدن على المنطقة والسودان

0 156

كتب: الحاج وراق

.

  • بات في حكم المؤكد فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية . لكنه فوز بطعم العلقم ، فعلى عكس توقعات استطلاعات الرأي اتضح ان المجتمع الامريكي منقسم بحدة، وصوتت غالبية الامريكيين البيض لترامب ، مما يعني ان أولوية الرئيس القادم ستكون في الداخل الأمريكي – كيفية إعادة اللحمة للمجتمع وإبراء جراحه.
  • وأكدت الانتخابات ان ترامب ليس مجرد شخص وانما تعبير عن تيار إجتماعي واسع – التيار القومى – ، ولذا فإن بايدن سيضطر لتقديم تنازلات لهذا التيار، مما يرجح ان برنامج الإدارة الامريكية القادمة العملي سيعبر عن تسوية بين برنامجي الديمقراطيين والجمهوريين.
  • وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة ، فهناك استراتيجية عامة مجمع عليها ، تقوم على تأمين منابع النفط وطرق إمداده ، والمحافظة على أمن اسرائيل ، ومكافحة الإرهاب . وستظل هذه الأولويات حاكمة للسياسة الأمريكية رغم الفروق التفصيلية بين الحزبين في كيفية تحقيق هذه الأولويات.
  • وظفت الولايات المتحدة التيار الإسلامي – خصوصاً الاخوان المسلمين – طيلة الحرب الباردة كترياق ضد الشيوعية والحركات القومية اليسارية . وأوكلت مهمة رعاية هذا التيار لسنوات للمملكة العربية السعودية . ولعبت هذه الصيغة دوراً مهماً في إرهاق الاتحاد السوفيتي بأفغانستان وإخراجه منها . لكن تغير المشهد لحدِ ما عقب الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة 11 سبتمبر 2001.
  • رأي الحزب الديمقراطي بصورة عامة مواصلة توظيف الإسلامويين باعتبارهم سلاحاً فعالاً ورخيصاً ، سواء في أجندة المنطقة ، أو في المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا – حيث توجد أقليات مسلمة مقدرة – ويمكن أن يزعزع الإسلام السياسي نظامي البلدين ، خصوصاً وانهما نظامان مغلقان . إضافة إلى ان فتح المجال للاسلامويين للسيطرة على بعض بلدان المنطقة سيضطرهم بحكم ضرورات الحكم للتواؤم أكثر مع مطلوبات الغرب فيما يتعلق بالحد من الارهاب وضمان حقوق غير المسلمين وحقوق النساء والسلام مع إسرائيل. وكذلك توظيف الإسلامويين كحائط سني أمام إيران ولتقويض النظام السوري حيث الأغلبية سنية . فضلاً عن ان تهديد الاسلامويين سيدفع الدول المحافظة في الخليج لطلب الحماية الأمريكية بصورة أكبر . فإذا حقق الإسلامويون المطلوب كان بها وإلا فانهم سيزعزعون ويقسمون بلدان المنطقة فتأكل بعضها بعضا بدلاً من ان توجه عداءها تجاه إسرائيل والغرب.

ومن ثم فإن الحزب الديمقراطي بصورة عامة يتعامل مع التيار الإسلامي وكأنه سحابة غيث أينما هطلت تأتيهم بخراجها !.

  • وفى المقابل يرى الحزب الجمهوري بعد 11 سبتمبر ان الإرهاب الإسلاموي لا يمكن عزله عن الظاهرة الأوسع – ظاهرة الإسلام السياسي – فهو امتداد لها ، وبحكم ثقافته السياسية فان هذا التيار معادٍ للتعددية وللغرب والانسانية ، وأكدت الأحداث الإرهابية ان غالبية الإرهابيين ذوو انتماء سابق في الإسلام السياسي مما يعني انه سلاح صدئ من اسلحة الإرتداد الذاتي توجهه نحو الخصم فيرتد إلى النفس أيضاً . ولهذا فإن الجمهوريين وإن قبلوا بإمكانية وجود (معتدلين) فانهم اكثر حذرا تجاه الاسلامويين ويتطلبون اثباتات عملية بناء على معايير محددة تؤكد الإعتدال.

ومع تزايد اعداد المسلمين في الغرب ، وتزايد مخاطر التطرف والإرهاب ، تحول الموقف من المسلمين والاسلاميين إلى ورقة انتخابية ، وتبنى اليمين موقفاً معادياً من الإسلامويين باعتبارهم مهددا للحضارة والديمقراطية ، بل وتبنت دوائر يمينية أكثر تشدداً موقفاً معادياً من الإسلام كدين.

  • ووجد الانقسام في امريكا – بين الديمقراطيين والجمهوريين – صدى له في المنطقة ، فصار المحور السعودي الاماراتي المصري متحالفاً عملياً مع الحزب الجمهوري ، بينما قطر حليفة للحزب الديمقراطي.
  • ورغم ان لقطر سبب للابتهاج بفوز بايدن ، حيث سيتوطد دورها كوكيل عن رعاية وتدجين الاسلامويين إلا ان فرحتها ، على عكس ما تتصور، لن تصل الى مداها ، لعدة اسباب ، أولها ان المحور الآخر – السعودية الامارات مصر – وكأنما تحسب لهذا الفوز فأمن موقفه لحد ما بالعلاقة الدافئة مع إسرائيل ، ولذا فان أية ضغوط أمريكية مستقبلية مضطرة لوضع هذا في الاعتبار ، والسبب الثاني ان السعودية والامارات كليهما دولتان نفطيتان وتملكان صناديق سيادية ضخمة وأيما رئيس أمريكي سيحسب كثيرا قبل ان يغامر بزعزعة استقرارهما أو تقويض العلاقة الاستراتيجية بهما ، والسبب الثالث انهما دولتان مركزيتان فى أي مسعى أمريكى – اسرائيلي لاحتواء إيران . فضلاً عن ان الديمقراطيين سبق واختبروا ان هاتين الدولتين حين تواجهان خطرا تعتبرانه وجودياً يمكن ان تتمردان على الموقف الأمريكي ، مثال دعمهما سوياً عزل الاخوان في مصر ، مغامرتين في ذلك بالوقوف ضد إدارة أوباما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.