فئات تستحق الكراهية
كتب: جعفر عباس
.
أكره لاعب القمار أكثر من كرهي لمتعاطي المخدرات، لأن من يمارس القمار يسلب نقود وقوت الآخرين، أو يعرض قوته وكرامته للسلب، وأكره القواد أكثر من كرهي للعاهرة، لأنه عاهر وسمسار عهر، بينما معظم العاهرات يعتزلن الرذيلة ويجدن طريقهن الى التوبة، ولكن القوادين هم من يقطعون عليهن طريق التوبة بالعنف الجسدي والترويع والابتزاز.
وأكثر ما يضايقني في كرة القدم هو “الجمهور” وليس اللاعبين، فاللاعب يستمتع ويُمْتع باللعب، ويتكسب منه، ولكن الجمهور هو الذي حوّل أندية كرة القدم الى “أصنام” وأضفى عليها قداسة، فصرنا نسمع بزوج يطلق زوجته لأنها هللت لهزيمة الفريق الذي يشجعه، ويقتل شخص آخر بسبب هدف أحرزه هذا الفريق او ذاك، وهناك ما ينفق على فريقه المفضل أكثر مما ينفق على ذوي القربى من المحتاجين.
معركتي مع الدجالين والمشعوذين بدأت وعمري نحو عشر سنوات، عندما أصبت بحمى شديدة لازمتني عدة أيام فأتوا برجل كتب على صحن أملس كلاما “خارم بارم” أي عديم المعنى، ورسم إلى جانب ذلك نجمة داوود (اليهودية) والصليب المعقوف للنازيين، ثم أتى بماء وغسل تلك الخزعبلات وطلب مني ان اشرب عصارتها، فضربت الصحن بيدي حتى انسكب الماء “الملوث” على ملابسه، فانتفض غاضبا وانهالت أمي علي ضربا بالشبشب (وكان شبشبا منتهي الصلاحية ومدججا بالمسامير لمنع تفككه) وصاح الدجال: ده ولد مسكون، والشيطان لن يبرح جسده أبدا، وارتفع عويل أمي وضاعفت له الأجرة حتى يمنع الشيطان من الإقامة الدائمة في جسدي، وبعد دلال وتمنع أعلن الرجل انه أقنع الشيطان بأن يغادر جسد الولد الغشيم جعفر، ويبحث عن وطن بديل.
وهناك من يشتكي لأنه تعرض للغش عندما لجأ الى شخص ليحول له 5000 الى خمسة ملايين.. طيب من اين كنت تريد لتلك الملايين ان تأتي؟ فالنقود تصدر عن جهة معينة وتحمل ارقاما متسلسلة، وبافتراض انه سيقوم فعلا بتسليمك مبلغا يفوق ما دفعته له ألف مرة، فمعنى ذلك ان ذلك المبلغ مسروق، أو مزور او مجرد أوراق ملونة.
أما من يلجأ إلى دجال لاستمالة قلب فتاة أو شاب باستخدام ما يسمى ب”عرق المحبة” أو لفركشة زيجة أو للفوز بصفقة أو مناقصة، أو طلبا للنجاح الأكاديمي أو المهني، فهو – ربما من حيث لا يدري – يؤمن بأن الدجال يستطيع التحكم في ما هو “مكتوب” سلفا في لوح القدر
في كوستي كان هناك رجل يجلس قرب طاحونة يزعم انه يحصن الناس ضد السلاح: وذهبت اليه مع بعض الأصدقاء وفرح بنا وقال انه سيعطينا تخفيضا خاصا على أساس “سعر الجملة”، فينال كل منا حجابا ضد السلاح، فقلت له ما رأيك في أن نعطيك جنيها كاملا وتحتفظ بحجاباتك، وتعطيني سكينا وأجربها على جسمك للتأكد من فعالية التحصين، فما كان منه إلا أن أخرج سكينا من كيس وهددنا باستخدامها لطعننا ما لم نغادر المكان على الفور!
في إحدى قرى محافظة الغربية بمصر، تتوافد النساء على امرأة مسنة اسمها فوزية لها قدرات الالترا ساوند /الموجات الصوتية، لمعرفة جنس الجنين، ويقول من يصدقونها انها تعرف نوع المولود بمعادلة كالآتي: عدد أحرف اسم المرأة الحامل، زائدا أحرف اسم والدتها، زائدا عدد ايام الشهر الذي حدث فيه الحمل، زائدا عدد ايام الشهر الذي ستلد فيه وإذا جاء الناتج عددا فرديا كان المولود ذكرا وإذا كان زوجيا جاء أنثى. لم يسأل هؤلاء البلهاء أنفسهم: إذا كانت معادلة تحديد جنس الجنين معروفة فما حاجتكم الى فوزية او عشة الجبل؟ وأصلا لماذا يذهب شخص الى طبيب لمعرفة نوع الجنين بالموجات الصوتية؟ الحمل حصل وخلاص.. ولا سبيل لتغيير جنس الجنين فما الفائدة المرجوة من معرفة ما إذا كان ذكرا ام أنثى وتحديد جنس الجنين لا يتم بطريقة “ما يطلبه المستمعون/ المشاهدون”؟