كيف جرى أحكام الخناق على الانقلاب؟
كتب: تاج السر عثمان بابو
.
1
بعد أكثر من مائة يوم علي الانقلاب الدموي والمقاومة الباسلة له من جماهير شعبنا يجرى احكام الخناق عليه داخليا وعالميا، فقد جاءت مليونية ” ترس الشمال” الاثنين 7 فبراير هادرة في العاصمة والاقاليم ، والتي دعت لها تنسيقية لجان المقاومة بولاية الخرطوم في استهلالها لمواكب شهر فبراير 2022 ، وفي رسالة تحدى للدكتاتورية بأن السلطة سلطة شعب والثورة ثورة شعب والعسكر للثكنات، وأطلق عليها مليونية ” ترس الشمال”، دعما للرفاق في اعتصام الشمالية ، وقررت التوجه للقصر الجمهوري، وكان قد سبقها مظاهرات الوفاء للشهداء كما في أم درمان واعتصام اليوم الواحد ، ومظاهرات في بري والخرطوم غرب وفعاليات في العاصمة والاقاليم، وقرار “ترس الشمال” الاغلاق الكامل حتى الغاء زيادة اسعار الكهرباء.الخ، وتهديد العاملين بالاضراب لعدم صرف المرتبات حتى يوم 6 فبراير،. الخ، وحصار السودانيين في الخارج للمطالبة بوقف الانتهاكات وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، كما في المذكرة التى رفعوها للمفوضية الاوربية، وقرار مجلس الأطباء الموحد بعدم الجلوس مع العسكر وفولكر أقر بالانقلاب، وفشل محاولة الفلول لرفع ترس كبرى الحماداب عن طريق تجمع مزارعي الشمالية ( مجموعة برطم) ، كما جاء في بيان تنسيقة لجان المقاومة بالولاية الشمالية، وغير ذلك من خطوات احكام الخناق علي الانقلاب..
استمرت المليونية رغم القمع الوحشي بالرصاص الحى والمطاطى والبمبان الذي غطي دخانه سماء المدن الثلاث ( الخرطوم، ام درمان، بحري)، والقنابل الصوتية مما أدي لاصابات بلغت اكثر من 103 اصابة ومازال الحصر جاريا، اضافة لحملة الاعتقالات الواسعة التي طالت حتى فريق بي.بي.سي المراسل فراس كيلاني، والمنتج محمد ابراهيم، والمصور مارك والتوجه بهم لجهة غير معلومة،والدهس بالتاتشر كما حدث لثائر في شرق النيل واعتقاله وهو ينزف دما، اضافة لاحكام التتريس كما في مواكب لجان أمرى لحماية ترس الشمال في حفير مشو من محاولة فضه الفاشلة ، وتتريس كبري عطبرة الرابط بين الخرطوم وبورتسودان، والسخرية من تهديد الفلول وحركات جوبا أما القبول بالتفاوض مع العسكر أو العودة للحرب، وكأنما القمع الوحشي الدائر منذ 25 اكتوبر الذي أدي لاستشهاد 79 شهيدا ، واصابة أكثر من 2120 ثائر ليس حربا ضد الشعب تتحمل مسؤوليته الحركات ومليشيات الكيزان والدعم السريع ، وقوات البرهان التي دبرت الانقلاب الدموي، وتقديم الجناة للمحاكمة، ومحاكمة مرتكبي مجزرة فض الاعتصام ، وتقديم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية!!.
رغم القمع المفرط استمرت المظاهرات بالقرب من القصر الجمهوري ، وبشعارات: مافي مليشيا بتحكم دولة، يابرهان ثكناتك أولي،
اضافة للخرطوم جاءت المواكب كبيرة في مدن وقرى الولايات كما في : مدني ، بورتسودان، القضارف، كسلا، ، سنار، سنجة، عطبرة، المناقل ، كوستي ، الدويم، وكريمة، أمري ، عبري، وبقية مدن ترس الشمال ، النهود، الجنينة ، الدامر ، كادوقلي، .الخ.
2
كما استحكمت حلقات الحصار علي الانقلاب الدموي واصبح فساده مكشوفا يزكم الانوف أعاد أجواء نظام البشير، كما في فساد حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم التى اوضحت مستندات تورطها في طلب قطع سكنية في ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض دون اتباع الاجراءات القانونية ( الراكوبة: 6 فبراير 2022) ، والصرف البذخي علي مؤتمر الإدارة الأهلية (400 دولار للفرد ، وتذاكر طيران ل 70 مؤتمرا) والذي انتهي بملاسنات ، في حين يعاني الشعب من الضيق في توفير ضروريات الحياة، اضافة لفشل كل لجان التحقيق في مجازر ما بعد 25 أكتوبر وعدم وصولها لشئ، فكيف يحاسب المجرمون انفسهم؟!! .
اضافة لكشف حجم النهب لثروات البلاد من شركات الجيش والأمن والدعم السريع ، كما في ترس الشمال الذي كشف تهريب الذهب في جوالات القمح والمحاصيل النقدية والماشية، بدون القنوات الرسمية لبنك السودان والتعامل بالعملة الصعبة، مما يتطلب عودة تلك الشركات لولاية وزارة المالية، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع وجيوش الحركات ومليشيات الكيزان وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي مهامه حماية البلاد لا قمع وقتل الشعب.
كما كشف التقرير السنوي الصادر عن خبراء الأمم المتحدة المكلفين بمراقبة حظر الأسلحة المفروض علي السودان،الجمعة 4 فبراير ، دعم الإمارات للمرتزقة السودانيين في ليبيا من حركات التمرد في السودان ، ومدفوعات الحركات من الإمارات وصلتها عبر مليشيات خليفة حفتر، وأن خمس حركات سودانية اتفقت علي مسائل التمويل والدعم اللوجيستي خلال اجتماعات قادتها العسكريين وممثل الإمارات في ليبيا ، كما اشار التقرير، مما يؤكد ارتهان تلك الحركات للخارج..
كما تجرى الحملة لاطلاق سراح المعتقلين ، فقد اعلن محامو الطوارئ عن 200 معتقل و40 مفقود منذ 25 أكتوبر ، وأن الاعتقالات تُنفذ عبر أفراد بالزي المدني وسيارات بدون لوحات، اضافة للعودة لبيوت الأشباح واحتجاز المعتقلين تعسفيا بسجن سوبا، كما اعلنت تنسقية لجان بري التي دعت لموكب الأحد 6 فبراير تنديدا باعتقال 68 من الثوار والناشطين خلال الأسابيع الماضية.
كما فشل موكب الفلول الفلول السبت 5 فبراير ، رغم قطر عطبرة الذي سُير بواسطة الجيش وقمع لجان مقاومة نهر النيل التي اعترضت قطار الفلول، كما تنازع الفلول حول المال وفشلو وذهبت ريحهم واصبحت منصتهم خاوية علي عروشها، في مشهد يعيد للاذهان فشل موكبي الردع والساحة الخضراءالايام الأخيرة لتميري والبشير علي التوالي وبعدها تمّ اسقاطهما.
هذا اضافة للصراع في دارفور كما حدث في الفاشر في مقر”اليوناميد” الذي ادي لمصرع ضابطين منهم القائد “ابوجمبة” من الحركة الشعبية – الجيش الشعبي، مما يشير لتفجر الصراع من جديد بين أطراف سلا م جوبا والمكون العسكري، بتحميل الحركة الوالي نمر ولجنة الأمن بالولاية المسؤولية في جريمة اغتيال القائد ابوجمبة،، وأن العسكر ليسوا جادين في سلام شامل ، كما حدث في سلام ابوجا والدوحة. الخ. واغلاق تجار سوق زالنجي احتجاجا علي ارنفاع الرسوم الحكومية علي البضائع.
كما كشفت المحكمة الجنائية الدولية خطل ما ورد عن سحب أوامر القبض علي البشير ، وأن اوامر القبض في مواجهة المطلوبين ما زالت سارية المفعول ، وليس هناك أي اتجاه بشأن سحبها.
3
كما ضاقت الجماهير ذرعا بعودة الفلول الي مفاصل الدولة والتمكين وبداية عودة الأموال المنهوبة لهم، و بغلاء الأسعار بعد الاستمرار في تنفيذ شروط الصندوق والبنك الدوليين في ميزانية 2022 برفع الدعم وتحرير السوق وخفض قيمة الجنية السوداني، كما في الزيادات الأخيرة في أسعار الكهرباء الدقيق والخبز والوقود ، فقد ارتفع سعر جالون البنزين من 1640 جنية الي 1868 جنية ، وسعر جالون الجازولين من 1561 جنية الي 1831 جنية ، وإعلان الأمم المتحدة أن العملة السودانية فقدت 87% من قوتها الشرائية،مما يتطلب رفض شروط الصندوق التي عانى منها شعبنا لأكثر من 40 عاما وافقرته، ودعم السلع الأساسية والتعليم والصحة ، وتركيز الأسعار مع زيادة الأجور.
لقد أدي استحكام الخناق علي النظام الي تصاعد السخط واتساع مقاومة الحركة الجماهيرية ضد الانقلاب ، مما يتطلب المزيد من التنظيم ، ومواصلة المقاومة بمختلف الاشكال والاسراع بقيام المركز الموحد والميثاق الذي يفضي للتغيير الجذري والاستفادة من دروس التجارب السابقة ، حتى قيام الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني للاطاحة بالانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي وانجاز مهام الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة.