تصريحات مصرية واقعية عن إستغلال مياه النيل! ماذا تغير؟ ١-٢

0 100

كتب: أتـيـم قـرنـق

.

خلال المائة عام الماضية، لم تحدث خلافات حادة تذكر حول إستغلال مياه نهر النيل؛وإن حدثت فلم تصل درجة الصراع و الوعيد بإستخدام القوة العسكرية بين دول حوض النيل. وان وُجِد بعض جذبٍ و جرٍ بين مصر و تنزانيا و كينيا و يوغنده و السُّودان فلم يبلغ مستوي الوعيد و التهديد. و لكن عند ما قامت إثيوبيا حديثاً ، ببناء سد النهضة، اثار هذا العمل التنموي ذوبعة مصرية عربية ‘مضرية’ حول مضارٍ متوهم يلحق بمصر و السُّودان نتيجةً لتشيّد هذا السدّ!

و السؤال المهم في مثل هذا الحال: هو لماذا أغضب هذا المشروع التنموي مصر و تآسدت و تنمّرت علي أثيوبيا و تتحدث كأن اثيوبيا توظف قسطاً من مياه مصرية خلف السد العالي؟ نعم، هذا ينبع من تاريخ مصر ودورها في احتلال بالقوة العسكرية و حكم اجزاءً واسعة من اراضي حوض النيل خلال القرنين الماضين؛ الشئ الذي إعطاءها الاعتقاد بملكيتها لمياه النيل.

إن شغف و اهتمام مصر بنهر النيل و مياهه هو إهتمامٌ قديم، و هناك اعتقاد مصري راسخ تعتبر ان لها ملكية و ‘حقوق تاريخية’ حصرية لمياه نهر النيل. و ذاك الشغف و هذا الاعتقاد مغروستان في اعماق التاريخ المصري والفكر المصري، منذ ازمنة الفراعنة القدماء مروراً بكل العهود و الحقب التاريخية التي مرت علي مصر. و حتي وقتنا المعاصر هذا، مازال الإنسان المصري يعيش علي وهم هذا التاريخ و الحقوق المزيفة!

الإهتمام المصري بمياه النيل و محاولة معرفة منابعه و هيدرولوجيته؛ دفعتها ان تعمل طول تاريخها بروح المغامرة و التخطيط علي الهيمنة و السيطرة علي النيل من منابعه الي مصبه. و هذا التوجه جعل مصر تعمل لتحقيق التفوق العسكري، وتحقق لها ذلك، مما دفعها ان تتصرف بمبادئ الدولة الاستعمارية فأحتلت أجزاء كبيرة من حوض النيل، و اخضاع إنسان تلك المناطق للقهر، بل أجازت الدولة المصرية رسمياً تجارة الرق و العبودية في جنوب السودان (1821-1885)!

و حتي عند ما كانت مصر تحت السيطرة البريطانية، كانت سياسات و تخطيط الدولة المصرية، هي التأكد من ان مصر هي صاحبة الكلمة الاخيرة في كل ما يتعلق بمياه النيل، و ذلك من خلال اتفاقيات تمت بين الإدارات الاستعمارية البريطانية التي كانت تستعمر و تسيطر علي معظم دول حوض النيل. و من هنا نبعت فكرة و وهم ‘حقوق مصر التاريخية المكتسبة في أمتلاك مياه النيل لوحدها’!

غير ان هذا و ذاك، عبارة عن جزء من تاريخ المنطقة، طوّته الأيام و الدهر الي الأبد. و منطقة حوض النيل خلال القرن الماضي، قد شهدت تحولات و تغييرات جوهرية كثيرة و عميقة، سياسية واجتماعية و اقتصادية و عسكرية و سيادية، بل آيضا، في مفاهيم حقوق امتلاك مياه النيل. و يبدو ان مصر لم تكن قد استوعبت كل هذه التحولات التاريخية و ظلت تعيش و تعتنق الوهم فيما يتعلق بحقوق مياه النيل تلك حتي افاقت مؤخراً خلال شهر يناير من هذا العام (٢٠٢٢)!

ان سد النهضة الإثيوبي هو الذي (أعاد الوعي) للنخبة المصرية بعد غي طالت مدة تعششه في ادمغة صانعي القرار في مصر.. نواصل..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.