الوقت هو حياة الإنسان

0 77

كتب: الفاتح جبرا

خطبة الجمعة

.

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المسلمون :

أعلموا إن نعم الله على الإنسان لا تعد ولا تحصى، ومن أعظم تلك النعم (نعمة الوقت)، فالوقت هو حياة الإنسان وللوقت في دين الإسلام قيمة عظيمة كثيراً لا نأبه بها ونعطيها إلإهتمام اللائق .

أيها الأحباب :

إن المتأمل في القرآن الكريم والسنة النبوية يدرك أن الشريعة الإسلامية قد بيَّنت قيمة الزمن في حياة الإنسان، وأبانت خطره بجلاءٍ فالله سبحانه وتعالى يمتن على عباده بنعمة الزمن، فيقول – سبحانه -:في سورة إبراهيم : “﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾
وقال تعالى مؤكدا هذه المنة العظيمة في آية ثانية من سورة النحل : ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾
وقد أنًب الله تعالى قومًا أضاعوا أعمارهم دون أن يَعمُروها بما ينفعهم يوم القيامة من الإيمان والعمل الصالح، فقال عز وجل في سورة فاطر : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾

أيها المسلمون :

إن من عظمة الوقت وخطره أن الله جل وعلا قد أقسم به في أكثر من موضع في كتابه، فأقسم جل شأنه بالليل، والنهار، والفجر، والصبح والشفق، والضحى، والعصر، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ﴾ وقوله تعالى:﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ وقوله تعالى: ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾.

وقد حذَّر نبيِنا صلى الله عليه وسلم من تضييع الوقت، وبيَّن أن كثيرًا من الناس يفرطون في هذه النعمة العظيمة، فقال: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).
ولخطر قيمة الزمن فسوف يسأل عنه الإنسان يوم القيامة فيم صرفه؟ فعن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه»؛ رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

أيها الأحباب :

لقد أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم باغتنام الوقت قبل فوات حياتنا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: “اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”.
أسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يوفقنا على إنفاق أوقاتنا فيما يرضي الله ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم آمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.