هل ابن خلدون سوداني معاصر؟

0 47

كتب: جعفر عباس 

.

كتب ابن خلدون رائد علم الاجتماع العربي، في مقدمته الشهيرة قبل 700 سنة:
عنـدما تكثر الجباية تشرف الدولة على النهاية…عندما تنهار الدولة يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدّعون.. والكتبة والقوّالون.. والمغنون النشاز والشعراء النظّامون.. والمتصعلكون وضاربو المندل.. وقارعو الطبول والمتفيهقون (أدعياء المعرفة).. وقارئو الكفّ والطالع والنازل.. والمتسيّسون والمدّاحون والهجّاؤون وعابرو السبيل والانتهازيون…تتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط… يضيع التقدير ويسوء التدبير… وتختلط المعاني والكلام… ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل.. وعندما تنهار الدولة يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف.. وتظهر العجائب وتعم الإشاعة.. ويتحول الصديق الى عدو والعدو إلى صديق.. ويعلو صوت الباطل.. ويخفق صوت الحق.. وتظهر على السطح وجوه مريبة.. وتختفي وجوه مُؤنسة.. وتَشح الأحلام ويموت الأمل.. وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه.. ويصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقاً.. وإلى الأوطان ضرباً من ضروب الهذيان!
يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء… والمزايدات على الانتماء… ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين… ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة… وتحاك الدسائس والمؤامرات… وتكثر النصائح من القاصي والداني… وتُطرح المبادرات من القريب والبعيد… ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار… ويتحول الوضع الى مشروعات مهاجرين… ويتحول الوطن الى محطة سفر… والبيوت إلى ذكريات والذكريات الى حكايات.
كأن ابن خلدون هذا يراقب المشهد السوداني المعاصر وكتب الكلام أعلاه في صفحته في فيسبوك قبل فترة قصيرة، وتوارى عن الأنظار خوفا من الاعتقال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.