أم كتيتي وإتفاق جوبا
كتب: فايز السليك
.
تقول الأسطورة أن طائرا خرافيا اسمه ام كتيتي، يبيضُ مرةً واحدة طوال عمره، ومن يصادف البيضة هذه سوف يبتليه الله بمصيبة، فإذا ما أخذ البيضة ماتت والدته، واذا تركها مات ولده.
واتفاق جوبا هو كذلك؛ مسألة الغائه تعني عودة أمراء الحرب الى أسلحتهم لارتباط السلام عندهم يعني تولي ( المناصب) التي صارت غنائم وامتيازات في عرفنا السياسي العقيم، وان تركنا الاتفاق بوضعه الحالي يعني اقرارنا بالوضع المايل، فلا تزال الدماء تنزف من جرح دارفور، ولا يزال انسانها مهمشاً رغم تولي قادة العمل المسلح الوظائف في المركز والاقليم نفسه! حيث لم تغير مناصبهم من الواقع؛ فلا أوقفت دماءً، ولا حققت نماءً!، بل أدت اتفاقية جوبا الى مشاركة قادة ( التحرير والعدل) في التمهيد للانقلاب، وتسويقه ثم تنفيذه، وما جنى السودان غير الفشل، ولا وجدت دارفور غير الندامة.
ورغم ذلك ظل قادة ( السودان الجديد) هم المدافعين عن الانقلاب برغم بروز ( الكيزان) وانخفاض صوت (الخبراء الاستراتيجيبن).
الذين يدعون لالغاء الاتفاق يسيطر عليهم الغضب، والشعور بالخيبة في ( رفاق الكفاح المسلح)؛ شخصياً كنت غاضباً منهم اكثر من غضبي من البرهان ودقلو وكرتي، لأن الثلاثة الأخرين لا يؤمنون من حيث المبدأ الا بالنظم الدكتاتورية، ولم يرفعوا شعارات مساواة ومحاربة تهميش ودولة مواطنة والحكم المدني.
لكن ( من فش غبينتو خربت مدينتو) لذلك المطلوب مراجعة اتفاق جوبا، وليس الغائه جملةً وتفصيلا، ويجب اعادة النظى فيما يتعلق بالمسارات، ووضع الاتفاق في مكان أعلى من مكان الوثيقة الدستورية.
على قادة الحركات المسلحة الوقوف مع أنفسهم ولو لمرة واحدة، وطرح تساؤلات مثل لماذا اصرارهم على الانفراد بالمناصب المخصصة لأهل دارفور؟ هل يفتقر اقليم دارفور للعناصر اامؤهلة والكفؤة والوطنية من أبناء وبنات الإقليم ليتولوا مناصب ينجزون من خلالها الاتفاق ومن ثم تحقيق السلام؟ لماذا ربط تحقيق السلام باحتكار ( القادة) للمناصب؟ ثم كيف تكون الاستقامة بالدعوة لحكومة ( كفاءات مستقلة) وانت السياسي والعسكري ( مكنكش) في الكرسي وتتهم الأخرين بأنهم يهرولون نحو السلطة؟ ماذا يفعل مناوي وجبريل والهادي ومالك؟ وفيما يختلفون عن البرهان وجابر ودقلو؟
اتفاق جوبا مثل بيضة ام كيتي.
علينا تفادي طريقها بالبحث فيما يؤدي للسلام فعلا؛ لا بتوسيع دائرة القتال في هذا البلد المنكوب بأبنائه.