الصحيفة الهجين

0 96
كتب: طلحة جبريل موسى
.
تستهويني كثيراً فكرة “الصحيفة الهجين” (hybrid newspaper) واتمنى أن أعود إلى قاعة التحرير لإصدار هذا النموذج من الصحافة.
قبل أن اشرح الفكرة أتوقف عند تجربتين الأولى تجربة استثنائية، وهي صحيفة “ستريت سنس ” وترجمتها “إحساس الشارع “.
انطلقت “ستريت سنس” من واشنطن لدعم الأشخاص المشردين والذين لا مأوى لهم، يوزع الصحيفة مشردون يرتدون بذلة خضراء من البلاستيك كتب عليها ” ستريت سنس”. يضعون كل ما يحصلون عليه من مداخيل المبيعات في جيوبهم . عادة ما تباع النسخة الواحدة بثلاث دولارات (ثلاثون درهما) صدرت “ستريت سنس” في واشنطن بكمية سحب متواضعة ثم قفزت الارقام لتصل الى 30 الف نسخة .تصدر الصحيفة أسبوعياً في حجم تابلويد من 16 صفحة. يصدرها صحافيون متطوعون لا يتقاضون رواتب .
صدرت ” ستريت سنس” في صيف عام 2003 ، بمبادرة من صحافية وصحافي . كان الهدف من اصدارها كما يتضح من زاوية ثابتة في الصفحة الثانية بعنوان ” قصة ستريت سينس” “الدفاع عن المعوزين ومن لا مأوى لهم وتبني قضايا اجتماعية لتوفير دخل للاشخاص المشردين الذين يتولون بيعها “.
وما زلت أتذكر عدد الصحيفة الذي نشرته موسوعة “ويكيبديا” قبل خمس سنوات، كانت صورة الصفحة الأولى في العدد جَدٌّ مُعَبِّرَةٌ، وبعنوان لافت يقول “إلى أين يمكننا أن نذهب”، وهي صورة لرجال شرطة يعتقلون أحد المشردين. وعلى الرغم من تحفظي على العناوين التي تكون في صيغة سؤال لكن راقني هذا العنوان.
الصحيفة الثانية “مترو” وهي الصحيفة الورقية الأكثر انتشارًا في بريطانيا .
صحيفة مجانية توزع من الاثنين إلى الجمعة على جميع الناس، ويكون توزيعها في الصباحات داخل القطارات والحافلات، وفي محطات السكك الحديدية ومترو الأنفاق والمطارات والمستشفيات كما يجري توزيع النسخ على المشاة في الشوارع .
في البداية انطلقت فكرة صحيفة المترو في السويد، حيث صدرت بهذا الاسم في عام 1995، تركز الصحيفة في أخبارها على الاهتمامات اليومية ، وهي محايدة غير منحازة إلى أي حزب أو تيار .
أعود إلى فكرة الصحيفة الهجين ، هذه فكرة مستوحاة من تجربة “كريستيان ساينس مونيتور”التي تصدر منذ أزيد من قرن، وكانت قد قررت قبل عقد أن تتحول إلى صحيفة إلكترونية، مع نسخة أسبوعية ورقية.
يزور موقعها الاليكتروني أزيد من مليون زائر، في حين تبيع النسخة الورقية الأسبوعية 200 ألف نسخة، وشعارها يقول “ننشر الأخبار وما وراء الأخبار” .
إذن “الصحيفة الهجين” هي التي تزاوج ما بين الصحيفة الورقية الإلكترونية، وهي قطعاً صحيفة كل الناس.
أختم وأقول جازماً أنه بعد أربعة عقود في هذه المهنة ما تزال جذوة الحماس كما هي .
********************
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏
متشرد يبيع صحيفة “ستريت سينس” في شوارع واشنطن دي سي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.