الانقلاب السعيد : (الموت الأحمر) في النيل الأزرق ..!

0 69

كتب: د. مرتضى الغالي

.

الموت الذي وقع في النيل الأزرق لا يُلام عليه شياطين الفتنة من الإنقاذيين والفلول .. فهؤلاء معروفون بأنهم أسباب وأصحاب المذابح القديمة والجديدة .. إنهم صنّاع الفتنة وأول الوالغين فيها والمحرضين عليها .. ولكن أين الدولة في هذا الزمن الانقلابي الأغبر ..!!.. أين الشرطة وأين الأمن وأين القوات النظامية وأين حكومة الانقلاب ومجلس سيادتها ..؟! أنهم (وقفوا متفرجين) في أحسن الأحوال ..! ولكننا لا نبرئ الانقلاب من تهمة التواطؤ على إشعال النزاعات ونشر مناخ التنازع .. وهذا لا يحتاج إلى دليل ..! وقد سمع الناس ماذا قال قائد الانقلاب وهو يخاطب مجموعة سكانية في الشمال وهو يحدثهم (ويسئ إلى مواطنتهم) ويقول لهم انتم الأعلون وليس عليكم بالآخرين ..! كما رأيناه والناس يموتون والمجرّحون والمصابون يئنون ويتوجعون ويجرّون أرجلهم في موجة نزوح جديدة هرباً من مواطن الموت وهو يقوم بتلقي (التهاني المتأخرة) بالعيد السعيد .. لأنه شاء أن (يعيّد مع رباعته) والسودان يغلي ويفور والمجموعات المجهولة من حملة السلاح يضربون الشباب السلميين بالسيخ والهراوي ويطلقون الرصاص والمقذوفات الحارقة السامة عليهم  باسم الانقلاب وتحت راية مجلس السيادة الانقلابي..!! .

أما الحركات المسلحة (هل هي حقاً مسلحة؟) فمهما تحاول يا صديقي تبرئتها عن المسؤولية المباشرة من هذا الذي جرى في النيل الأزرق فهي من الأسباب الرئيسية في استمرار الموت والخراب في دارفور وكردفان والنيل الأزرق ..!! على أقل تقدير لامتناعها عن القيام بواجبها التي جاءت من أجله وتبوأت المناصب وركبت سيارات (الدفع الرباعي) ..!! فماذا صنعت منذ أن عاد لورداتها إلى الوطن ..؟! هل ذهبوا إلي تلك المناطق التي يدّعون تمثيلها وأناروا لياليها الكبيسة بأهازيج السلام وأنغام التعايش السلمي والتساكن الوطني ..؟! هل ذهبوا إلى أهل المعسكرات والنزوح والمراحيل والفرقان والظعائن يأسون الجراح ويبشّرون بالسلام ويساعدون الناس على بناء الحياة الطبيعية من ركام عذابات القهر والجوع والموت ..؟! هل ذهب قادة مناطق النيل الأزرق (الحركاتية) إلي أهلهم هناك لإطفاء بؤر التوتر ومراقبة مشعلي الفتنة قبل وقوعها ..؟! كيف غاب عنهم الاحتقان (إذا كان هناك احتقان) قبل انطلاق الفتنة ..؟! وكيف غابت عنهم الأيدي الإنقاذية والانقلابية الخبيثة التي تحرك هذه الفتن ..؟! ولكن ألم يصبح قادة هذه الحركات جزءاً من الانقلاب بالرغم من أن “أمور الانقلاب” تقضى في غيبتهم (ولا يُستأذنون وهم حضور)…! .

لقد صدق الذين تحدثوا عن فشل اتفاقيات السلام .. بل فشلها المريع ..!! وكنا نتريّث في الحديث عن هذه الاتفاقيات .. ولكن هذا هو الحصاد ..! وقد كانت مناطق النزاع الذي أشعلته الإنقاذ أحسن حالاً (بل كان السودان أفضل حالاً) قبل قدوم كثير من زعماء الحركات من الخارج..!! وليس المشكلة في تنصيب قادة الحركات في المواقع الوزارية والإدارية والسيادية فهذا حق لهم  في المشاركة مثل غيرهم .. ولكن المشكلة أنهم جعلوا من هذه المناصب غاية في حد ذاتها .. وتناسوا الأهالي الذين يمثلونهم واستهواهم الوجود في الخرطوم .. ولم نسمع أن أحداً منهم بات يوماً في إحدى المعسكرات أو عايش معاناة أهلها وأطفالها أو خاطب أي جهة حكومية أو انقلابية أو منظمة إقليمية أو عالمية بحق أهل هذه المعسكرات والمناطق المحرومة في الطعام والغذاء والكساء والمياه والتعليم والسلامة النفسية..! .

ابحثوا عن أي رد فعل لحكومة الانقلاب يوازي هذا الموت والخراب في النيل الأزرق وذلك الترويع الجسيم والنزوح الأليم  الذي أعقب هجمات الموت .. بل إن سلطة الانقلاب عجزت حتى عن إصدار بيان يحدث الناس عمّا وقع وماذا فعلت تجاهه .. حتى ولو استخدمت في بيانها تخريجات الإنقاذ المعلومة والتبريرات الهوائية المعتادة للتنصل عن الواجب واتهام الآخرين ..!! كل هذا الموت وهذه المقابر الجماعية وكل هذا الثكل والترمّل والفزع الأكبر وكل هذه المواكب الجديدة من النزوح وسلطة الانقلاب غارقة في العسل وفي تلقي التهاني بالعيد..!! .

كل  هذه الرعود والعواصف والأنواء والأعاصير في النيل الأزرق و(النشرة الجوية) تتحدّث عن هدوء الأحوال والمناخ المعتدل في كل أنحاء الجمهورية..!! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.