استمرار القمع وتجدد الحرب بالنيل الأزرق

0 69

كتب: تاج السر عثمان بابو

.
1.  أشرنا سابقا الي أن التسوية الجارية لإعادة هيمنة العسكر علي السلطة ، واتفاق جوبا، وايجاد مخرج من المحاسبة علي جرائم الابادة الجماعية وضد الانسانية، هدفها استمرار القمع وتصفية الثورة، للمزيد من نهب ثروات وأراضي السودان والتفريط في السيادة الوطنية، كما  هو جارى الآن في استمرار القمع الوحشي للمواكب السلمية للثوار، وتجدد الحرب في جنوب النيل الأزرق.

  فقد استمر القمع الوحشي للمواكب السلمية كما حدث في مليونية 31 أغسطس باسم المفقودين وضحايا الاخفاء القسري في العاصمة والأقاليم  التي توجهت في الخرطوم الي “شارع المطار” ، وتعرضت للقمع الوحشي المفرط بالرصاص المطاطي والدهس بالمدرعات ، واستخدام المياه الملوثة بمواد كيميائية حارقة للجسم ، والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والهراوات ، واعتقال العشرات وضربهم وتعذيبهم بتقليم الأظافر كما حدث في بحري ، مما أدي لجرحي واستشهاد حاتم نجم الدين عبيد، من مدني، في شارع المطار باصابة بعبوة بمبان في الرأس  والدهس بالمدرعة، مما أدي لتعلن لجان مقاومة مدني في بيانها  التصعيد الشامل، وحاولت قوات الانقلاب عرقلة اجراءات تشريح الشهيد حاتم بتزوير شهادة وفاة بحادث مروري ، لكن تواجد الثوار احبط هذا المخطط.

  وهذا القمع المفرط امتداد  للقمع منذ بداية الانقلاب الدموي في 25 أكتوبر 2021 والتي استخدمت فيه قوات الانقلاب المدعومة من “فلول الكيزان”، وقوات حركات جوبا  سلاح : الدوشكا، الخرطوش ، الرصاص الحي والمطاطي ، والدهس بالمدرعات ، الضرب بالبمبان، والقنابل الصوتية، والذي أدي الي استشهاد (117)  شهيدا بعد الشهيد حاتم الأخير ، واصابة أكثر من (5 الف) شخص ، واعنقال وتعذيب المئات ، اضافة لحالات الاغتصاب ، والمفقودين ، التي تحاول السلطات الانقلابية طمس معالمها بالدفن السريع للجثث في المشرحة.

هذا اضافة لضحايا وشهداء مجزرة فض الاعتصام وبقية الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها انقلاب الانقاذ منذ 1989 ، وامتداده في انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل  2019 ، التي تستوجب المحاسبة والتى لن تسقط بالتقادم. .

    كما تجدد الصراع القبلي بين (البرتا والهوسا – الهوسا والانقسنا)  في جنوب النيل الأزرق بمدينة قنيص شرق ومحلية الروصيرص ، وسقط علي اثره عدد من الشهداء والجرحي ، اضافة للنزوح من القرى، مع تحميل جماهير المنطقة حاكم النيل الأزرق والحكومة مسؤولية ما حدث ، وحديث عن توزيع سلاح لاطراف النزاع لتأجيج الفتنة القبلية ، التي هدفها خلق الفوضي لاستمرار نهب اراضي وموارد الاقليم .

 والفتنة القبلية في النيل الأزرق ايضا امتداد لما يحدث في دارفور والشرق وجنوب كردفان و نهر النيل والجزيرة هدفها نهب الأراضي والموارد  و مناجم المعادن، وتمليكها للاجانب ، وازاحة وابادة السكان المحليين، وهي في جوهرها امتداد لسياسة النظام البائد في القمع والنهب والنفريط في السيادة الوطنية.

 2. أشرنا سابقا في مقال عن الذكرى الثالثة للوثيقة الدستورية “المعيبة” ، الي أن انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019  قطع  الطريق أمام الثورة لصالح النظام المدحور، بعد أن فشل النظام في قمع الثورة رغم القمع المفرط وادعاء الشراكة مع الثوار!!، وأبقي علي المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية الإسلاموية ، ودولة التمكين ، والمليشيات (دعم سريع، كتائب الظل، دفاع شعبي. الخ) والهيمنة علي السلطة القضائية والنيابة، والاعلام ، وابقي علي القوانين المقيدة علي الحريات.

   جاء ذلك  متوافقا مع المحاور الاقليمية والدولية التي كانت تسعي ل “الهبوط الناعم” الذي طرحه الأمريكي برنستون  ليمان العام 2012 ، والذي يهدف الي توسيع الحوار ليشمل الاسلامويين ، وتغييرات شكلية لا تمس جوهر النظام القائم علي القمع والسياسة الاقتصادية القائمة علي التبعية والتفريط في ثروات وسيادة البلاد ، بربط البلاد بالاحلاف العسكرية الخارجية، مع حريات شكلية دون وجود نظام ديمقراطي حقيقي، وتغيير جذري يخرج شعب السودان من مسار التبعية ، ويحدث التنمية المستقلة التي توفر احتياجات الجماهير الأساسية في المعيشة والتعليم والصحة والخدمات والتنمية المتوازنة بين اقاليم السودان، وقيام المجتمع الزراعي الصناعي الزراعي المتطور، والحل الشامل والعادل في السلام .

  اضافة لوقف تأثير ثورة شعب السودان علي شعوب المنطقة ، وعدم ايقاظها من سباتها لحماية استقلالها والحفاظ علي مورادها من النهب الاستعماري، وقد سارت قوى “الهبوط الناعم ” في “نداء السودان” في “حوار الوثبة” الذي طرحه النظام بديلا لاسقاط النظام الذي طرحه الحزب الشيوعي وقوى الاجماع الوطني،  وبعد فشل حوار الوثبة سارت في حوار خريطة الطريق لامبيكي ، وبعد الثورة واصلت الحوار مع اللجنة الأمنية.

   لعب محور (الامارات -السعودية – مصر) دورا كبيرا مع بعض عناصر قوى الحرية و التغيير، وبعض منظمات المجتمع المدني في دعم المجلس العسكري ، بهدف استمرار الجنود لحرب اليمن ، وقطع الطريق أمام التغيير الجذري، كما ضغطت  مع أمريكا ودول الاتحاد الاوربي والاتحاد الافريقي والجامعة العربية للحوار مع العسكر وافراغ الثورة من مضمونها.

  اضافة  لقوى “الهبوط الناعم” استعانت الدوائر الرأسمالية والاستخباراتية العالمية  ببعض المثقفين الذين كان بعضهم مرتبطين بالأحزاب الثورية ، وبعض العاملين في منظمات المجتمع المدني الممولة من الخارج، بهدف تخريب الثورة واجهاض واختراق التنظيمات النقابية ، ولجان الأحياء والمقاومة ، والتنظيمات الجماهيرية والديمقراطية. 

 3 . مع تصاعد الثورة والفشل في المراهنة علي انحسار الاعتصام والحراك الثوري في الداخل والخارج، ارتكب المجلس العسكري مجزرة فض الاعتصام بهدف اجهاض الثورة ، وكان بيان الفريق البرهان الذي الغي الاتفاق الأولي ، وأعلن عن قيام انتخابات عامة بعد 9 شهور، ولكنه تراجع بعد العصيان المدني ، وموكب 30 يونيو الذي ثبت اقدام الثورة رغم المجزرة البشعة التي مازالت تنتظر التحقيق ومحاكمة المجرمين والقصاص للشهداء، رغم المحاولات هذه الأيام لطمس معالم الجريمة ، بدفن اكثر من 3 الف جثة ، دون تشريح والتحقق من هوّية الجثث، ولكن هيهات.

  تراجعت قوى الحرية والتغيير عن شروطها  لمواصلة التفاوض بعد مجزرة الاعتصام ، لمواصلة التفاوض عبر الوسيط الاثيوبي الذي اشار الي فشل المساعي ، ولا بد من التفاوض لتقاسم السلطة ، علما بأنه خرج من صلاحياته ، وهي تسليم السلطة للمدنيين ، وليس تقاسم السلطة. واستمرت الضغوط من المحاور الاقليمية والدلية حتى تم التوقيع علي الوثيقة الدستورية المعيبة ، التي اشرنا لفشلها سابقا بعد أن مزقها العسكر ، واجهز عليها بعد اتفاق جوبا  وانقلاب 25 أكتوبر 2021 ، الذي اعاد إنتاج الأزمة بشكل اعمق من السابق، وتدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية والخدمية.

  4 . ورغم الفشل الواضح في الشراكة مع العسكر ، وضرورة عودة العسكر للثكنات ، وحل الجنجويد ، وبقية جيوش الحركات، ومليشيات الكيزان ، وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعودة شركات الجيش والأمن والشرطة والجنجويد لولاية وزارة المالية، تحاول المحاور الاقليمية والدولية مع “قوى الهبوط الناعم ” مرة أخري” تجريب المجرب” وبنفس الاسلوب، لاعادة إنتاج الفشل  ب”حوار الوثبة ” الذي يشمل حنى المؤتمر الشعبي والاتحادي الاصل وانصار السنة وغيرهم من القوى التي كانت مشاركة في نظام الانقاذ حتى سقوطه ، بهدف إعادة إنتاج الفشل والفوضي، و لحماية مصالح القوى الاستعمارية الخارجية واتباعها في الداخل في نهب موارد السودان باعادة الشراكة مع العسكر وتحت هيمنته ، واستمرار نهب ثروات البلاد والقمع للحركة الجماهيرية والابادة الجماعية لنهب الاراضي الموارد ، وقطع الطريق أمام  المقاومة الجماهيرية المتنامية من أجل تحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.