وسوف يسافر قائد الانقلاب إلى نيويورك!

0 71
كتب: فايز السليك 
.
في عام ٢٠١٠ استدعاني مجلس الصحافة والمطبوعات على خلفية صفحة سياسية كان يحررها الأستاذ الزميل قرشي عوض.
كنتُ حينها أشغل منصب رئيس تحرير صحيفة ((أجراس الحرية)) بالإنابة، وأمارس مهام رئيس التحرير؛ رغم رفض المجلس تعييني في الموقع، مع أنه كان يستدعيني بذات الصفة!
كان استدعاء عام ٢٠١٠ بسبب موضوع كتبه الأستاذ الزميل قرشي عوض، في صفحته السياسية بعنوان طائرة البشير مدارج لا تعرف الهبوط، او عنوان يحمل ذات المعنى.
كانت الفكرة حول مذكرة محكمة الجنايات الدولية بتوقيف المشير البشير على خلفية جرائم الحرب والإبادة الجماعية في دارفور، وانعكاسات ذلك سلبا على حركة سفر البشير الخارجي.
غضب مسؤلو المجلس ، واعتبروا المادة تهكما وسخرية من رئيس البلاد، جاء ذلك في ظرف ضاغط على الانقاذ ورئيسها الذي صار منبوذاً ومعزولاً ومحاصراً دولياً.
وكان سفر البشير الى الخارج رواية وحكاية ومغامرة.
كان الاسلاميون يمنون النفس بتحقيق انتصارات ولو زائفة عن طريق اقتناص أي فرصة للسفر الى مطارات آمنة لا تستجييب لدعوات الجنائية بما في ذلك الصين وروسيا، ثم يبنون قصصاً عن شجاعة الرئيس وفشل محاولات العزلة.
عندما تحلق طائرة الدكتاتور في السماء تنحبس الأنفاس، وتزيد سرعة وعدد دقات القلوب.
نتذكر افلات الدكتاتور من الشباك الذي نصب حوله في نيجيريا وجنوب افريقيا.
زرف البعض الدموع عندما اصدرت محكمة جنوب افريقية قرارا بقبض البشير، الا أن رئيسها جاكوب زوما ورجاله نجحوا في تهريب البشير عبر مطار عسكري صغير.
مع ذلك كان رجال المشير يجتهدون في صنع دراما كأساطير أبطال الأغاريق، يغنون ويرقصون بعد عودة الطاغية بسلام من رحلته.
اليوم تعيد ذاكرة الفلول ذات الأحداث حين حانت فرصة سفر قائد الاتقلاب الفريق اول عبد الفتاح البرهان.
فرحوا لسفره إلى لندن، وسيرقصون لسفره إلى نيويورك برغم عدم تماثل تجربة البرهان مع تجربة البشير.
لم يكن منع البشير من السفر لأنه كان انقلابياً او ظل طاغيةً، بل كان يسافر للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة حتى وقت صدور مذكرات التوقيف ضد احمد هرون وعلي كوشيب، في عام ٢٠٠٧ فضاقت عليه حلقات دوائر العزلة.
اما البرهان، فلا توجد مذكرة توقيف في مواجهته، و لا يعتبر كونه انقلابي سبباً يمنعه من حضور جلسات الأمم المتحدة.
بالمناسبة كم كان سيكون عدد المشاركين في اجتماعات الأمم المتحدة، اذا ما كانت المنظمة الدولية تحرم الدكتاتوريين من حضور جلساتها؟
اما الولايات المتحدة الأمريكية فهي دولة مقر، وتمنح تأشيرات الدخول لكل المشاركين بما فيه ذلك بوريس يلسن، او بوتين، وكاسترو، و القذافي عندما كان اكبر أعداء أمريكا.
أما مسألة مشاركة البرهان، في عزاء الملكة اليزابيث، فجاءت تلبيةً لدعوة قدمتها بريطانيا لكل قادة الدول؛ عدا روسيا وافغانستان وبلا روسيا ومينيمار، بسبب توتر علاقاتها مع لندن حد احتجاز دبلوماسية بريطانية.
سافر البرهان الى لندن، وسوف يسافر الى نيويورك، لكن لا تعني اسفاره انتصارات دبلوماسية، او أنها بمثابة دعم غربي.
نعم تتعامل الدول بواقعية ووفق المصالح، كما لا ننسى أن لندن وواشنطن يشاركان في وساطة تسوية تمنعهما كذلك من الظهور بمظهر الانحياز الى احد الاطراف.
الدعم السياسي والمادي سيكون حال تلقي قائد الانقلاب دعوة رسمية خاصة، او مناقشة قضايا اقتصادية واستثمارية، أو فك تجميد امريكا لمبلغ ٧٠٠ مليون دولار والبنك الدولي مبلغ ٢،٧ مليار دولار، كانت مخصصة لدعم الانتقال والتحول الديموقراطي والحكم المدني.
ما يثار من ضجيج حول سفر البرهان لا يعدو ان يكون سوى دراما كيزانية تستمد طنينها من ذكريات حصار البشير.
ستنتهي ضجة الانتصارات الزائفة بموعد مؤتمر امريكا وافريقيا المقبل اذا بقي قائد الانقلاب حتى حينها في ديسمبر المقبل.
قبل كل ذلك ستبقى المعركة معركة مع الشعب مستمرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.