خواطر في أدب الثورة والتغيير
كتب: البراق النذير
.
لم يعد بإمكان أحد، أي أحد، السيطرة على تفكير وتدبير الناس كلهم بعصا السحر، ولم يعد بالإمكان إقناع الآخرين برؤية أو فكرة استناداً على تقديس مجاني أو هالات تاريخ ماضٍ ومنجزات تواجه انتخاب الطبيعة، ثم إنه لم يعد القول المعسول عاصماً من اختبار الالتزام المأمول.
عدم وقوعك في الأخطاء لا يلهم الواعي، والمناداة بالفعل الصحيح لن تعصمك من أن يراك أحدهم على خطأ، فالخطأ سليل التجربة ووالد الخبرة، والصواب الدائم فعل الملائكة. ما يقنع الناس هو صدقك ووضوحك إن كنت مخطئ أو مصيب، وما يقنع الناس أكثر اقتناعهم بأنك صادق في صدقك ووضوحك، وآية ذلك تصميمك ووقوفك باتساق في صف الحق ساعة الكرب.. ما يقنع الناس مشاركتهم وسد الفراغات ومساواة ما نتأ بيدك لا بأمرك.
لمن الحكم اليوم؟ الحكم للناس وللفعل الجماعي، والتنافس يبدأ من خط الدفاع موضع الحراسة، والوسط لا يجب أن يكون مركزاً بل معبراً، والهجوم خلاصات لا بوادر، والكل منتصر، أما النصر فهو لمن يعفِّرون أيديهم بالتراب لا من يسبحون بين النجوم.
ما ينزع من المستبدين قدرتهم على الاستبداد هو إشاعة القرار وانتشار تفاصيله بعد صناعتها معاً، ليكون الإيمان مصدَّقاً بالمعرفة قبل العمل، ويكون الأمل خطة تجتاز الممكن وينحني لها المستحيل.
للثوار في كل مكان وموقع: ليس العيب في الأحزاب والتحزُّب، وإنما العيب في أن يكون الانتماء خصماً على الفكرة، والانضواء عدواً للمشروع، والعيب الأكبر فائق الشراهة لالتهام أي كيان ومؤسسة هو أن يكون المشروع بلا مبادئ.
إن سلامة الفعل من سلامة القلب وسلامة القلب لُب الإنسانية، والقول بالحرية والسلام والعدالة لا يكافئه إلا الانفعال بهذه المعاني حتى تصبح عادة. وللعادة علامات في هذا الموضع: التسليم بأن التفكير الحر لك وعليك، فإن كان لك دون غيرك يصبح قيداً لك قبل أن يُكبِّل غيرك، والسلام يتماشى معه الاطمئنان بأن الآخر مطمئن، فإن ارتبت في اطمئنانه فقدت ما عندك، وإن فقدت ما عندك تفشَّت حربك على قيمك، والعدالة يلازمها الأدب فبالأدب تتعرف على الإنصاف، وبالأدب تختبر أدلة الإدانة ودلائل البراءة، وبالأدب تبتعد عن أهواء النفس التي ستوردك موارد الظلم إن هي أحكمت سيطرتها.