مواطنون بالنيل الأزرق يخرجون في حشود كبيرة مطالبين بإقالة الحاكم

0 98
الخرطوم ــ السودان نت 
نظم نهار اليوم الجمعة، مجموعة من المواطنين بإقليم النيل الأزرق مواكب وحشود كبيرة أمام مقر أمانة الحكومة وقيادة الفرقة الرابعة مشاه مطالبين بإقالة حاكم الإقليم أحمد العمدة ، حيث قدموا مذكرة يمهلون فيها قيادة الفرقة 48 ساعة لتنفيذ مطالبهم.

وتحولت الحياة في اقليم النيل الازرق الى جحيم لا يطاق، بفعل الاحداث الدامية التي يشهدها الاقليم منذ يوليو الماضي عندما انطلقت شرارتها من قرية (حماري) بمحلية قيسان، قبل ان تتمدد طوال الفترة الماضية وتتوسع دائرة العنف لتصل الى محلية ود الماحي والروصيرص وقنيص وام درفا وبكوري، واخيراً دخلت القرى النموذجية في حلبة الصراع، وجميعها صارت مصدراً لاخبار الموت والنهب والحرق والتشريد، وكلها وضعت الاقليم تحت رحمة الازمات، وبات الجميع هناك يبحثون عن ملاذات آمنة، حيث تضاعفت اعداد النازحين المنتشرين داخل وخارج الولاية، وقد ضاقت بهم معسكرات النزوح، فضلاً عن الخسائر في الارواح والممتلكات.. فالى اين تتجه الاوضاع داخل الاقليم المضطرب؟

أحداث دامية
وتطورت الاحداث بصورة اعنف عما كانت عليه طوال الاسابيع الماضية عصر وليلة امس الاول الثلاثاء، وكان مسرحها القرى النموذجية بمحلية ود الماحي، وكشف شهود عيان لـ (الانتباهة) عن حالات نزوح للمئات من الاسر، بينما تضاربت الارقام حول عدد القتلى، وتشير احصائية غير رسمية الى ان حصيلة احداث ليلة امس الاول فقط تقارب (100) قتيل بمحلية ود الماحي بولاية النيل الأزرق، الا ان وزير الصحة بالإقليم د. جمال ناصر قد كشف في تصريح  لـ (الانتباهة) عن مقتل (15) شخصاً وإصابة (64) آخرين، ووجود نحو (47) مصاباً بالعنابر، وجارٍ حصر الحالات التي تحتاج لتحويل الى مستشفيات خارج الاقليم. وتسبب تجدد الاشتباكات القبلية في محافظة ود الماحي بإقليم النيل الأزرق منذ الخميس الماضي في نزوح الآلاف داخل المحافظة ونزوح عدد محدود خارج الإقليم، فيما تتواصل الحشود القبلية داخل المحافظة على الرغم من إعلان حظر التجوال ومنع التجمعات.

تمثيل بالجثث
ونفذ مكون قبلي بحسب مصادر متطابقة تحدثت لـ (الانتباهة) مساء أمس مجزرة بشعة بمربع (11) بالمدينة (4) والمدينة (3) بمحلية ود الماحي، وطبقاً للمصادر فقد هاجمت مجموعة تحمل اسلحة المدينة (4) وقامت بالتمثيل بالقتلى ومن ثم اضرمت النيران في المنازل وبداخلها الأطفال والنساء والعجزة .
ومن جانبه كشف رئيس مبادرة المجتمع المدني بولاية النيل الأزرق محمد الطيب القيصر عن وجود أكثر من (83) جثة متفحمة بمربع (11) بالقرية (4) بود الماحي. وقال: (ارتفع عدد القتلى إلى (300‪ ) شخص في القرية (3) والقرية (4) في الاحداث التي وقعت أمس الاول الأربعاء بين قبيلة الهوسا ومكونات السلطنة الزرقاء المتواصلة منذ منتصف يوليو الماضي).
وأضاف قائلاً: (أحداث أم درفا القرية (7) والقرية (6) بود الماحي التي وقعت الأسبوع الماضي وتجددت امس الاول الاربعاء في القريتين (4) و (3) هي امتداد لأحداث منتصف يوليو الماضي، بينما قتل شخص كان يقود عربة نقل يحمل على متنها مواطنين بهدف توصيلهم الى قيادة الجيش، الا ان مجموعة غاضبة من الطرف الآخر للصراع لاحقته قبل الوصول الى داخل الحامية واوسعوه ضرباً ليلقى مصرعه.
وفي ذات الاثناء كشفت حكومة إقليم النيل الأزرق عن واقع مزرٍ لحالة المتضررين من تجدد النزاع القبلي بين الهوسا وقبائل الهمج، ووصف احد الفارين من جحيم الاقتتال ــ فضل حجب اسمه ــ وصف الاحداث باقليم النيل الازرق بأنها تشبه ما شهدته دولة رواندا في منتصف تسعينيات القرن الماضي بسبب التطهير العرقي بين الهوتو والتوتسي.

مطالبة بإقالة الحاكم
وما ان انتهت احداث القرى النموذجية وما خلفته من اوضاع كارثية بالقرى النموذجية عند ساعات متأخرة من ليلة امس الاول، حتى انتقلت صبيحة امس الاول الاربعاء الى حاضرة الاقليم، فقد اندلعت تظاهرات عنيفة صباح امس بمدينة الدمازين وجابت عدداً من الاحياء، حيث طالب المتظاهرون باقالة حاكم الإقليم احمد العمدة بأسرع ما يكون، وجاءت هتافاتهم على شاكلة (لا اقليم في وضع اليم)، واكدوا ان لا تراجع عن المطلب، وذلك على خلفية الأحداث الجارية وحالة الاقتتال في عدد من مناطق الإقليم، وفشل الحاكم في السيطرة على الاوضاع بالاقليم خاصة الانفلات الامني، واستنكرت قيادات اهلية غياب الحاكم عن الاحداث طيلة الايام الماضية بسبب وجوده في جوبا الى جانب عضو مجلس السيادة مالك عقار، مما اعتبرته القيادات تهرباً من المسؤولية.

وفي ذات الاثناء صوب قيادي اهلي تحدث لـ (الانتباهة) ــ فضل حجب اسمه ــ اتهاماً لقيادات اهلية في الاقليم عملت على تأجيج الصراع منم أجل التكسب من ورائه، بحسب قوله.
انتشار أمني
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهها مواطنون بالاقليم الى الاجهزة الامنية واتهامها بالتقصير في واجبها وعدم حسم التفلتات طوال الفترة الماضية، الا ان مدينة الدمازين شهدت امس وتزامناً مع خروج مسيرة غاضبة انتشاراً كثيفاً للاجهزة الامنية الى جانب تعزيزات عسكرية من خارج الاقليم في محاولة للسيطرة على الاوضاع، وأحبطت الاجهزة الامنية محاولات قامت بها مجموعات للوصول الى امانة الحكومة، قبل ان يتم تفريقها بالغاز المسيل للدموع.

ولم تخل المظاهرات من اعمال عنف وان جاءت على طريقة المطالبة ببسط هيبة الدولة وفرض القانون وحماية المواطنين، الا ان البعض وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ (الانتباهة) حادوا عن اهداف المسيرة. وشهدت الأحياء الشمالية احداث عنف وحرق للمنازل وعمليات نهب، بينما قتل (4) اشخاص على الاقل في الاحياء الشمالية وحرق (7) منازل في حي اركويت.
واشارت ذات المصادر الى إغلاق تام للسوق والمحلات التجارية، وخلت الطرقات داخل الاحياء من المارة في وقت تم فيه تعطيل الدراسة، وامرت إدارات المدارس التلاميذ بالرجوع الى منازلهم لحين انجلاء الموقف، بينما شهد مستشفى الدمازين وعدد من المراكز الصحية وصول اعداد من الجرحى والمصابين، ولم يتسن للصحيفة الحصول على احصائية دقيقة وفق مصادر رسمية بأعداد القتلى والجرحى والنازحين، فقد باءت كل محاولاتنا بالفشل مع تكرار الاتصال بمحافظ ود الماحي ووزير الصحة الذي اعتذر عن التصريح لحين جمع المعلومات والوقوف عليها ميدانياً.

قرار معيب
ومن جهته قال رئيس آلية أبناء الهوسا محمد موسى إبراهيم إن آلاف المواطنين نزحوا من المدينتين (6) و (7) اللتين شهدتا اشتباكات الى حامية الجيش بود الماحي، وأوضح أن معظم النازحين من كبار السن والنساء والأطفال. وأشار إلى عدم تقديم أية مساعدات انسانية او غذائية او صحية للنازحين حتى الآن، منوهاً بتردٍ مريع في أوضاعهم الإنسانية وعدم توفر أبسط مقومات الحياة.

ومن ناحيته اشار قيادي اهلي ــ فضل حجب اسمه ــ الى ان القرار الذي اصدره امين عام حكومة الاقليم بتوجيه من الحاكم احمد العمدة الذي قضى بمصادرة اية عربة تحمل مواطنين من القريتين (6) و (7) ونقلهم بعيداً عن هاتين المدينتين، انعكس بصورة سلبية على المواطنين واسهم في ارتفاع عدد الضحايا لعدم وجود وسيلة تقلهم.
ومن جانبه قال المواطن ابراهيم محمد ابكر كدنكورا لـ (الانتباهة) انهم يعيشون في ظل اوضاع حرجة للغاية جراء تنامي الاقتتال في منطقة ام درفا التابعة لمحلية ود الماحي طيلة الايام الماضية، مما جعل مواطني المنطقة يصممون على مغادرتها، واضاف انهم تلقوا انذاراً شديد اللهجة من قيادي لاخلاء المنطقة، واشار الى مشاركة ثلاث جهات مدججة بالاسلحة في اعمال العنف ضد الهوسا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.