محنة البلاد مع انقلاب الفلول والبصيرة أم حمد..!!
كتب: د. مرتضى الغالي
.
يحتاج السودان إلى ادارة اقتصادية عالية الكفاءة للخطيط العلمي لثرواته وموارده، وإلى نهج حصيف في ادارة اقتصاده وسياسته الخارجية، ويحتاج إلى ترتيبات حصيفة لللافادة القصوى من العون الدولي المالي والفنى.. ويحتاج إلى معالجة ذكية ومُحكمة للديون الخارجية المتراكمة على كاهله، ويحتاج إلى ثورة جديدة في انتشال مناهج التعليم من اساليب القرون الوسطى والاتجاه إلى العالم الرقمي واقتصادات المعرفة.. ويحتاج إلى كوادر رفيعة التأهيل لمعالجة المنظومة الصحية وكفالة متطلبات الوقاية والتجاوب العالمي مع مستحدثات التطبيب والوقاية من الأمراض الطارئة والمستوطنة والوافدة والتحوّرات الجديدة في الفيروسيات والأوبئة.. وهكذا الحال في مختلف اوجه الحياة..! فقل لي بربك ما هي قدرة البرهان وكباشي و(الشيخ الجد) وجعفر الميرغني وحمدان دقلو وأركو مناوي وجبريل ابراهيم والتوم هجو على مواجهة هذه التحديات..!!
هذه هي محنة الوطن الراهنة..! ولهذا تغرق بلادنا الآن في بؤرة الافلاس والجهل والعقم والفساد وفي أبخرة الموت و(حمى الضنك) ونفوق المواشي وهلاك الزرع والضرع.. والانقلاب غارق في مستنقعه ينتظر حصاد مؤامرات (قوش وكرتي) بالخارج.. ومهازل لملمة (حيران الخلاوي) في مسيرة الموز، والطائرات الشقيقة التي تحمل ركب الركب الميمون وعلى ظهرها حاتم السر وفي استقبالها احمد سعد عمر حتى تعود أيام الانقاذ السوداء بكل رسومها ومباذلها..!!
هذه لوحة من اللامعقول… في حين أن الوطن يعج بالكفاءات في شتى الميادين والساحات..ولكن النوابغ أهل الذكاء والخبرة والكفاءة محبوسون في بيوتهم (باسم الصالح العام) والآخرون بالخارج يعمّرون الدنيا والمنظمات الدولية والمواقع العلمية ويقومون بمهام التخطيط والاستشارات المتقدمة في مرافق العالم الكبرى ذات الانضباط العلمي والمهني والوظيفي؛ ينتشرون في مؤسسات العالم الطبية ومستشفياته االكبرى ويحتلون فيها أكثر المواقع أهمية وحساسية..! يعملون في البرامج الدولية القائمة على التخصصات الدقيقة في مجال الفضاء وفي مجال القضاء وفي مجالات الطب والتنمية البشرية والصناعة والتجارة والدبلوماسية والبرمجيات..ومرافق التعليم االكبرى.وغير ذلك من مواقع العلوم الحية والاتجاهات العصرية والمعارف النادرة… فهل هناك بالله اكبر من هذه المفارقة حيث تهبط على اسماعنا وعيوننا كل يوم الأحاديث الفارغة والتصريحات الجاهلة (من كل زعيط أو معيط) من جماعة الانقلاب والفلول والحركات، وتتساقط على أساعنا وعيوننا وأنوفنا الترّهات والخزعبلات والريح غير الطيبة التي يطلقها كل صباح جهلاء منابر الصحافة والاعلام خصماء المعرفة وأعداء التنوير..؟!
هل نحن موعودون كل يوم بأن نسمع ماذا قال مناوي وماذا قال البرهان وماذا قال جبريل..؟! وهل اصبح الوطن غنيمة رهن الانقلابيين والفلول.. بحيث اصبح قائد الانقلاب هو (الحاكم بأمره)..؟! إن هذا الانقلاب (حتى على سجمه ورماده) لم يستطع أن ينشئ مؤسسات انقلابية على شاكلته تصدر منها القرارات والفرمانات والأوامر السلطانية..!! الآن اصبح شخص واحد يطلع عليه الصباح فيقرر حل النقابات ثم يقرر تشكيل لجان للتسيير، ثم يعود بعد غد ليجمّد النقابات والاتحادات.. ثم يعلن فجأة عن ابرام اتفاقيات مع دول ومع هيئات خارجية..ثم في خطبه مرتجلة جنوب الجزيرة أو أمام (معدية شندي) يعلن عن الغاء اتفاقيات ومعاهدات عالمية أو اقليمية..!! هكذا يقرر وحده وهو في توهان عظيم وحسب (حالات اللحظة) في أمور تدوخ منها برلمانات العالم..!! هكذا يقرر وحده فليس هناك مجلس سيادة ولا سادة..ولا مجلس انقلاب ولا يحزنون..وليس هناك وزارة واحدة من وزارات الانقلاب تقوم بعملها أو يصدر منها أمر واحد (ذو بال) في أي شأن يمس تخصصها ومهامها..!! هل يصدق أي أحد أن في السودان الآن وزارة تجارة أو وزارة خارجية أو (وزارة عدل)..؟!
وفي حين تدور طاحونة الموت في اقاليم السودان جميعها، تدور عجلة القتل المنهجي والدهس المقصود للشباب السلميين في الشوارع والميادين ويتم حشو المقذوفات بالحجارة والمسامير.. بينما يواصل الاخونجية والفلول احتلال دولاب الدولة ويجتهدون في القيام بجولات متصلة من فساد الانقاذ الأطرش الذي ليس له ضايط ولا رابط..لقد خرجوا من كهوفهم المظلمة النتنة يهددون بفصل اقاليم السودان..!! هل هذه هي مهمة الانقلاب المقدسة التي أراد بها (اصلاح مسار الفترة الانتقالية)..!
ثم هل يظن هؤلاء واولئك وهم بكل هذه (الركاكة) أن في استطاعتهم هزيمة الثورة…؟! هذه ثورة عظمي استمرت مشاعلها بدماء زكية على مدى أربعة اعوام..فليحزم الفلول والانقلابيون كراباتهم على هذا الطريق الطويل الممهور بوصية الشهداء..!! الله لا كسبكم..!