تهييج (الأهلي المصري)

0 55

كتب: خالد عويس

.

* العام الماضي، دعتني إدارة نادي الهلال، مشكورة، لحضور مباراة الفريق أمام صن داونز الجنوب أفريقي، في أمدرمان، وهي المباراة التي انتهت بهزيمة الهلال، على أرضه !
* العدد القليل من الحضور الجماهيري، وأنا من بينهم، قمنا بتحية الفريق الجنوب أفريقي وصفقنا لعناصره على الأداء والنتيجة.
* هذه الحادثة ليست نادرة، في مرات عدة صفق جمهور الهلال للفريق المنافس، ولم يحدث قط أن أثيرت مشكلة كبيرة بين الهلال وأي منافس أفريقي سواء هنا في أمدرمان أو في الخارج، ما عدا فريق واحد فقط هو (الأهلي المصري).
* وأمر (الأهلي المصري) لا يقتصر على الهلال السوداني فحسب، فالدارج في مبارياته هي هذه الأصوات العالية والشتائم والسباب الذي طال القارة الأفريقية كلها بسبب خشونة زائدة أو عنف قانوني في الملعب أو حتى بسبب رغبة في الحصول على مشجب لتعليق الهزيمة عليه حتى لو تسبب ذلك في إفساد علاقات الشعوب بسبب كرة القدم !
* الشعب السوداني لم ينس بعد الشتائم التي كالها له (بعض) الإعلام المصري بعد واقعة الجزائر في أمدرمان !
* والهلال الذي كانت تجمعه بالأهلي المصري علائق طيبة جدا قبل 1987، استحالت علاقته بالأهلي إلى النقيض، تدريجيا، بعد ذلك، لتبلغ الأمور ذروتها في 2007 بسبب الاعتداءات اللفظية التي طالت كابتن الهلال و(المنتخب السوداني) ومحبوب الجماهير آنذاك (هيثم مصطفى) في القاهرة!
* وفي مباراة الرد في أمدرمان تجرّع الأهلي الهزيمة بالثلاثة، لكن، ورغم الشحن والغضب السوداني، لم يصب أي من بعثة الأهلي بأذى، كما هو الحال تماما بعد فاصلة الجزائر التي كذب فيها فنان مصري شهير وظل يصرخ بـ (أنهم يقتلوننا) وتجرأ خلالها إعلامي مصري حتى على الرئيس السوداني وكأنما البلاد تُحكم من القاهرة وقرارها هناك لا هنا !
* الأهلي المصري ظل في كل المواعيد السابقة يضغط من أجل إقامة مباراته هنا أمام الهلال دون جمهور. ولم يطالب الهلال بالمثل رغم حالة العداء التي يُقابل بها في القاهرة من قبل جماهير (الأهلي المصري).
* والآن، بعد مباراة أمدرمان التي فاز فيها الهلال، وشهدت مخاشنات، مثل رمي الحقيبة الطبية خارج الملعب بواسطة أحد لاعبي الأهلي، والاعتداء على طبيب الهلال، ثم ما فعله حارس مرمى الأهلي، بعد المباراة، بعد كل ذلك رأينا تهييجا غير عادي من قبل بعض إعلاميي النادي المصري وشحنا لجماهير الفريق ظهر بشكل فوري في صورة هتافات بذيئة في ملعب أسوان ضد الهلال، وفي صفحات فيس بوك وتويتر وتيك توك !
* الإساءات (العنصرية) والاستهانة بكل ما هو سوداني تجاوزت الهلال للمساس بكل شئ في السودان، ما يطرح أسئلة جدية بشأن سلامة بعثة الهلال حين يلتقي الأهلي في القاهرة.
* وهذه مسؤولية إدارة نادي الهلال في المقام الأول، حيث ينبغي مخاطبة الجهات ذات الصلة وفي مقدمتها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بأن الأمر تعدى الرياضة إلى تهديدات واضحة عمت وسائل التواصل بحفز من بعض إعلاميي النادي الأهلي ومسؤوليه الذين اشتكوا الهلال لطوب الأرض.
* وهي مسؤولية إدارة نادي الهلال في التشديد على طلب نقل المباراة إلى أرض محايدة حفاظا على سلامة البعثة، وحفاظا على العلاقات بين الشعبين، لأن أي مكروه يصيب الهلال سيضر أيما ضرر بعلاقات تشهد بالأساس واحدة من أسوأ مراحلها، خاصة على صعيد النظرة الشعبية في السودان للأدوار المصرية بعد الثورة !
* الهلال بنظر جماهيره المليونية ليس مجرد نادٍ لكرة القدم. هو قيمة وطنية تاريخية.
الهلال جال أفريقيا كلها، شمالا وشرقا وجنوبا وغربا، وتبارى مع كبارها من أشانتي وكانون إلى الترجي والوداد مرورا بالزمالك والنجم ومازيمبي وصن داونز وليس نهاية بالرجاء وبلوزداد والصفاقسي والجيش الملكي وغيرها من الأندية التي تنافس معها الهلال في الملعب فقط دون أن تمتد ذيول الملعب وما يحدث فيه إلى خارجه على الإطلاق.
* كل هذه الأندية وغيرها لعبت في ملعب الهلال، ولم يطلب فريق قط إجراء المباراة دون جمهور، أو اشتكى من سوء معاملة أو تعدٍ من جمهور الهلال الذواق.
* الهلال هُزم هنا في أمدرمان بخماسية من مازيمبي الكونغولي، ووقف غالب جمهور الهلال ليصفق للنادي الكونغولي للعرض والنتيجة دون أن يشتكي لاعب واحد أو إداري من سوء معاملة أو تحرش.
* وما يحدث بين الهلال والأهلي منذ سنوات، رغم التاريخ الكبير بين الناديين يستحق وقفة جادة من مسؤولي العملاقين، لتصحيح هذا الأمر ووضع العلاقات مجددا على سكتها الصحيحة قبل أن تقع كارثة توسع من فتق علاقات الشعبين. وهذا بدوره يحتاج لمعالجة من قبل السياسيين والمثقفين في البلدين، فالرياضة قرون استشعار لما يحدث تحت جلد العلاقات المحتقنة.
* صفحةٌ جديدة تنتظر علاقات الناديين إن صحّ العزم على ذلك وتجلّت الإرادة في إدارة الأزمة على نحوٍ راشد !
* يقود الهلال رئيس يتسم بقلة الكلام وعدم الميل إلى التهييج والإثارة. ويقود الأهلي رئيس يحظى باحترام الوسط الرياضي السوداني ويتمتع بالحكمة. الرئيسان عليهما تدارك ما يحدث !
* والخطوة الأولى هي (ضبط) الإعلام والحيلولة دون تصعيد ينسف ما تبقى من شعرة معاوية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.