متى نحترم عقولنا؟!! (1)

0 57

كتب: إبراهيم الأمين

.

السياسة عند ارسطو هى العلم المعماري الذى يعد الاساس لكل العلوم الأخرى، عن طريق السياسة تحدد المجتمعات ما يمكن عمله، وما يجب عمله، وما يجري عمله، والسياسة تعنى ببساطة الاهتمام بقضايا الناس الحياتية بأمنهم واستقرارهم والسياسة تعنى بناء الأمة وخاصة وقد أكدت التجربة فشل النخبة السودانية فى إدارة التنوع وفى مخاطبة قضايا المستقبل، ونحن فى مجتمع أهم مايميزه التعدد الأثني والتنوع الثقافي وفى زمن تغيرت فيه معالم الدنيا “عصر العولمة والسماوات المفتوحة”، فى هذا العصر وفى ظل المتغيرات العاصفة التى عبر عنها المفكر الأسباني خوسية أورتيغا يجب أن يستند بناء الدولة الى برنامج مستقبلي، إذ قال: أن الدولة تبقى على قيد الحياة حقيقة عندما تمتلك برنامجاً للمستقبل. والمستقبل هو أحد الخصائص المميزة التى ينفرد بها الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى أى الوعى بالزمن وإدارك ابعاده، بالاستفادة من احداث الماضي دون أن نرهن حاضرنا ومستقبلنا لها والتعامل بعقلانية مع وقائع الحاضر دون القفز عليها مع التطلع للمستقبل بروح جديدة ورؤية مختلفة عما تعودنا عليه فى الماضي والحاضر، لسبب بسيط وهو أن أزماتنا وصلت الى مرحلة من التعقيد يصعب معها أن نقف فقط عند محطة الحلول التقليدية التى جربت أكثر من مرة وفى كل مرحلة تعيد إنتاج الأزمة وبصورة اسواء من سابقاتها.
الاختفاء وراء انصاف الحقائق والجنوح نحو تنزيه الذات وتجريم الآخر، وانشغال النخب بمصالحهم والصراع حولها وأن تعارضت مع المصلحة العامة، بمعنى أن يتم تحجيم تطلعات الناس فى البقاء فى السلطة بالنسبة للنخبة الحاكمة أو الوصول اليها بالنسبة للمعارضين وبأى وسيلة عندها كما هو موجود عندنا اليوم تتسع مساحة المسكوت عنه ويكثر الجدل حول قضايا انصرافية بعيدة عن قضايا الناس الحياتية، تختلط فيها الاولويات ويختلط العام بالخاص، تتداخل الاصوات وتزداد كثافة الضباب و الضجيج، ومن ثم تنعدم الرؤية وتسود بين الناس الاجتهادات الفردية التى تجد طريقها للتنفيذ دون دراسة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.