الإدارات الأهلية ودورها في فض النزاعات

0 1٬174

كتب: أنور إبراهيم 

.

تزخر المجتمعات المحلية في المناطق الأفريقية المختلفة بالعديد من التقاليد والتعاليم والأعراف المتداولة منذ قديم الزمان وحتى يومنا هذا.

فمعروف لدى الإنسان المختص بثقافات هذه المناطق، أن عملية فض النزاعات وحلحلة الخلافات، التي كانت تنشب من وقت لآخر لا تحل عبر المحاكم الحديثة، فالجميع كانوا يلجؤون لما يسمى بـ”الإدارات الأهلية” أو “المشايخ” أو كبار القوم أو بعض الأنظمة المتبعة لدى مختلف المجتمعات الأهلية في تلك المناطق.

إن مصطلح الإدارة الأهلية هو مصطلح متداول لدى القوميات والشعوب والقبائل في مناطق عدة من أفريقيا، حيث يكون هناك مكون مجتمعي من كبار الشيوخ، ممن لهم خبراتهم وتجاربهم في فض النزاعات التي تنشب من وقت لآخر بين مختلف الأفراد والمتجمعات الرعوية والزراعية، والتي يكون سبب أغلبها تعدي البعض على الأراضي.

إلا أن تلك الصراعات التي قد تصل في بضعها إلى حروب واقتتال، كشفت أهمية تجربة الإدارات والمحاكم الأهلية التقليدية، التي كانت وما زالت تلعب في بعض المناطق دورا كبيرا في حلحلة الخلافات وفض النزاع بين القبائل والمكونات التي تعيش جنبا إلى جنب منذ أقدم العصور.

وما زالت هذه الكيانات لها دور كبير، فقد لعبت دورا خلال الأحداث التي وقعت بين القبائل الحدودية بين السودان وإثيوبيا وإثيوبيا وجنوب السودان، والمناطق العفرية المتداخلة بين الدول الثلاث التي تتواجد فيها القومية في شرق أفريقيا، وبعض المناطق التي تتداخل فيها الشعوب وتتعايش، وتشكل من وقت لآخر تحديات للحكومات المختلفة بسبب تحركات الرعاة بمواشيهم من منطقة لأخرى بحثا عن المياه والمراعي.

ولعب نظام يدعى “قدا” الاجتماعي لدى قومية أوروميا، التي تعد أكبر القوميات في المنطقة، دورا كبيرا في حلحلة الخلافات بين أفراد المجتمع الإثيوبي الأورومي منذ أقدم العصور، ومازال له دور كبير في المجتمعات، حيث له نظم وتعاليم يمتثل لها الجميع؛ فكبار القوم الذين يطلق عليهم “أبا قدا” هم بمثابة قضاة وقيادات لها مرجعية متوارثة .

ونجحت الإدارات الأهلية في مناطق عدة من السودان والصومال في وضع حلول للعديد من الخلافات والصراعات داخل مكونات دولهم، وساهموا في بسط السلام والاستقرار، وسط المجتمعات التي كانت تواجه تحديات عدة في حقب متعددة.

ولدى أغلب المجتمعات في تلك المناطق لا يتجه المواطنون إلى المحاكم، بل يتجهون وهم يحملون قضاياهم إلى الإدارات الأهلية؛ إيمانا منهم بأنها المرجعية لحلحلة كافة قضاياهم وخلافاتهم الحياتية.

وظلت تحتفظ حتى وقتنا الحالي بمكانتها وسط أفراد المجتمع، وفي الكثير من القضايا والخلافات تعتبرهم الحكومات مصدرا للإسهام في استقرار المجتمعات، يدعوها للمشاركة معها لوضع حلول الخلافات والقضايا المجتمعية في مناطقها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.