ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الثلاثاء أن مسلحين قتلوا 40 مدنيًا على الأقل في يوم واحد بمنطقة دارفور السودانية مع تصاعد العنف لدوافع عرقية بالتزامن مع الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/ نيسان الفائت.
وأشارت هيئة محامي دارفور التي تراقب الصراع إلى مقتل عدة شخصيات بارزة في الأيام الأخيرة في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، وقالت إن المتطوعين يواجهون صعوبة في دفن الجثث المتناثرة في الشوارع.
وفي الجنينة، أفاد شهود بوقوع عدة هجمات من الميليشيات العربية وقوات الدعم السريع على قبيلة المساليت غير العربية، وهي أكبر جماعة في المدينة، مما أدى إلى فرار عشرات الآلاف عبر الحدود القريبة مع تشاد.
ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد لها إنها وثّقت مقتل ما لا يقل عن 40 مدنيًا، بما في ذلك إعدام 28 فردًا على الأقل من جماعة المساليت، في مدينة مستري بغرب دارفور على بعد 45 كيلومترًا من الجنينة.
وجاء في التقرير أن قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها حاصرت مدينة مستري في وقت مبكر يوم 28 مايو/ أيار المنصرم، واقتحمت المنازل والمدارس وأطلقت النار على المدنيين من مسافة قريبة قبل نهب وحرق معظم أنحاء المدينة.
وعقب ذلك، قال مسؤولون محليون: إن 97 شخصًا لقوا حتفهم بينهم أفراد من قوة دفاع شعبية، وطلبت المنظمة من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في أعمال العنف.
وتجدّد العنف وعمليات النزوح في دارفور بشكل حاد مع استمرار الجيش النظامي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في قتالهما بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى من السودان في صراع على السلطة اندلع في منتصف أبريل/ نيسان.
وتسبب الصراع في نزوح أكثر من 2.9 مليون شخص وأجبر نحو 700 ألف على الفرار إلى دول مجاورة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي إن السودان ثالث أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة، على شفا حرب أهلية واسعة النطاق يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة ككل.
وفي سياق ذلك، أوضح جان بابتيست جالوبين، الباحث الأول في مجالي الأزمات والصراع في هيومن رايتس ووتش أن “روايات الناجين من الهجمات الأخيرة في غرب دارفور تحاكي الرعب والدمار واليأس الذي كان موجودًا في دارفور قبل 20 عامًا”.
وكانت قوات الدعم السريع، التي ينتمي عدد من مقاتليها إلى ميليشيا الجنجويد العربية التي تتحمل مسؤولية الفظائع العرقية في نزاع دارفور قبل عقدين، قد نفت مسؤوليتها عن أعمال القتل في المنطقة وقالت إن أي عضو بها يثبت تورطه في الانتهاكات سيُحاسب.
في غضون ذلك، قتل وأصيب عشرات السودانيين في هجوم شنته الحركة الشعبية لتحرير السودان على مدينة الكرمك، بينما قال شهود عيان: إن الطيران الحربي للجيش قصف بكثافة شرق النيل حول سوبا وحلق في القرى المحيطة بها.
وفي هذا الإطار، قالت مراسلة “العربي” في السودان درة غمبو: إن الطيران قصف منطقة بحري القريبة من النيل، وسط تمشيط مناطق في أم درمان، وكذلك في العاصمة الخرطوم.
ولفتت المراسلة إلى أن المدنيين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم حيث تجبرهم قوات الدعم السريع على مغادرتها قبل تعرضها لعمليات سلب ونهب.
وأشارت المراسلة إلى أن هجوم الكرمك سقط فيه قتلى من المدنيين، والمنطقة لها حساسية إذ تدور فيها معارك بين مسؤولين من نفس الأحياء.
وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 300 ألف شخص نزحوا داخل ولاية غرب دارفور وحدها منذ بدء النزاع المُسلح في 15 أبريل.
واستولى الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة في انقلاب حدث عام 2021 قبل وقوع خلاف بينهما بسبب خطة مدعومة دوليًا بشأن الانتقال إلى حكومة ديمقراطية مدنية.