الأسئلة الصعبة للحل السياسي الشامل

0 415

كتب: خالد عمر يوسف

.

دخلت الحرب شهرها الرابع، وتؤكد في كل يوم ما هو مؤكد منذ البداية. لا حلول عسكرية للأزمة السودانية، واستمرار الحرب يوماً واحداً يعني زيادة معاناة الناس ووضع البلاد كلها على شفا حفرة من الانهيار، وزيادة احتماليات التفريط في وحدتها وسيادتها وتمزيق نسيجها الاجتماعي.

رغم ضجيج قارعي طبول الحرب وأكاذيبهم التي لا تنتهي إلا أننا نظل متمسكين بخيار الحل السياسي السلمي الشامل، وهذا هو جوهر عملنا اليومي.

أطلق البعض أكاذيب عن زياراتنا الأخيرة بالحديث عن نقاشنا لتكوين حكومة منفى وغيرها من الخزعبلات، وهو ما لم نتطرق له بتاتاً، وتركز كل نقاشنا حول كيفية الوصول لوقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية شاملة، والتعاطي العاجل مع الأزمة الإنسانية الخانقة التي تعصف ببلادنا وشعبها.

هنالك بعض المؤشرات التي ترجح خيار الحل السياسي الآن، بداية من التصريحات الإيجابية التي صدرت مؤخراً من قادة القوات المسلحة والدعم السريع حول تفضيلهم خيار التفاوض، والموقف الدولي والإقليمي الذي عبرت عنه قمم الاتحاد الأفريقي والإيقاد ودول الجوار، إضافة لاستعداد المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية لاستئناف منبر جدة في القريب العاجل.

الحل السياسي نفسه ليس نزهة ولن يكون ميسوراً، وقد زادت الحرب من تعقيد القضايا التي تواجه البلاد وعصفت باستقرارها وأمنها في العقود الماضية. أي حل سياسي يجب أن يجاوب على الأسئلة التالية:

1- كيف يمكن إنهاء وضعية تعدد الجيوش والوصول لجيش واحد مهني وقومي ينأى كلياً على السياسة، ولا يسمح فيه بأي تواجد حزبي لجهة، ويعبر عن تعدد وتنوع السودان، ويحتكر العنف الشرعي ولا يسمح ولا يقوم بإنشاء أو تسليح أي جهات أخرى خارجه على أي أساس من الأسس، ويخضع للسلطة المدنية ولحكم القانون وحقوق الانسان؟

2- كيف يمكن تأسيس نموذج شامل للعدالة ينصف ضحايا الجرائم المركبة التي ارتكبت ضد مواطني ومواطنات هذه البلاد في عقود متعددة وآخرها حرب 15 ابريل، وكيف يمكن محاسبة الجناة وإنصاف الضحايا وجبر الضرر عن كل ما أصاب الناس من مكروه مادي أو معنوي؟

3- كيف يمكن التوافق حول قواعد للتداول السلمي للسلطة دون هيمنة أو إقصاء؟ والتراضي على قواعد دستورية تؤسس لحكم مدني ديمقراطي مستدام؟

4- كيف يمكن إدارة العلاقة بين المركز والأقاليم بصورة عادلة تنهي كافة أشكال التهميش التي أقعدت ببلادنا وضاعفت من المظالم وراكمتها منذ الاستقلال وحتى الآن؟

5- كيف يمكن إعادة إعمار ما دمرته الحرب، واتباع سياسات اقتصادية تشجع الإنتاج وتوفر الرعاية والحماية للناس بصورة منصفة وعادلة؟

6- كيف يمكن إعادة بناء مؤسسات الدولة بطريقة تضمن تحريرها من قبضة أي حزب أو جهة وتجعل منها فعالة ومنصفة وتعبر عن تنوع البلاد وتعدده؟

هذه أسئلة مفتاحية بالإجابة عليها وأسئلة أخرى يمكن الوصول لحل مستدام ومنصف يضمن أن تكون هذه الحرب آخر حروب السودان، وأن يعود السودان أفضل مما كان.

هذه الأسئلة صعبة وليست سهلة ولكن أليس من الأوفق أن نبذل جهداً فكرياً وسياسياً وعملياً في الإجابة عليها بجدية ودون تبسيط مخل؟

حبذا لو بذلنا بعض الجهد في هذا الإتجاه عوضاً عن الاستغراق في غوغائيات “بل وجغم”، والاستماع لأكاذيب دعايات مروجي الحرب التي ترمي لتغييب العقل تماماً.

يمكن أن نصل لإجابات شافية وكافية متى ما كنا “شوية كده معقولين وموضوعيين”.. ممكن جداً جداً.

#لا_للحرب

* نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.