تصريحات العطا ضد الإمارات.. كاسات أم طموحات ؟
كتب: ذوالنون سليمان
.
طيبعة المكان -مبني المخابرات العامة- قد يكشف السر وراء خطاب ياسر العطا العدائي ضد دولة الامارات المتحدة وتشاد ويوغندا , وتهديده “الطفولي” باستهداف نظام حكمهم وأمنهم , للوهلة الاولي يبدو الخطاب متوافق مع تصريحاته السابقة عندما كان محاصرا في المهندسين , أشهرها كانت ضد قوي الحرية والتغيير والجيش الكيني والقبائل العربية في غرب السودان , متقمصا شخصية الجنرال الشرير أمام الجنرال الطيب “البرهان” في طريقة إدارتهم المشتركة للحرب , وتقسيمهم للأدوار بما يتوافق مع مصالحهم , ولكن , هذا الخطاب يختلف عنهم , ليس في أهدافه فقط ، بل في الأزمة أيضاً ، فهو بداية لتحولات في الحرب ومؤشر لتغيرات قادمة في قيادة الجيش . فلقاء ياسر العطا بقيادات العمل الامني ليس ارتجالي “وليد اللحظة ” بل مخطط له , عبر اختيارهم المكان بكل رمزيته السياسية ” مباني جهاز المخابرات العامة” والتي أصبحت معقل الجهاز الخاص -الجناح العسكري للإسلاميين- الذي يدير الحرب و يتحكم في مسار العملية السياسية , واختيارهم التوقيت المتزامن لزيارات البرهان الأخيرة لكينيا وإثيوبيا وجيبوتي وقبوله بمبادرة الايقاد وقمتها المقبلة حول السودان , ولقاءاته المتكررة مع دكتور عبد الله حمدوك وتواصله مع قوي الحرية والتغيير . واختيارهم الامارات بوصفها العدو التقليدي للإسلام السياسي وتصنيفهم لها كراعية لمشروع إبعاد الإسلاميين عن السلطة في السودان والاقليم . علي هذا النحو , يمكن قراءة تصريحات ياسر العطا في إطار الصراع الداخلي بين تيارات التسوية السياسية والحسم العسكري داخل قيادة الجيش والإسلاميين , وان تصريحات عضو المجلس السيادي الانتقالي ومساعد القائد العام ضد دولة الإمارات – بكل دلالاتها وعواقبها- مبايعة علنية لتيار الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية أساسها عدم التضحية بهم مقابل تحقيق طموحاته “التي لا تخفي “في القيادة والحكم , وأن اللقاء والترويج الإعلامي الكبير له رسالة إسلامية علنية للبرهان المشكوك في تحركاته وولاءه من قبل -الجهاز الخاص- الذي ينشط لإجهاض مبادرة الايقاد ومنبر جدة وأديس أبابا ، اللذان لا يتوافقان مع مصالحهم السياسية والعسكرية, لهذا , يجب عدم الاستخفاف بتصريحات الجنرال ياسر العطا ووضعها في خانة “الكاسات” فهي قد تعبرعن خلاف حقيقي داخل القيادة -بطرفيها-حول تصوراتهم لمسارات الحرب الدائرة بين خياري الحل السياسي المفضي لواقع عسكري وسياسي جديد أم الحسم العسكري المحافظ علي وضعية المؤسسات العسكرية والاقتصادية والسياسية تحت هيمنة منظومة الإسلاميين.