دروب السبت

0 162

 كتب: طلحة جبريل 

.

اعتدت السبت أو الأحد، أن أتجول طويلاً أو قليلاً في حي ” المحيط ” عندما أكون في الرباط . في كل مرة تجعلني أزقة وشوارع هذا الحي أتذكر . هنا تاريخ وحكايات ومفارقات وملابسات .

في ظني أن شوارع وأزقة هذا الحي شرعت صدري للحرية بمعناها المطلق . هنا كانت المشاعر المتدفقة، والأحلام الكبرى، وتلك أيضاً المتكسرة والمجهضة.

في هذا الحي في تلك الأيام البعيدة كنت ضائعاً بين أصوات القرية المختلطة وهدير بحر “المحيط” .

كثيرون يروقهم التمشي، والداعي لكم بالخير يعشق ذلك وأجد فيه متعة المناجاة والتذكر والحنين.

عندما كنت أتمشى اليوم دخلت شارعا أطلق عليه ” باندونغ” .

نعم باندونغ المدينة الأندونيسية التي انعقدت فيها أول قمة لدول عدم الانحياز، هذا مصطح في طور الانقراض إذ إن جميع “الدول السائر في طريق النمو” كما يطلق عليها، باتت الآن تبحث عن “الانحياز “.

تذكرت شخصيتين، وأنا أتمشى في شارع ” باندونغ”.

تعرفت على الأول في واشنطن. الفنان عبدالكريم الكابلي الذي تغني بالقصيدة الرائعة “آسيا وأفريقيا”، وكنت قد قدمته إلى الجمهور في العاصمة الأميركية بالصفة التي كنت أحملها يومئذ: رئيس اتحاد الصحافيين والكتاب السودانيين في أميركا.

بشأن الثاني في دواخلي حسرة لأنني لم التقيه قط، هو الشاعر الراحل السوداني تاج السر الحسن الذي كتب تلك القصيدة وتحدث فيها عن “قمة باندونغ ” ونضالات الدول الأفريقية والآسيوية ، في هذا السياق إشارة إلى “المقاومة وجيش التحرير المغربي ” .

أقتطف لكم بعض أبيات تلك الأنشودةالرائعة :

 

عندما اعزف ياقلبي الأناشيد القديمة

ويطل الفجر في قلبي على اجنح غيمة

سأغني آخر المقطع للأرض الحميمة

للظلال الزرق في غابات كينيا والملايو

لرفاقي في البلاد الآسيوية

للملايو ولباندونغ الفتية

يا صحابي صانعي المجد لشعبي

ياشموعا ضوءها الأخضر قلبي

يا صحابي وعلى وهران يمشي أصدقائي

والقنال الحر يجري في دمائي

وأنا في قلب أفريقيا فدائي

وعلى باندونغ ستمتد سمائي

ياصحابي ياقلوبا مفعمات بالصفاء

يا جباها شامخات كالضياء

عند حلفا وعند خط الاستواء

فلقد مدت لنا الايدي الصديقة

وجه غاندي وصدى الهند العميقة

صوت طاغور المغني

بجناحين من الشعر على روضة فن

يادمشق كلنا في الفجر والامال شرق

ها هنا ينطلق القوس الموشى

من كل دار وكل ممشى

نتلاقى كالرياح الاسيوية

كاناشيد الجيوش المغربية

واغني لرفاقي في البلاد الاسيوية

للملايو ولباندونغ الفتية

********************************

 

مع الفنان الراحل عبدالكريم الكابلي، رحمة الله عليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.