تحديات إقتصادية قاسية تنتظر «جمهورية باربادوس» بعد إستقلالها عن بريطانيا
خلعت التاج لتواجه اقتصاداً متعثراً.. تعرف إلى جمهورية باربادوس
ستكون ميسن أول رئيسة للبلاد، وستلعب دوراً رمزياً إلى حد كبير، خلف رئيسة الوزراء ميا موتلي. وخلال الحفل، الذي أقيم في العاصمة بريدجتاون، أعلنت موتلي، أمام حشد من الجماهير، المغنية ريانا، ابنة الجزيرة، بطلةً قوميةً. وقالت موتلي لريانا: «أتمنى أن تستمري في التألق مثل الماس وأن تجلبي الشرف لأمتك من خلال أعمالك وأفعالك»، في إشارة إلى أغنيتها «دايمونز» (الماس) التي تصدرت قوائم الأغاني في عام 2012.</span
جاء إقرار النظام الجمهوري في باربادوس، المستقلة منذ 1966، بعد سنوات من الجدل الداخلي بين أبناء الجزيرة حول النفوذ البريطاني وقرنين من العبودية، لتنتهي المناقشات بإعلان قطع الجزيرة علاقاتها مع الماضي الاستعماري لأول مرة في تاريخها، واجتثاث رموز الاضطهاد، وذلك بعد نحو 400 عام على وصول أول السفن الإنجليزية إلى الجزيرة.
العبودية
فمنذ عام 1625، وصل البحارة الإنجليز في عهد الملك جيمس الأول إلى باربادوس واستوطنوها حتى الاستقلال عام 1966. وخلال تلك القرون، تم تطبيق قوانين العبيد، وتم استجلاب ذوي البشرة السمراء لخدمة المزارعين الأغنياء، الذين هيمنوا على الجزيرة سياسياً واقتصادياً. لكن مع الوقت، هاجر البيض، وتوسع استيراد العبيد من قارة أفريقيا، فتحولت التركيبة السكانية من إنجليز واسكتلنديين في القرن الـ17 إلى غالبية أفريقية بحلول نهاية القرن الـ18.
ولم يتم إلغاء تجارة الرقيق إلا عام 1807، وبعد بضعة أعوام، ثار العبيد في 1816، وقاموا بأكبر حركة تمرد لهم في تاريخ الجزيرة، طردوا خلالها البيض من المزارع دون إراقة دماء.
لذلك، يرى أبناء الجزيرة اليوم أن التحرر من التاج البريطاني يمثل لهم «لحظة تاريخية»، بل وينتقدون دعوة الأمير تشارلز إلى الحدث، واستقباله بـ21 طلقة تحية.
التسمية
تختلف النظريات حول أصل تسمية «باربادوس». البعض يقول إن معناها «الأرض الحمراء ذات الأسنان البيضاء»، نسبة لصخورها الحمراء ومنحدراتها الشاطئية بزبد أمواجها البيضاء. والبعض الآخر يقول إن معناها «الملتحون»، ويختلفون حول ما إذا كانت “ملتحون” تشير إلى جذور أشجار التين الطويلة المتدلية، أم إلى سكان الجزيرة الكاريب الأصليين الذين كانوا يطيلون لحاهم.
تحديات اقتصادية
صحيح أن التخلص من بقايا النظام الاستعماري لن يكون له تأثير مباشر على اقتصاد باربادوس أو علاقاتها التجارية، إلا أنها ستجد نفسها مضطرة من اليوم فصاعداً إلى مواجهة التأثير الاقتصادي لجائحة كوفيد-19 على السياحة، عماد اقتصاد الجزيرة، المعروفة بروعة شواطئها وصفاء مياهها، التي منحتها لقب «لؤلؤة جزر الأنتيل الصغرى».فقبل الجائحة، كان أكثر من مليون سائح يزورون الجزيرة سنويا، لا سيما السياح القادمون من بريطانيا. ويؤشر الهدوء الآني في شوارع العاصمة بريدجتاون، التي طالما كانت مزدحمة، والعدد الضئيل من الزوار، والحياة الليلية التي أصبحت باهتة، على الصعوبات التي ستواجهها الجزيرة.
ولإعطاء صورة أكثر إيضاحاً عن تأثير السياحة، انكمش الاقتصاد بين عامي 2001 – 2002 بسبب تباطؤ قطاع السياحة والإنفاق الاستهلاكي وتأثير هجمات 11 سبتمبر 2001، لكنه انتعش في عام 2003 وأظهر نمواً منذ عام 2004.
ورغم أن باربادوس كانت تحتل المرتبة 51 من بين أغنى دول العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، يبلغ معدل البطالة الآن نحو 16% بزيادة 9% على السنوات السابقة، رغم زيادة الاقتراض الحكومي لتمويل أشغال القطاع العام وخلق فرص العمل.
وتمتلك لؤلؤة الأنتيل اقتصاداً مختلطاً متطوراً. ووفقاً للبنك الدولي، صنفت في المرتبة 66 من بين الاقتصادات الأعلى دخلاً في العالم. فقد اعتمد اقتصاد الجزيرة، تاريخياً، على زراعة قصب السكر، التي تم من أجلها استجلاب العبيد من القارة السمراء، لكن في أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، بدأ التوجه نحو تنويع الاقتصاد وتطوير قطاعي الصناعة التحويلية والسياحة.
كما شهدت الجزيرة، لا سيما في 2006، طفرة في قطاع البناء والعقارات، مع تحديث وإعادة تطوير الفنادق ومجمعات المكاتب والمنازل. وخلال الأعوام الماضية، شجعت الإدارة الاستثمار الأجنبي المباشر، وخصخصة ما تبقى من الشركات المملوكة للدولة.
وتمتلك باربادوس ثالث أكبر بورصة في منطقة البحر الكاريبي. ويدرس مسؤولوها حالياً إمكانية زيادة التبادل الاستثماري المحلي مع السوق الدولية للأوراق المالية.
تفكك الكومنولث
تفتح الخطوة التي قامت بها باربادوس تفتح الخطوة التي قامت بها بارباالباب أمام مقترحات مماثلة في المستعمرات البريطانية السابقة الأخرى، التي تخضع لسيادة الملكة إليزابيث، والتي تشمل جامايكا وأستراليا وكندا.
فهذه هي المرة الأولى منذ 3 عقود التي يتم فيها عزل الملكة من رئاسة الدولة. وفي عام 1997، سلمت بريطانيا هونغ كونغ إلى الصين، بعد استعمار دام أكثر من 150 عاماً. وسبق أن أعلنت موريشيوس، الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، نفسها جمهورية في عام 1992.
وفي 1952، اجتاحت حركات الاستقلال العديد من المستعمرات البريطانية السابقة التي قطعت العلاقات مع التاج، خصوصاً بسبب الغزو الدموي وتجارة الرقيق. وفي 1947، تحولت الهند، «جوهرة التاج»، إلى جمهورية مستقلة. وفي هذا السياق، لا يستبعد المراقبون أن تحذو ممالك أخرى حذو الجزيرة الكاريبية لتتحرر من التاج البريطاني.