في حوارها (بل ترو) مُراسلة “الاندبندت” بالشرق الأوسط مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، تم الكشف فيه عن أحد أهم المعلومات وهي عن أحداث فض الاعتصام بميدان القيادة العامة للقوات المسلحة، حيث تظل أحداث فض الاعتصام وما رافقها من وحشية وقسوة وقتل للثوار الأبرياء، أحد أهم أبرز الأحداث التي حفرت عميقاً في الوجدان الجمعي للسودانيين، ومما يدعو لمَعرفة الجُناة الحقيقيين لينالوا قصاصهم العادل، وذلك أحد أهم مطلوبات الثورة، والذي من أجله أصدر مجلس الوزراء قراراً بتكوين لجنة وطنية مُستقلة بسُلطات واسعة للتحقيق حول هذه الأحداث، وهو ما يجعل من نتائج هذه اللجنة وتحقيقاتها ذات أهمية بالغة بالنسبة لكل السُّودانيين بمُختلف ألوان طيفهم وفئاتهم.
وما كشفه القائد “حميدتي” في هذا الحوار يُعتبر بالغ الأهمية وجديداً، حيث اعتبر فض اعتصام القيادة في الثاني من يونيو المنصرم بأنه انقلابٌ، وأعلن عن اعتقال نحو (200) شخص على الأقل بتُهمة انتحال صفة الدعم السريع في مُحاولة لتشويه سُمعتها، وأكّد على وجود ما أسماها بالمُساءلة الداخلية، ويشمل ذلك التحقيق في جريمة فَض الاعتصام، وكشف “حميدتي” عن وجود ضُباط مُلحقين بالدعم السريع يحملون رتباً مُختلفة، من بينهم ضباط برتبة لواء ينتمون للنظام القديم شاركوا في فض الاعتصام، وأشار إلى أن قُوّاته تتعرّض لاستفزازات لا تُوصف، ورفض الادعاءات التي تُواجهها واعتبرها استهدافاً مُمنهجاً من قبل النظام السّابق، ووصف قُوّاته بأنّهم (حُماة دارفور وحُماة الثورة)، وأكّد “حميدتي” أنّ أولويته في الوقت الراهن هو نجاح الحكومة المدنية.
وقد تم تبادُل اتّهامات كثيرة في هذا الحانب مُتعلِّقة بخُصُوص مَن ارتكب هذه الجريمة التي نفتها كل المنظومة الأمنية حتى المجلس العسكري الانتقالي سابقاً، الذي نفاها بشدّةٍ مع إقراره بأوامره للفض ولكن ليس القتل، كما بدا من الأحداث التي أعلن بعدها أنه تعرّض فيها لخديعة ما، ثُمّ اتّجه الرأي إلى اتهام قوات الدعم السريع بذلك وانفردت بالوصف، على الرغم من أنها جُزءٌ من المنظومة العسكرية والأمنية التي اشتركت في عملية الفض، وهو ما أثار الكثير من الشكوك والتساؤلات لماذا يتم اتّهام قوةٍ واحدةٍ من بين كامل قوات المنظومة الأمنية، وهنا يتّضح ما أشار إليه قائد قوات الدعم السريع إلى ما يشبه المُؤامرة والخديعة الكبرى في هذه الأحداث، حيث يتّهم فيها الدولة العَميقة وعناصرها التي ظلّت مُخترقةً بهم قواته تحسباً لمثل هذه الأوقات التي يُحاول فيها الانقلاب عليهم، وذلك بدا واضحاً في انحيازه للثورة، وهذا الموقف كَانَ حَاسِمَاً في تحوُّلات مَوازين القُوة وتَوازُناتها الداخلية بالنظام السّابق الذي يَرَى فيه سبباً رئيساً لنجاح الثورة، ولم يكن القائد “حميدتي” مُضطراً لقول ذلك لأن وعي الشعب فهم هذه المُؤامرة البشعة، إلا أنّ استمرار مُحاولات البعض المسعورة لتشويه الدعم السريع والعمل على قطع جذور الثقة المُتنامية بينه وبين جماهير المُواطنين، هي من أنطقته، وقد تحدّث من قبل من أنه لا يُريد استباق التحقيقات الرسمية لبيان الفاعل الحقيقي لمَجزرة القيادة، وظل منذ ذلك الوقت مُطالباً بالتحقيق، وقد أعلن في مُخاطبةٍ جماهيريةٍ له بقرية قرِّي أنه يستعجل التحقيق حول هذه القضية لتبرئة ساحة قوات الدعم السريع وكشف الحقائق أمام الشعب السوداني، ولعل نتائج التحقيق لن تَطُول حتى يعلم الجميع المَسؤول الحقيقي الذي باشر القتل بميدان الاعتصام .