الخرطوم: سودان نت .
عام مضي من عمر ثورة 19 ديسمبر المجيدة التي ليس كمثلها ثورة علي الصعيد الإقليمي والدولي، وأصبحت مصدراً لإلهام شعوب أخري تكتوي بذأت نار الإستبداد. وكان سلاحها السلمية، سلميةّ في وجه نظام مستبد جثم علي صدر الشعب السوداني ثلاثين عاماً أذاقه خلالها شتى أنواع العذاب من بطش وتنكيل وتشريد وقتل وهدر للحقوق والكرامة الإنسانية. سلميةّ رفعها الشباب شعاراً وطبقوها بياناً على أرض الواقع رغم أنهم واجهوا الرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع وهم عزل في معركة استمرت لزهاء الخمسة أشهر، لا يحملون معهم فيها من زاد أو عتاد سوى إيمانهم بعدالة القضية وحبهم لتراب هذا الوطن الغالي وحلمهم بمستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة. وسقط منهم العشرات شهداءً واُعتقل واُصيب المئات، لم تثنيهم كل تلك التحديات عن مواصلة المعركة، فكان لسان حالهم أن لا إستراحة في وقت المعركة كما قال أيقونة الثورة الشهيد عبدالعظيم أبوبكر (عظمة) الذي قابل الرصاص الحي بشارع الأربعين بأم درمان بصدر مكشوف في مشهد جسد معني البطولة والثبات والتضحية من أجل القضية والوطن .
ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻋﺎﺭﻣﺔ ﻓﻲ 12 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ الماﺿﻲ ﺑﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻭﻻﻳﺎﺕ الشماﻟﻴﺔ ﻭﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻓﻲ 19 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ السياسية والإﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ اﻟﻤﺄﺯﻭﻣﺔ في البلاد، ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻻﺣﻘﺎ ﺍﻟﻰ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﻟﺮﺣﻴﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ بعد إنضمام ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺭﻑ ﻭﻭﻻﻳﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻤﻮﺟﺔ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ومن هنا بدأت ملامح ثورة عظيمة في التشكل.
وكان دخول القوي السياسية علي خط الثور علامة فارقه، من خلال (ﻗﻮﻯ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ) وﻫﻲَ ﻣﻜﻮّﻧﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴّﺔ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺗﺘﺸﻜّﻞ ﻣﻦ ﺗﺠﻤّﻊ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﻴﻦ، ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﺔ ﻭﺗﺤﺎﻟﻒ ﻗﻮﻯ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤُﻌﺎﺭِﺽ وعدة كيانات معارضة اخري. ﺗﺄﺳّﺴﺖ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ في مطلع ﻳﻨﺎﻳﺮ من العام 2019 ﺧِﻼﻝ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت وﻗﺎﻣﺖ ﻫﺬه القوي ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ (ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ) ﺍﻟﺬﻱ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ والفعل الثوري الدؤوب، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻘﺐَ ﺍﻹﻃﺎﺣﺔ ﺑﻪِ بعد أنحياز اللجنة الأمنية لمطالب الشعب في 11 ﺃﺑﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ 2019 وتنحية البشير من السلطة وتوليها ادارة البلاد بعد إعتصام حول القيادة العامة استمر لشهرين، شكل ضغطاَ كبيراَ علي المجلس العسكري قبل ان يُفض بصورة عنيفة، ومجزرة حصدة ارواح العشرات من الشباب الثائر بالأضافة الي مئات الجرحى والمفقودين.
ﻭأﺻﻠﺖ ﻗﻮﻯ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ بعد ذلك ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﻓﻲ ﻭﺟﻪِ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻜﻢَ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻧﻈﺮﻳًﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﺛﻢّ ﺩﺧﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺻّﻠﺖ ﻣﻌﻪُ ﻓﻲ 17 ﻳﻮﻟﻴﻮ 2019 الي إتفاق أفضي لتشكيل مجلس سيادي شرفي وحكومة إنتقالية بسلطات واسعة لتُدير البلاد في فترة إنتقاليه أمدها ثلاث سنوات، اُختير لرئاستها د. عبدالله ادم حمدوك بتوافق من مكونات الثورة .
وأستأذنت حكومة الثورة الإنتقالية التي يرأسها د. عبدالله أدم حمدوك جموع الشعب السوداني في ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ صدر في الأول من ديسمبر الحالي وﻣﻬﺮﻩ ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﺭﺋﻴﺲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻔﻮﺽ، ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﻋﻤﺮ ﻣﺎﻧﻴﺲ، وحمل في متنه روح الثورة التي أعادة الي الشعب السلطة وأصبح هو صاحب القرار الأول والفاعل وليس المفعول به، قال: “أن ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﺴﺘﺄﺫﻥ ﺷﻌﺒﻬﺎ لإﻧﻄﻼﻕ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺬﻛﺮي ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺜﻮﺭﺓ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ السلمية اﻟﻤﺠﻴﺪﺓ ﻣﻊ ﺑﺰﻭﻍ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺸﻬﺮ ديسمبر وتتواصل حتي ﺧﻮﺍﺗﻴﻤﻪ، ﻛﻲ ﺗﺘﺰﺍﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﺣﺘﻔﺎﻻﺕ الذﻛﺮﻯ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭالستين للإﺳﺘﻘﻼﻝ”، ﻭأضاف مانيس: “ﺇﻥ ﺇﻋﻼﻥ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺜﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺫﻛﺮﻯ ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻟﻜل ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﺕ، ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻤﺪﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﻟﺘﻘﻮﻡ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﺰﻡ، ﻭﺗُﻘﺪِّﻡ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻦ، ﻟﺘﺨﺮﺝ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻃﺎﺕ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺣﺘﻰ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺭﺑﻮﻉ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ. عام مضي من عمر ثورة ديسمبر المجيدة التي التف حولها السودانيين من كل الأطياف والجهات والسحنات، وكان للمرأة فيها دور كبير، حققت من خلاله العديد من المكاسب منها اسقاط رأس النظام وحكومة المؤتمر الوطني في إبريل من العام الماضي، لكن لازالت هناك العديد من التحديات التي تواجه الثورة وحكومتها أهمها وقف الحرب وإحلال السلام، وقضية العدالة الإنتقالية ودماء الشهداء، الي جانب تحدي التحول الديمقراطي.