٢٠١٩ … عام التغييرات

0 88

يظل عام 2019 محفوراً في ذاكرة الشعب السوداني، سيما وأنه شهد اقتلاع نظام جثم على صدر البلاد لثلاثين عاماً من الزمان، عاماً ملئ بالأحداث المحزنة والمفرحة، لكنه عام التغييرات بامتياز، فبجانب البشير، سقط رئيساً آخر في اقل من 24 ساعة، نتناول من خلال هذه السطور بعض الأحداث التي صاحبته، كان آخرها حتى اللحظة الحُكم بالإعدام شنقاً حتى الموت على 27 من منسوبي جهاز الأمن في قضية قتل الشهيد أحمد الخير.

احتجاجات شعبية
(تسقط بس) بهذا الهاشتاق استقبل المواطنون العام 2019 في احتجاجات شعبية عاصفة على نظام البشير، راح ضحيتها العديد من الأرواح والجرحى بعد مظاهرات منتظمة خرجت في العاصمة والولايات تطالب بإسقاط نظام الإنقاذ، وشهدت الاحتجاجات كر وفر ومواجهات بين الأجهزة النظامية والمحتجون الذين لم يأبهوا للقمع الذي واجهتهم به السلطات، وبالرغم من تنظيم النظام وقتها لمسيرات مماثلة وتقليل قيادات الحكومة من الاحتجاجات إلا أنها نجحت في مسعاها بسقوط مدوي لنظام حكم البلاد ثلاثين عاماً من الزمان.
الانقلاب على البشير
مَع بداية شهر أبريل أفلح المحتجون في الوصول إلى محيط القيادة العامة، وحينها قرر تجمع المهنيين السودانيين عقدَ اعتصام مُتواصل لإسقاط النظام، وكانت هناك مُحاولات للقوات الأمنيّة لفض الاعتصام بالقوّة مُقابل رفضِ عددٍ من الجنود النظاميين الذين اشتبكوا معها بالرصاص الحيّ مما تسبّب في مقتل 3 جنود على الأقل وإصابة عددٍ آخر ، بعدها تطوّرت الأمور بشكل سريع حيثُ حاولت القوات الأمنيّة مُجددًا اختراق الاعتصام مُستعملةً في ذلك الغاز المسيل للدموع إلّا أن جنودًا سودانيين وقفوا في وجهِ أجهزة الأمن ومنعوهم من التقدم بعدما انتشروا في محيط مقر القيادة العامة في العاصمة وأغلقوا أغلب الطرق المؤديّة للمجمع، وفي صبيحة يوم الخميس الموافق 11 أبريل اجتمعَ عددٌ منَ القادة العسكريين دون حضور الرئيس البشير ثم بعدها بساعات سيطرت القوات المسلحة على مقر الإذاعة والتلفزيون فأتلت بيانًا على لسان وزير الدفاع عوض بن عوف الذي أعلنَ فيهِ إطاحتهُ بالرئيس عمر البشير واعتقاله كما شكّل مجلس عسكري انتقالي يتولى حكم البلاد لمدة عامين وفرضَ حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر فضلًا عن تعطيل دستور عام 2005 وإجراء انتخابات في نهاية المرحلة الانتقالية.
رئيسان في يوم واحد
عوض بن عوف والذي كان وزيرًا للدفاع ونائبا للرئيس، أصبح رئيس الدولة بعد استلام العسكر للسلطة، وذلك بحكم الأمر الواقع، إلا أن تلك الخطوة قوبلت بالرفض من قبل تجمع المهنيين السودانيين ما وصفه بـ(بيان انقلابيي النظام)، ودعا التجمع المحتجين إلى مواصلة اعتصامهم أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة، وقال في بيان إن (سلطات النظام نفذت انقلابا عسكريا تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار شعبنا العظيم عليها).. الرفض الشعبي الواسع لرئاسة ابنعوف دفعه إلى إعلان تنازله عقب أقل من 24 ساعة، عن رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، واختيار المفتش العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلفا له.
قيادات الإنقاذ في كوبر
بعد استلام المجلس العسكري للسُلطة عمل على اعتقال العديد من رموز النظام وإيداعهم سجن كوبر، بقيادة أحمد هارون، عوض الجاز، عبد الرحيم محمد حسين، علي عثمان محمد طه، نافع علي نافع، حسبو محمد عبد الرحمن، محمد يوسف كبر، محمد حاتم سليمان، أبو هريرة حسين، محمد أحمد حاج ماجد، مأمون حميدة، كمال الدين عبد القادر، كمال الدين إبراهيم، الزبير محمد الحسن، جمال الوالي، الحاج عطا المنان، آدم الفكي، عبد الله البشير ، الفاتح عزّ الدين، حامد صديق، عبد الباسط حمزة، علي يوسف السماني، عبدالرحمن الخضر، وآخرون، إلى جانب الرئيس المخلوع البشير.
فض الاعتصام
الثابت أن ثورة ديسمبر مرت بمخاض عسير، حيث لم يكن الطريق أمامها مفروشاً بالورود، بل كان شائكاً، وإن كان هناك عقبات قد أعترت طريقها وخصمت من فرحتها، هي عملية (فض الاعتصام)، تلك الخطوة التي تعتبر بمثابة نقطة سوداء في الثورة، والتي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص، ومئات الجرحى وعشرات المفقودين.. وشكل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لجنة للتحقيق في الحادثة برئاسة المحامي نبيل أديب، ومازالت تجري تحقيقاتها حول الحادثة سيئة الذكر، فيما مازال أمر بعض المفقودين يكتنفه الغموض.
البشير خلف القضبان
من الأخبار التي حظيت برواج واسع النطاق هذا العام، والتي انفردت بها صحيفتكم (آخر لحظة)، إيداع البشير سجن كوبر، فيما شهدت 2019 ايضاً إدانة البشير، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية حكماً بإدانة المعزول بتهمة الثراء الحرام والتعامل غير المشروع بالنقد الأجنبي، وأصدرت حكماً مخففاً بالسجن عامين، حيث قرّرت وضعه في مؤسسات الرعاية الاجتماعية والإصلاح، ومصادرة أمواله.. فيما تنتظر المخلوع قضايا آخرى مثل بلاغ تقويض النظام في العام 1989، سيما وأن النيابة العامة ذكرت بأن البشير تنتظره قضايا تصل عقوبتها الإعدام، غير أن هنالك مطالبات حقيقية بتسليم البشير للمحكمة الجنائية .
حمدوك رئيساً للوزراء
شهر أغسطس كان على موعد مع عهد جديد بتوقيع المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير على الوثيقة الدستورية وذلك بعد شد وجذب وتوترات ومظاهرات وتدخلات من دول خارجية، تلك الاتفاقية نتج عنها تعيين د. عبدالله حمدوك رئيساً للوزراء، وتشكيل مجلس السيادة من 11 عضوا، هم ستة مدنيين وخمسة عسكريين، برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان.. فيما تم تأجيل تشكيل المجلس التشريعي والولاة إلى ما بعد تحقيق السلام بحسب الاتفاق مع الحركات المسلحة، على أن يحل مجلسا الوزراء والسيادي محل التشريعي إلى حين تشكيله.
الوطني .. رئاسة غندور وحل الحزب
بعد سقوط نظام الإنقاذ بفترة بدأ حزب المؤتمر الوطني في الظهور تدريجياً، عبر بيانات أوضح فيها رأيه في عدد من قضايا الراهن السياسي، حتى أعلن الوطني عن اختيار البروفيسور إبراهيم غندور رئيساً للحزب، وتكليف عبد الله صافي النور رئيساً للقطاع السياسي وعبد الواحد يوسف رئيساً لقطاع التنظيم وسناء حمد العوض رئيساً لقطاع العلاقات الخارجية وموسى طه رئيساً لقطاع الإعلام ومحمد الواثق أبو زيد رئيساً لقطاع الشباب وزهير صلاح لقطاع الطلاب وسامية حسن لقطاع المرأة وانتصار ابو ناجمة للقطاع الفئوي وعواطف الجعلي للقطاع القانوني، فيما أعلن عن تسمية أنس عمر رئيساً للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم.. ولم يمر كثير وقت حتى اقر مجلسا السيادي والوزراء قانون تفكيك الإنقاذ، والذي بدأ خطواته بحل المؤتمر الوطني في سابقة تعد الثانية من نوعها في تاريخ البلاد، ثم أصدر رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قرارا قضى بتكوين لجنة لإزالة التمكين برئاسة الفريق ركن ياسر عبد الرحمن حسن العطا.
رحيل حسنين
في شهر مايو توفي القيادي البارز بالتجمع الاتحادي السوداني المعارض علي محمود حسنين، عن عمر يناهز 80 عاماً، وكان قد عاد المعارض البارز للنظام السابق إلى السودان، عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير بعد عشر سنوات قضاها في منفاه الاختياري بالعاصمة البريطانية لندن، وتوجه من المطار مباشرة إلى ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، وخطب المعتصمين مؤكداً أهمية استمرار الثورة حتى تحقق أهدافها.. حسنين من ضمن القانونيين الذين قدموا عريضة الاتهام في مواجهة من دبروا انقلاب 1989 .
اعتذار عبدالرحمن
من الأحداث التي وجدت ردود أفعال واسعة ايضاً اعتذار مساعد الرئيس المخلوع اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي، والذي أصدر بياناً اعتذر فيه علنياً للشعب السوداني عن مشاركته في نظام البشير، وأبدى استعداده لقبول أي مسألة قانونية، وذهب أكثر من ذلك حينما دعا الآخرين الذين شاركوا النظام المخلوع إلى تقديم اعتذار مشابه وعدم معاندة الشعب مفجر الثورة .
رئيسان في السعودية
في سابقة تعد الأولى من نوعها أجرى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك زيارة مشتركة إلى المملكة العربية السودانية، الرئيسان اجريا مباحثات مع ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز تناولت سبل تطوير التعاون بين البلدين، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية.

تقرير: جاد الرب عبيد

الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.