قانونيين يسلمون مذكرة حول فض الاعتصام للجنة الوطنية

0 151

الخرطوم – السودان نت

سلم مجموعة من المحامين نهار اليوم  مذكرة قانونية للجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو ٢٠١٩ والاحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق الانسان وكرامة المواطنين بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة والولايات .

وتحصلت “السودان نت ” علي المذكرة التي تهتم بتحقيق العدالة في احداث فض الاعتصام امام القيادة العامة للقوات المسلحة ، وتنشر “السودان نت “هذه المذكرة لرفع الوعي بقضايا الحقوق والعدالة .

نص المذكرة ؛

إلى: اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو 2019 والأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة والولايات.

مذكرة حول المسؤولية عن فضّ الاعتصام والانتهاكات موضوع التحقيق.

مقدمة من : مجموعة محامين

* مدخل :
هو نشيدٌ طويل من كوكبة الشهداء. نشيدٌ عزيزٌ وغالٍ علينا. نشيدٌ مقدَّس؛ لأنه نشيدٌ تمَّتْ صياغتُه بالدم والشهادة، وانفتح بندائه العظيم على فضاء التحوُّلات الكبرى في حياتنا، بأيقوناتها الثلاث: (حرية، سلام وعدالة). ولكي يحيا النشيد حياته بين الناس لابدَّ من قصة تشهد على هذه الأيقونات الثلاث ببطلها الإنسان السوداني في خيط المكان؛ كما لابدَّ من قصاص يعدِل في الحياة لأُولي الألباب. وحتى تكتملَ القصةُ بسردها التاريخيِّ؛ سنظلُّ نُردِّد خلف شهيدنا العظيم “عبد العظيم”: ” تعبنا يا صديقي لكن؛ لا يمكننا الاستلقاء أثناء المعركة”؛ فيما يُكرِّس الشهيد “حنفي عبد الشكور” نفسَه كترسٍ سوداني شاهدٍ على التضحية؛ بينما يصرخ الشهيد مطر بمطرٍ منهمر دائماً على ذاكرتنا: “حرام علينا لو دم الشهيد راح”
غير أن التزامنا الصارم بمقولة شهيدنا عباس فرح: ملتزمون بكل الأعمال الثورية التي تضمن الحرية والسلام والعدالة”؛ هو مايضمن للنشيد أن يُضيئَ، ولأجسادنا وأرواحنا أن تتعافى في صحة الشهداء؛ فوراءنا جثثٌ وسيمة تبتسم.

السادة رئيس وأعضاء اللجنة
الموقرين

لا يخفي عليكم، أن القضية التي تتناولها لجنتُكم الموقرة، تتصل تماماً بالمصلحة العامة للمجتمع، وننتظر نحن وجماهير الشعب السودانى بأسره نتائج تحقيق يكشف الحقيقة، ولذلك فإن مشاركتنا في مسار التحقيق، من خلال تعبيرنا عن شواغلنا، يستهدف مساعدة لجنتكم مما يساعد الضحايا على استعادة الكرامة، والإسهام بقوة في تحقيق يفضي إلى الحقيقة، ويساعد على إبراء الجراح.
لذا نبسط بين أيديكم بعض ما نري أنه من الضروري أخذه بعين الإعتبار لأجل تحقيق جاد وناجع. لمصلحة العدالة والحقيقة؛ فإننا نرى أن التحقيق، في فض الاعتصام في مختلف ولايات السودان، لن يصل إلى النتيجة المرجوَّة، ما لم يتعامل مع الجرائم التي ارتُكِبت، باعتبارها جرائم ضد الانسانية ارتُكِبت بطريقة منظمة، في هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد مجموعة من المدنيين، وارتكبت على يد قوات نظامية أو تابعة لها أو بالتنسيق معها، مما يتطلب التحقيق حولها وفق أسس الجرائم ضد الإنسانية.

أننا نتقدم بهذه المذكرة للجنة التحقيق الوطنية المستقلة لنعينها في القيام بواجبها مبينين في نفس الوقت المعايير التي يجب أن يسير على نهجها التحقيق ونعيد التذكير بالوقائع الثابتة التي يتوقع الشعب السوداني وينتظر إجابات واضحة حولها لتوفر البينات.
إن أسر الضحايا والمجتمع بأسره يتوقعون تحقيقاً نزيها وشفافا يكشف عن كل جوانب الحقيقة، ويسمّي كل الجناة بأسمائهم وأن تُسند إليهم المسؤولية بمستوى إثبات كاف لمنع إفلاتهم من العقاب، وفي ذلك لن ترضى أسر الضحايا أو جماهير الشعب السودانى الثائر بأي قدر من المسائلة لا يطال المتورطين الفعليين في فض الاعتصام مهما كانت قوتهم ومكانتهم.

وقائع الثالث من يونيو :
رُوِّع السودانيون في الثالث من يونيو 2019، والذي صادف التاسع والعشرين من شهر رمضان المعظّم، بهول الجرائم التي ارتُكِبت في ميدان الاعتصام وحوله، وفي أنحاء متفرقة من السودان، تلكم الجرائم التي شملت القتل رمياً بالرصاص، وإلقاء الأحياء والجثث في النيل، الاغتصاب والعنف الجنسي، الضرب والتعذيب والاضطهاد، والإختفاء القسري، حرق الخيام، منع وصول الضحايا إلى مراكز الرعاية الطبية، التعدِّي على المستشفيات ونهبها، وتدمير ونهب ممتلكات في جامعة الخرطوم، وإتلاف عدد مهول من الممتلكات التي تخص المعتصمين، وجهات مؤجرة لمنصات إعلامية وأجهزة صوت وإضاءة، وأجهزة تكييف وخيام ومواد تموينية وهواتف نقالة، وتقدّر قيمتها جميعاً بمئات المليارات، وغير ذلك من الجرائم.
قبل بزوغ فجر الثالث من يونيو 2019، تحرَّكت قوات من الدعم السريع والشرطة والجيش وجهاز الأمن والمخابرات، وأحاطت بميدان الاعتصام، وقامت بفضّه الاعتصام، وقد تزامن مع ذلك الفض ، فضُّ اعتصامات أخرى في مدن متفرقة في السودان، وقد شهدت عمليات الفض ارتكاب جرائم في مختلف أنحاء السودان، وقد قَدَّر تقرير نقابة أطباء السودان الشرعية عدد القتلى في الفترة من 3 وحتى 8 يونيو بمئة وأربعة وعشرين قتيلاً في الخرطوم وفي ولايات أخرى، وتشير جهات أخرى إلى أن العدد يتجاوز ذلك بكثير، بالإضافة إلى المئات من الجرحى بإصابات متفاوتة، وعدد من المفقودين.

الوقائع الثابتة :
1. تطويق ساحة الاعتصام في الساعات الأولى من صباح يوم 3 يونيو 2019 والهجوم على المعتصمين بشكل مباغت، وقد طوق المهاجمون المعتصمين من كافة الجهات.
2. ارتكبت في هذا الهجوم جرائم القتل، والاغتصاب، والحرق داخل الخيام، والطعن بالسونكي، ورمي الجثث في النيل، ومنع واستهداف المسعفين، ومهاجمة المستشفيات، والاعتداء على الأطباء.
3. حرق عيادات الأطباء الموجودة في ساحة الاعتصام، والاعتداء الجسدي واللفظي على الأطباء.
4. ضرب النساء والرجال والأطفال بالهراوات والسياط، وإذلالهم بوضع الحذاء على الوجه، واستخدام الألفاظ النابية التي سمعت في أكثر من تسجيل تظهر كل ملامح المهاجمين.
5. استهداف الشباب في حراسة المتاريس وضربهم بالذخيرة الحية وعن طريق القنص لمن نجا منهم ومنع إسعافهم، (تظهر في التسجيلات المصورة مناظر الجثث ويعلق عليها بعض المهاجمين على انهم قتلوا بالذخيرة).
6. استمرار الهجوم على محيط منطقة الاعتصام لساعات طويلة واستمرار حصار مدن الخرطوم الثلاث لأكثر من أسبوع، واستباحة كل الحقوق والحريات وقتل عدد من الثوار في الشوارع بالرصاص الحي.
7. حصار أعداد كبيرة داخل المناطق القريبة من مناطق الاعتصام والبحث عنهم في عمليات انتقام لقتلهم واغتصابهم، وتعرُّض كل من استطاع الخروج حياً للضرب المتواصل عبر كل نقاط الارتكاز التي أقامتها القوات في جميع تقاطعات مدن الخرطوم الثلاث.
8. قطع المجلس العسكريّ الإنترنت بأوامر مباشرة لمنع وصول المعلومات المحفوظة في هواتف الشهود إلى العلن.
9. أذاع رئيس المجلس العسكريّ في بيان تلفزيوني ليلة المذبحة بالتزامن مع استمرار اعتداء القوات على المدنيين، بياناً أعلن فيه وقف التفاوض وانفراد المجلس بالسلطة إلى أن يقوم بتشكيل حكومة تسيير أعمال.
10. مازالت الأسر تبحث عن المفقودين الذين انقطعت أخبارهم منذ يوم حادثة فض الاعتصام، ويظهر في كل فترة البعض منهم وقد فقد الذاكرة نتيجة للتعذيب.

الوقائع التي يجب أن يشملها التحقيق :
1. التحقيق في الوقائع التي تشير إلى الملثمين والقناصة الذين تم التعرف عليهم والقبض عليهم حسب تصريحات القوات المسلحة.
2. التعرف على الأفراد الذين قاموا بحرق الخيام ونهب مقتنياتها وقد ظهروا في الفيديوهات يقومون بعملية النهب، وهم يسيرون بين الجثث الملقاة على الأرض؟
3. الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على النساء (ظهر في الفيديو أحدهم يمسك بفتاة من عنقها وإجبارها بطريقة مهينة ومذلة لأن تصرخ عسكريّة، وكذلك تكرر نفس الفعل مع آخر يبدو واضحاً من ملامحه أنه طفل).
4. الحصول على سجلات بأسماء الجنود الذين يرتدون الزي النظامي وهم يقتحمون منطقة الاعتصام ويصيحون “ما تجيبو حي” وقد أشار نائب رئيس المجلس الانتقالي بأنهم مستجدون.
وقد كانوا يطلقون الرصاص بشكل كثيف قبالة الترس الذي ظهر فيه الشهيد عباس مضرجاً بدمائه وظهور جثث أخرى، علق المهاجمون في التسجيل المصور بأنهم قتلوا بالذخيرة.
5. الحصول على سجلات بأسماء ومعلومات عن كل الجنود الذين ظهروا في التسجيل المصور بالزي الرسمي وهم يحيطون بمئات الجثث والجرحى لمعتصمين.
6. التحقيق حول كافة المعلومات عن الجثث التي انتشلت من النيل، وهي ليست محصورة في تلك الجثث التي ظهرت أمام المشرحة، فهناك تقارير عن عدد 40 جثة انتشلها المواطنون وأثبتت ذلك لجنة الأطباء المركزية.
7. الحصول على كافة المعلومات والبيانات عن الجنود الذين كانوا ينهالون على المواطنين بالضرب في الشوارع ومنها واقعة الاعتداء على المواطن علاء الدين إبراهيم، وقد تناقلت المشهد كل القنوات في العالم كدليل ناصع على استباحة حريات السودانيين؟
8. التحقيق حول كافة المعلومات المتوفرة عن الاغتصاب، وذلك بحصر التقارير التي نشرتها لجنة الأطباء المركزية وجامعة الأحفاد والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى إفادات الناجين والشهود واسر الضحايا.
9. التحقيق حول المفقودين خاصة الأشخاص الذين تم التوصل اليهم لاحقا وذلك بجمع المعلومات عن إفاداتهم وإفادات المعالجين واسر الضحايا.
10. استقالة والي الخرطوم في ذات يوم فضّ الاعتصام، سببه؟ وما هي معلومات الوالي عن عملية الفض، ولماذا لم يشارك في الاجتماع الذي قرّر الفض.

هل يُعتبر فضُّ الاعتصام جريمة :
إن فض الاعتصام بالطريقة التي تم بها ووفقاً لما سردناه من وقائع، مُخلِّفاً عدداً كبيراً من الضحايا، منهم من قُتل ومنهم من اغتُصِب ومنهم من أُصيب إصاباتٍ جسيمة، أو من امتُهِنت كرامته، ووقوع كل تلك الجرائم والانتهاكات بمشاركة قوات من مختلف القوات النظامية، يُشكِّل جريمة لايمكن وصفها إلا بكونها تمَّت بتدبير وتنظيم من قيادة هذه القوات، كما أنه لايمكن النظر إليها بأنها جريمة تمت بصورة منفردة، إنما هي عمل جماعي ومنظم اتَّخذت فيه القرار قيادةٌ عليا..قامت بانزاله للجهات التى نفذته
للوصول إلى رؤية واضحة حول مسار التحقيق، وللوصول إلى ماهية الاعمال غير المشروعة التي قامت بها القوات والتي شكَّلت جريمة متكاملة ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، لابد من السؤال التالي:
هل كان الاعتصام تجمُّعاً مشروعاً؟
إن كانت الإجابة بالإيجاب، فهل يجوز فضُّه بالطريقة التي فُضَّ بها؟ ما هي مسؤولية الأشخاص والقوات التى شاركت في عملية فض الاعتصام؟ وماهي مسؤولية القادة الذين أصدروا الأوامر، وماهي مسؤولية القادة الذين امتنعوا عن تقديم المساعدة الضرورية ووقف الهجمات على المعتصمين، خاصة من جهاز الشرطة، أو قادة القوات المسلحة في سلاح البحرية والجوية والبرية والفرقة السابعة مشاه ، الذين كانوا موجودين خلال ارتكاب تلك الجرائم والانتهاكات، بالقيادة العامة، وكذلك الضباط وضباط الصف والجنود؟
إن الإجابة على سؤال مشروعية الاعتصام هو المدخل الصحيح للإجابة على بقية الأسئلة المطروحة هنا. نُجيب على السؤال الأول المتعلِّق بمشروعية الاعتصام بالإيجاب، أى أن الاعتصام كان تجمُّعاً مشروعاً لمجموعة من السكان المدنيين السلميين، وقد تأكدت مشروعية الاعتصام هذه، من خلال تصريحات الجهات القائمة على شأن الحكم في ذلك الوقت، عبر وسائل الإعلام، فقد كانت تصريحات رئيس وأعضاء المجلس العسكري وكافة السلطات تعترف بمشروعيته، وتُردِّد مراراً أن لا نية لفضِّه، وأن للمعتصمين كامل الحرية للبقاء في ساحة الاعتصام فترة رمضان وما بعده، مما يدعونا هنا للتأكيد على مشروعية الاعتصام.

هل يُجوّز القانون، لأية سلطة، فضَّ التجمُّع المشروع؟
بالاطلاع على قانون الإجراءات الجنائية نجد أنه نظّم إجراءات فض التجمع غير المشروع كما نظّم استعمالَ القوةِ في فضّه.
من خلال ما نصَّ عليه قانونُ الإجراءاتِ الجنائية، يتضح أن فضَّ التجمع، لايكون إلا للتجمعِ غيرالمشروع؛ فمتى كان التجمُّعُ مشروعاً لايجوز فضُّه بأيةِ وسيلةٍ كانت، لأن مالم يُجرَّم بقانون، يُصبح مباحاً وبالتالي تجب حمايتُه قانوناً، ولما كان التجمع الواقع في محيط القيادة العامة تجمُّعاً مشروعاً، ما كان لأية سلطة أو قوة، أن تقوم بفضّه، سواء كان ذلك الفض بالقوة المسلَّحة، أم بالطرق السلميةِ، مالم تُقرِّر المجموعة المعتصِمة اتِّخاذ القرار بنفسها وتنصرف.
إذاً، ومن خلال الإجابة أعلاه يضحى من الصحيح قانوناً، اعتبار ما تمَّ من القوات المشاركة في فضِّ الاعتصام، جريمةً يُعاقِب عليها القانون.

تكييف الوقائع وفقاً للقانون :
العديد من الأفعال التي شكَّلت الجرائم موضوع التحقيق، يعتبرها القانون الجنائي، حسب المادة 186 منه، جرائمَ ضد الإنسانية، ويُعاقَب بالإعدام أو السجن المؤبَّد أو أية عقوبة أقل، كلُّ من يرتكب بنفسه أو بالاشتراك مع غيره أو يشجّع أو يُعزِّز ” أي هجوم واسع النطاق أو منهجي موجَّه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وهو على علم بذلك الهجوم، ويقوم في ذات السياق بارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية.”
ثم عدَّدت المادة الجرائم، ومن بينها القتل، الجرائم الجنسية، إلحاق أذى بدني أو نفسي بشخص محتجز، أو تحت سيطرة المتهم، الأفعال اللإنسانية المماثلة لما هو منصوص عليه في المادة، والتي تلحق بالمجني عليه معاناة شديدة، أو ضرراً بالغاً بالجسم أو الصحة النفسية.
ومن المعلوم أن الجرائم ضد الإنسانية، قد نُصَّ عليها في القانون الجنائي السوداني، في العام 2010، استجابة لضغوط دولية تدعو لانضمام السودان لنظام روما الأساسي الذي بموجبه تشكَّلت المحكمةُ الجنائيةُ الدولية، ويكاد يكون ثمة تطابق في تعريف الجرائم ضد الإنسانية، في القانون الجنائي السوداني وفي نظامِ روما الأساسي، ولأنه لا يوجد في القانونِ الجنائي السوداني تعريف للمصطلحات التي تُشكّل عناصر الجريمة ضد الإنسانية، ولعدم وجود تطبيق قضائي في هذه الجرائم، يكون من المناسب الرجوع إلى نظام روما الأساسي، وإلى تطبيقاتِ القضاءِ الدولي لفهم عناصر هذه الجرائم.
تنص المادة 7/2/أ من نظام روما الأساسي على:
“تعني عبارة” هجوم موجَّه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين” نهجاً سلوكياً يتضمن الارتكاب المتكرِّر للأفعال المشار إليها في الفقرة (1) ضد أية مجموعة من السكان المدنيين, عملاً بسياسةِ دولةٍ أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم, أو تعزيزاً لهذه السياسة.”
فضلاً عن أن الجرائمَ موضوع التحقيقِ، قد ارتُكِبت خلال” هجوم” في المعنى المقصود، فقد أظهرَ الجناة سلوكاً متكرراً لارتكاب الجرائم موضوع التحقيق، فهي جرائم متعددة استغرق ارتكابُها زمناً طويلاً.
ولا شك أنه سلوك صدر عن قدرٍ عالٍ من التنظيم، أظهر اتِّفاقاً وانضباطاً في ارتكاب الجرائم، غض النظر عما سيُسفر عنه التحقيق؛ فالثابت أن ثمة هجوماً تسنده سياسة، وبالتالي يُحقِّق معنى الهجوم المحدد في المادة 7/2/أ من نظام روما الأساسي.
وقد جاء في قرار اعتماد التهم، الصادر عن غرفة ما قبل المحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية، ضد روتو وآخرين: “ترى المحكمة أن الهجوم المخطَّط، الموجَّه والمنظَّم، على نقيض الأفعالِ التلقائيةِ المعزولة، يكفي للقول بوجود سياسة، ويمكن أن نخلص إلى وجود سياسة، من القصور المتعمَّد عن اتخاذِ فعل، عن وعي وبقصد تشجيع الهجوم.” ( ICC-01/09-01/11-373 23-01-2012)
وقد عرَّفت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، في حكم استئنافي، مصطلحي “واسع النطاق” و “منهجي” وذكرت:
يُشير مصطلح” واسع النطاق” إلى مستوى وطبيعة الهجوم وعدد الضحايا، بينما يُشير مصطلح ” منهجي” إلى الطبيعة المنظَّمة لأفعالِ العنف، وعدم أرجحية وقوعها عشوائياً.( Case ICTR-00-56- A, JUDGMENT ( AC))
فهل ينطبق تعريف الجريمة ضد الإنسانية أعلاه، على الأفعال التي ارتُكِبت في سياق فضّ الاعتصام؟
يمكن إجمال تلك الأفعال والوقائع، من خلال تتبُّع تصريحات القادة العسكريين والمسؤولين في الأجهزة العدلية والشهود والمصابين، فيما يلي:
1. تصريحات الفريق شمس الدين كباشي التي أدلى بها في بيان رسمي من خلال مؤتمر صحفي، والتي عدد فيها الجهات والأشخاص الذين حضروا الاجتماع الذي دعا اليه المجلس العسكري، وذكر منهم رئيس القضاء والنائب العام بغرض أخذ المشورة، وقد أقر في ذلك المؤتمر بقرار فض الاعتصام وإعطاء الأوامر لقادة الوحدات العسكرية بالتنفيذ، وقال قولته التي سارت مثلاً ” وحدث ما حدث” إلا أنه عدل عنه- بعد أن مُرِرَت له ورقة في المنصة، وقال المقصود فض (منطقة كولمبيا).
2. تصريحات النائب العام السابق الوليد سيد احمد محمود، ووكلاء النيابة الذين رافقوا القوات وقد أفادوا بان فض الاعتصام كان قد بدأ فور وصولهم إلى (منطقة كولمبيا) أي أن فض (منطقة كولمبيا) لم يكن هو المستهدف وإنما فض الاعتصام.
3. إفادات العديد من الذين كانوا داخل ميدان الاعتصام، بالإضافة إلى ما نُشِر من خلال منصات التواصل الاجتماعي، التي أكدت أن القوات التي قامت بفض الاعتصام كانت قوة منظمة قوامها الدعم السريع وقوات بملابس الشرطة وأخرى بملابس القوات المسلحة وجهاز الأمن.
4. كما أفاد الشهود وثبت من خلال المواد المصورة والفيديوهات أن القوات المذكورة والتي لا يقل قوامها عن 5 ألف مشارك كانت مكونة من الجنود وضباط الصف وبقيادة عدد من الضباط بما فيها رتب عليا (أعلى من نقيب).
5. ثبت أيضاً ومن خلال إفادات الشهود والفيديو والصور أن تلك القوات تسلحت بالأسلحة النارية، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، والهراوات والخراطيش السوداء وعبوات الغاز المسيل للدموع والتي تُستخدم عادةً، في فض التجمعات.
6. ثبت أيضا أن فض الاعتصام في الخرطوم تزامن معه فض الاعتصامات المختلفة في جميع في ولايات السودان في التوقيت والطريقة.
7. ثبت أيضاً ومن خلال تقارير رسمية وتقارير لجنة الأطباء المركزية والشهود والضحايا أن عملية الفض، نتج عنها عمليات قتل جماعي باستخدام الذخيرة الحية، وعمليات اغتصاب للعديد من المعتصمين من الجنسين، كما وقعت إصابات جسيمه وأخرى خفيفة للعديد من المعتصمين.
بتطبيق نص المادة 186 وما أوردناه من تعريفات وتطبيقات للقضاء الدولي على الوقائع التي تم ذكرها أعلاه، فإننا نرى أن جريمةَ فضِّ الاعتصام، لا يمكن النظرُ اليها دون استصحاب نص المادة (186) من القانون الجنائي، والتحقيق فيها كجريمة ضد الإنسانية.
وإذ خلصنا إلى أن جريمةَ فضِّ الاعتصام هي جريمة يمكن إدراجُها تحت الجرائم ضد الإنسانية، كونها تمَّت ضد مدنيين في تجمُّعٍ مشروع، فهل يُعتبر القادةُ من العسكريين أو القادة القائمون على الأجهزة النظامية مسؤولين عن تلك الأفعال حتى ولو لم يصدروا الأوامرَ المباشرة بالفض؟
عرّف القانون الجنائي الفعل بما يلي :(الكلمات التي تدلُّ على “الفعل “تشمل “الامتناع” المخالِف للقانون كما تشمل الأفعال المتعدِّدة)، أيضاً، وكما أوردنا سابقاً، فإن القرار باعتماد التهم في المحكمة الجنائية الدولية ضد روتو وآخرين، اعتبر القصور المتعمَّد عن اتخاذ الفعل، وعن وعيٍ وبقصد تشجيع الهجوم، دليلاً على وجود سياسة.
بمتابعة وقائع فض الاعتصام في محيط القيادة العامة، ثبت من خلال الفيديوهات المصورة وشهادة الشهود، أن بواباتِ القيادةِ العامة لكل من قيادة القوات البحرية والبرية والجوية والفرقة السابعة مشاة، تم قفلُها في مواجهة المعتصمين الذين حاولوا الاحتماء بها والدخول إلى حوش القيادة العامة، وقد تم منعهم بالقوة، بل تم طرد من تسلل بالجدران، رغم توسلهم للجنود لإبقائهم لأنهم يخرجونهم لمواجهة الموت. فهل ما قام به بعضُ الضبَّاط والجنود من قفلٍ لهذه البوابات، تصرُّفٍ فردي منعزل؟ أم هو تصرفٌ صدر بناءً على سياسةٍ وتوجيهاتٍ صادرةٍ من القيادة العليا؟ وللإجابة على هذا السؤال، لابد من استجوابِ قادةِ الأسلحةِ البرية والبحرية والجوية والفرقة السابعة مشاة، كما يجب استجواب الضبَّاط المسؤولين في ذلك الوقت، والذين كانوا حضوراً اثناء عملية الفض، وكذلك ضباط الصف والجنود.
للتعرف على طبيعة مسؤولية القادة والضباط الذين كانوا موجودين أثناء الفض في محيط القيادة، وقيادات القوات المسلحة، لابد من الإشارة إلى الوقائع التالية:
تمَّت عملية فضِّ الاعتصام أمام بواباتِ القيادةِ العامة، وتحت بصرِ العديد من الجنودِ والضباط.
استمرت عملية الفض لأكثر من خمس ساعات، دون تدخُّلٍ من أيةِ قوة لمنع ارتكاب الجرائم. واستمر صوتُ الذخيرةَ الحيّة طوال فترة فضّ الاعتصام، كما انتقل الهجوم إلي مناطق الخرطوم كافة، واستمر طوال يوم 3 يونيو والأيام التالية.
لم تتدخَّل أية قوة عسكرية أو شرطية لمنع إطلاق الرصاص على المدنيين ولم يثبت صدور أية أوامر أو توجيهات، بوقف الهجوم أو صدّه من القيادات العليا للأجهزة النظامية.
من خلال ما تمَّ إيرادُه أعلاه، لابد من الإشارة إلى أن التحقيق في هذه الجريمة، يجب أنْ يشمل الوحدات العسكرية والضباط والجنود الذين كانوا في محيط القيادة العامة، ولم يتدخلوا لوقف الجرائم التي كانت تُرتكَب في حق المدنيين.

مسؤولية القادة بحكم الوظيفة والسيطرة :
بحكم الموقع الوظيفي في قيادة القوات المسلحة وإدارة شؤون الحكم في وقت ارتكاب الجريمة، فإنه لابد من التحقيق حول مسؤولية أعضاء المجلس العسكري وأن تجري التحقيقات وفق مبادئ التحقيق في الجرائم الخطيرة (الجرائم ضد الإنسانية) التي ترتكبها القوات النظامية للبحث في مدى توفر عناصر مسؤولية القادة، وهي يمكن أن تكون مسؤولية مباشرة عن الجرائم التي تمت، إما باتخاذ الأوامر المباشرة، أو بالامتناع عن اتِّخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الفعل، بما يعتبر تشجيعاً واغراءً وتحريضاً للقوات التي قامت بعملية الفض، مما يُشكِّل مخالفة للقانون الجنائي تستوجب العقاب. فقد ورد في المادة 25/1 من القانون الجنائي، في تعريفها للتحريض، أنه:
“إغراء الشخص لغيره بارتكاب جريمة، أو أمره لشخص مكلَّف تحت سلطاته بارتكابها”
ونصَّت المادة 25 /4 على ما يلي:
“مَن يُحرِّض شخصاً على ارتكاب فعل معين يكون مسؤولاً عن ارتكاب أي فعل آخر يُشكِّل جريمة يرتكبها ذلك الشخص إذا كان الفعل الآخر نتيجة لذلك التحريض.”
وعليه لابد وأن يشمل التحقيقُ الأشخاصَ الذين حضروا اجتماع المجلس العسكري الذي قرَّر فض الاعتصام أو (منطقة كولمبيا)، كما يجب بيان كيفية إصدار الأوامر وكيفية تسلسلها من خلال سلسلة القيادات، وما هو التفويض الممنوح للقوات؟ وما حجم القوات وتسليحها؟ وهل كان ثمة أية أوامر مكتوبة لتحريك القوات أم لا؟ ولماذا لم تقم القيادات بواجب حماية المدنيين والتصدي للقوات المهاجمة؟
الوقائع الثابتة المتعلقة بمشاركة القوات النظامية المكوَّنة من عدَّة تشكيلات، توفر بيّنة مبدئية عن مسؤولية المجلس العسكري، هذه البيّنة تعضدها الصور والفيديوهات وبقية البينات التي وثَّقت تحركات القوات في محيط موقع الاعتصام. إضافةً إلى حجم القوات وتحركاتها العسكريّة الواسعة بأسلحة نحو القيادة العامة، واستمرارها في إطلاق الأعيرة النارية في كل الاتجاهات، وهذه الجزئية يجب أن ينظر إليها مقترنة بالقدرات الاستخباراتية الواسعة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية – سيّما وأنها كانت قد كشفت أثناء استمرار الاعتصام عدد من المحاولات الانقلابية- مما يوجب التحقيق الشفاف حول علم المجلس العسكري بهذه الوقائع وبالتالي تحديد مسؤوليته في الفشل في التصدي لهذه القوات وحماية المدنيين،
إن الادعاء بأن القوات أُرسِلت (لتنظيف) منطقة كولمبيا يتناقض وحجم القوات التي نفذت الهجوم على المدنيين، ويتعارض مع إفادة النائب العام ورئيس القضاء حينما أنكرا المشاركة في مناقشة أمر فض الاعتصام. كما ذكرا بأنهما قد أشرفا على السيطرة على (منطقة كولمبيا) ولم يحتاج الأمر لحشد آلاف الجنود.
يمكن التعرف على أسماء ورتب وتسليح كل فرد وضابط كان موجوداً في يوم 3 يونيو 2019 في منطقة القيادة، من خلال الاطلاع على يومية عمل القوات المتواجدة في ذلك اليوم، إضافة إلى إفادات قادة وأفراد هذه القوات، وباستخدام وسائل الإثبات العادية المتاحة بالصورة والصوت.
أعضاء المجلس العسكري مسؤولون وفق أسس مسؤولية القادة، ويجب أن ينحصر التحقيق بشأنهم حول طبيعة هذه المسؤولية، بأنهم إما مسؤولون لأنهم قد أصدروا الأوامر بارتكاب المذبحة، أو بطبيعة السلوك أثناء عملية فض الاعتصام والسلوك اللاحق لحدوثها. هذا بالإضافة لكونهم مسؤولين مسؤولية مباشرة بحكم موقعهم الوظيفي كقادة مسيطرين على كل القوات. فالقول بأن هناك قوات متفلته أو حدثت مؤامرة، دفع يجب أن ينظر اليه في ضوء حجم القوات التي دخلت إلى منطقة الاعتصام وتقدّر بالآلاف وهل جاءت دون علمه؟ علاوة على انه لم يبدر منهم أي فعل يشير إلى تحرك لوقف هذه القوات.
إطلاق النار الكثيف يجعل الجريمة معروفة للكافة، فلماذا لم يتدخل المجلس العسكريّ لوقف الهجمات على المعتصمين باعتباره السلطة المسؤولة عن إدارة شؤون البلاد وحماية المواطنين، وسيطرته على كافة القوات في البلاد، في ذلك الوقت. كما استباحت القوات وسط المدينة واحتجزت المواطنين لتعذب من تعذب وتقتل من تقتل وتغتصب من تغتصب طوال اليوم، بل والأيام التالية، دون أن يكون هناك أي بادرة لإيقاف هذه الانتهاكات. وبالتالي فقد فشل المجلس في الوفاء بمسؤوليته عن حماية المدنيين في ساحة الاعتصام، وتقاعس عن واجبه في ضمان عدم الاعتداء على المعتصمين وعدم إيقاف الهجوم أثناء وقوعه.
إن تقاعس القوات والقيادات العسكرية، عن اتِّخاذ الخطوات الضرورية لحماية المدنيين في مثل هذا الهجوم، يعتبر مشاركة وتشجيعاً على ارتكاب الجريمة، وهو أيضا خيانة أخلاقية لشرف الوظيفة يظل وصمة عارٍ في جبين هذه المؤسسات طوال تاريخها، فقد ظل الخزي ومازال، يلاحق قوات الامم المتحدة، نتيجة تقاعسها عن حماية المدنيين في رواندا جراء المذبحة التي جرت هناك، وفق ما قال به الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في عام 2014، وبعد 20 عاماً من المذبحة التي حدثت في عام 1994 ” إنَّ الأمم المتحدة مازالت تشعر بخزي لما تم في رواندا في حضور قواتها وعدم قدرتهم و تقاعسهم عن حماية المدنيين”.

مسؤولية القادة عن الفشل في منع ارتكاب الجريمة أو إيقافها :
منذ اليومِ الأولِ للاعتصامِ أمام القيادة، كانت هناك وقائع ثابتة توضح ضرورةَ حمايةِ المدنيين المعتصمين، حيث تمثلت المخاطر في عدة محاولات لتفريق الاعتصام، تمثلت في الهجوم المسلح الكثيف لثلاث ليالٍ متتالية، إضافة إلى اعتداءاتٍ متفرقة أُطلِق فيها الرصاصُ الحي على المتظاهرين. واستمرت المحاولات الليلية لفض الاعتصام بالقوة، وقد تصدى لها أفراد الحراسة (المتاريس) أمام القيادة العامة، وقد راح ضحية ذلك عدد من الثوار وأفراد وضباط من القوات المسلحة، كما وقد تم قتلُ بعضِ المهاجمين والقبض على بعضهم. ورغم خطورة هذه الأحداث، لم يصرّح المجلس العسكري مجرد تصريح حيال تلك الهجمات، مكتفياً فقط بنفي التهمة.
وكان المجلس العسكري يعلن باستمرار، أنه لا ينوي فضَّ الاعتصام، ومثال لذلك في 13 مايو 2019 صرّح المجلس العسكريّ بأنه “يجدّد تأكيدَه على عدم فضِّ الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة بالقوة، مشدداً على حسم الممارسات السالبة خارج منطقة الاعتصام”. وفي تعميم صحفي آخر قال المجلس: “تردد في عددٍ من وسائط التواصل ووسائل الإعلام، أن هنالك محاولات لفض الاعتصام بالقوة من جانب القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، عليه نؤكِّد للمواطنين جميعاً والمعتصمين على وجه الخصوص، أن هذا الحديث عارٍ من الصحة تماماً، وقد ظل المجلس العسكري يكرر أنه لا فض للاعتصام بالقوة”.
ولمعرفة الأوضاع قبل فض الاعتصام، يكفي النظر في بعض الجرائم التي تحدثت عنها قوى الحرية والتغيير، فعلى سبيل المثال، نشرت قوى الحرية والتغيير بياناً بتاريخ 30 مايو 2019 أي قبل أربعة أيام من واقعة فض الاعتصام، والذي حذّرت فيه من خطرٍ داهم، وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة:
“في أعقاب أحداثِ اليوم والأمس التي فقد فيها ثلاثة شهداء آخرون من الثورة السودانية حياتهم، أظهر المجلس العسكريّ الانتقالي علاماتٍ واضحة على نواياه في استخدام القوة لتفريق الاعتصام. قُتل مواطنان بالأمس من بينهم سيدة حامل برصاص قوات المجلس العسكري الانتقالي، وأُصيب اليوم ثمانية مواطنين وتوفي أحدُهم على يد قواتٍ مماثلة باستخدام الرصاص. يتراكم عدد واضح من الشاحنات العسكريّة التي تحمل رموز الاستخبارات العسكريّة وقوات الدعم السريع وقوات الأمن في مواقع مختلفة حول منطقة الاعتصام. قام المجلس العسكريّ الانتقالي بمهاجمة وكالة الأنباء رامتان قبل ثلاثة أيام، وقد قام في وقت سابق اليوم بإغلاق قناة الجزيرة الدولية وغيرها من المكاتب الإعلامية في الخرطوم، علاوة على ذلك، تم إرسال خطاب تحذير إلى البعثات الدبلوماسية في الخرطوم لتحذيرهم من زيارة مناطق الاعتصام، وقد عقد المجلس العسكريّ الانتقالي بعد ذلك مؤتمراً صحفياً لاتهام الاعتصام بتهديد البلاد والثورة بفقدان سلميتها. رافق ذلك في حينه إطلاق الرصاص الحي على مسيرة سلمية قادمة من جنوب الخرطوم نحو منطقة الاعتصام”. هذه الوقائع تعظِّم من مسؤولية القادة العسكريين، مما يجعل التحقيق معهم حول حماية المدنيين جانب مهم من أعمال هذه اللجنة، وعليها أن تتحصل على إجابات وفق هذا التحقيق يتم وزنها مع هذه البينات.

الاختفاء القسري :
من حقِّ الإنسان وأسرتِه ومعارفِه أن يجدَ الحمايةَ من “الاختفاء القسري”، ويُعتبر الاختفاءُ القسري، في حال ارتكابِه بطريقةٍ ممنهجةٍ وواسعة، من ضمن الجرائم الخطيرة، حيث يُصنَّف وفق القانون الجنائي الدولي، بأنه جريمة ضد الإنسانية والاختفاء القسري، بالضرورة، يتم بفعلِ فاعلٍ يقوم بالفعل القسري، وبالتالي كان لابد أن يكون من واجب الدول أن تحمي مواطنيها من الاختفاء القسري، الذي عادةً ما يرتبط بفعلِ القواتِ النظامية. وقد يأخذ أشكالاً متعدّدة، أكثرها شيوعاً هو الاعتقالُ بعيداً عن أنظارِ العالم Incommunicado detention ويُعتبَر الشخصُ الذي يتعرَّض للاعتقال دون إخطار محاميه وذويه، ويُمنَع من الاتصال بالعالم الخارجي، قد تعرّض للاختفاء القسري، مضافاً إليه الاعتقال التعسفي. ووفقاً للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي اعتمدتها الأمم المتحدة، فإن على الدول اتخاذ كافةِ التدابير والتشريعات، والقيام بالتحركات السريعة والفعّالة لإنهاءِ أية حالة تصل إلى علمها تتعلق بالاختفاء القسري أو الاعتقال التحفظي. وقد عرّفت الاتفاقية الاختفاء القسري:
(لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد ب‍الاختفاء القسري: الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرِمه من حماية القانون). ونصَّت في المادة الثانية منها على أنه:
“لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري”. وبالتالي فان من ضمن واجبات هذه اللجنة في كشف الحقيقة أن تتحري عن مصير كافة من فقدو وفق نطاق اختصاصها وعليها أن تقوم بتفتيش كافة أماكن الاحتجاز والتحري مع كافة الأجهزة المعنية بالاعتقال التحفظي وسيكون من أول واجباتها تفتيش مواقع معتقلات جهاز الأمن.

عليه ولما سبق إيرادُه من نقاطٍ جوهرية، متعلقة بوقائع فض الاعتصام والملابسات التي احاطت به، والتي تشيرُ لمسارات واضحة تلقى بالمسؤولية على جهات واشخاص بعينهم، وفقا لما ورد من نصوص قانونية ووقائع ثابتة وبينات دامغة، فإننا نقوم برفع هذه المذكرة للجنتكم الموقرة، كمحض اشاراتٍ واضاءات في طريق تحقيق العدالة والقصاص العادل وكشف الحقيقة، وفي توجه اجراءات التحقيق نحو الطريق الواجب اتباعه.
وختاماً نرجو من سيادتكم نظر هذه المذكرة بعين الإعتبار، وإطلاعنا والرأي العام عبر منصاتكم الإعلامية، على مجريات التحقيق وفق ما يسمح به تكليفكم،وبما يزيل القلق، ويزيد الثقة في عمل اللجنة وما تنتهي إليه التحقيقات.

ولكم وافر التقدير

الأساتذة المحامون :
١ / سمير شيخ ادريس .
٢ / عز الدين عثمان .
٣ / حيدر عبد الرحمن .
٤ / على عجب .
الخرطوم فبراير ٢٠٢٠

من اقوال الشهداء :

” اعتصام شنو البفضوهو و لسه فينا روح ؟ ”
الشهيد : مجتبى صلاح

‏” تعبنا يا صديقي لكن لا يمكننا الاستلقاء اثناء المعركه ”
الشهيد : عبد العظيم أبوبكر

‏”عش بسرعه او مت شاباً و اترك خلفك جثة وسيمة الملامح”
أخاف على ثورتنا من النخب
سلاح شنو يا بليد سلمية بس
الشهيد : عبد السلام كشه

‏”حرام علينا لو دم الشهيد راح”
الشهيد : محمد هاشم مطر

‏” انا لست رعديداً يكبل خطوه ثقل الحديد ”
الشهيد : الفاتح النمير️

‏” ثقف شعبك ثم ادفع به نحو الحرية ”
الشهيد : احمد كهربا

ان غدوت شهيد فهل ستحبونني؟ فإني والله ما رأيت حبا” مثل حب الثوار لشهدائهم
الشهيد : علاء الدين

انتو اشتغلو شغلكم واضربو بنبناكم ونحنا بشتغل شغلنا وبنترس
الشهيد : الوليد

اتخيل معاااي حال البيوت الفيها شهيد وجاييها العيد
الشهيد : قصي حمدتو

‏” ملتزمون بكل الاعمال الثورية البتضمن حرية , سلام , عدالة ”
تعال يا ولدي البس سفنجتك وبطل شفقه ”
سفنجه شنو يا يمه الاعتصام بتفضا
الشهيد : عباس فرح

تاني ما بنترس بالحجارة بنترس بي نفسنا اخوانا قتلوهم في القيادة
الشهيد : حنفي عبد الشكور

دوشكات شنو بتخوفنا
قدام السونكى حتلقانى
في وش المدفع تلقاني
لشهيد : صلاح الطيب

الترس ده بنحميه بدمنا
الشهيد : عثمان محمد قسم السيد

دمتم فى علياءكم
الرحمة والمغفرة للشهداء

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.